«إنها المرة الأولى التي يكتب بها بالعربية على هذا الجدار» كان هذا تعليق مسؤولة صالة «ديبو للفنون» في مدينة إسطنبول لدى تعليق أولى لوحات معرض «صدى من حمص»، الذي تحتضنه صالة تُعد من أهم صالات إسطنبول ما بين (7 إلى 8 أغسطس/ آب 2017) حيث سيتم الاختتام بندوة حوارية بعنوان «لنتذكر حمص».والمعرض الذي افتتح مساء أول من أمس (السبت)، بحضور لافت، يشارك فيه عدد كبير من الفنانين والكتاب وموسيقيين ومبدعين من حمص يأتي محاولةً للحفاظ على إرث مدينة حمص الثقافي المادي واللامادي بعد تعرض أكثر من ثلثي أحيائها القديمة والحديثة للتدمير الكامل، وتهجير غالبية سكانها.الكاتب الحمصي نجاتي طيارة اعتبر المعرض «مقاربة في حب حمص» وقال: «من يعرف حمص، فسيتذكر أنها موغلة في التاريخ ومعتدلة في الجغرافيا. هي واسطة العقد بين دمشق عاصمة الجنوب، وحلب عاصمة الشمال. وإذ تنفتح سهولها على البحر غرباً، فهي تتصل ببادية الشام وتدمر شرقاً، الأمر الذي جعلها معتدلة المناخ كما جعل أهلها معتدلي المزاج وفق آراء مؤرخين. ولعل ذلك أسهم في الاعتدال والمرح اللذين أضفتهما على الثقافة السورية، وقد استحقت أخيراً لقب عاصمة الثورة، لكن من يعرفها سيقول إنها عاصمة القلب في سوريا».ويأتي هذا المعرض الذي تضمن لوحات فنية وصوراً ونصوصاً أدبية وتاريخية عن مختلف مناحي الحياة في حمص بعد شهر من احتضان دار وصالة «كلمات» في إسطنبول لمعرض تشكيلي «ألوان من حمص» الذي حقق نجاحاً لافتاً، وشكّل تمهيداً لمعرض أوسع «صدى من حمص». منسقة المعرض نشوة حمدون قالت لـ«الشرق الأوسط»: «المعرض جاء نتيجة جهد جماعي كبير لأبناء مدينة حمص في الداخل والخارج، ومجموعة (سمات)... (سوريون من أجل التراث) وبالتعاون مع دار وغاليري «كلمات» لصاحبها عدنان الأحمد، ومركز أناضول الثقافي، وبرعاية منظمة كرست فوندشن.وحاول المعرض «إتاحة الفرصة للتعرف على الحياة الاجتماعية، الثقافية والفنية للمدينة والخوض في إرثها الثقافي، من خلال صور للأماكن التاريخية والرمزية للمدينة، ومجموعة أعمال فنية لفناني حمص، بالإضافة إلى فعاليات أخرى تهدف إلى زرع الألفة مع المدينة، أهلها وتقاليدها» بغية التأكيد على أن «لسوريا وجوهاً أخرى جميلة يجب ألا نسمح للحرب والإرهاب بطمسها ومسحها من الذاكرة».استغرق التحضير للمعرض عشرة شهور من العمل المتواصل، وجاءت النتائج مرضية تماماً، و«لم يضع تعب تلك الشهور التي أصبح فيها المعرض طفلي المدلل أمنحه كل وقتي»، كما تقول نشوة حمدون، «فقد كانت الأصداء ممتازة في أوساط الحضور من العرب والسوريين والأتراك والأوروبيين، وكانوا يسألون عن تفاصيل كثيرة تتعلق بحمص وعاداتها وتقاليدها، وتفاعلوا مع الأغاني والموسيقى الحمصية، وصفقوا ورقصوا كما لم يتوقفوا عن الغزل بطعم حلاوة الجبن الحمصية التي قدمها المعرض للزوار للتعريف بصناعة الحلويات الخاصة بحمص».أما أكثر ما أفرح القائمين على المعرض بحسب نشوة حمدون، فهو «حضور فلسطينيين جاءوا إلى إسطنبول للسياحة ولم يترددوا بالمجيء للتعرف على حمص فور سماعهم بموعد الافتتاح». وتضيف حمدون: «حاولنا من خلال المعرض عرض الوجه الحمصي والسوري كما هو، الذي نقرأ فيه كل معاني (التعايش الجميل) ضمن نسيج اجتماعي بسيط عفوي وصادق برز بوضوح في اللوحات والصور التي شدت انتباه الحضور وقادتهم للاستفسار عن أدق التفاصيل فيها، كما شجعت جهات عدة لتوجيه دعوات لنقل المعرض إلى صالات ومدن ودول أخرى».
مشاركة :