تداعيات منع أجهزة الكومبيوتر المحمول على الطائرات

  • 7/12/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

منذ شهر مارس (آذار) الماضي فرضت الإدارة الأميركية، وتبعتها بعد ذلك السلطات البريطانية، حظرا على حمل أجهزة الكومبيوتر المحمول والإلكترونيات الأخرى التي يزيد حجمها على حجم الهاتف الجوال مع المسافرين على الطائرات القادمة من دول الشرق الأوسط إلى أميركا وبريطانيا. ويمكن للمسافر من المطارات العربية المرصودة بهذا المنع أن يحمل هذه الأجهزة ضمن حقائب الشحن، لكن ليس في مقصورة الركاب. بعدها تراجعت السلطات الأميركية وألغت المنع عن بعض شركات الطيران من المنطقة وأبقته على البعض الآخر، أيضا من دون إعلان الأسباب. وتدعو مثل هذه القرارات إلى التساؤل عما إذا كان الهدف في الأصل تجاريا أم سياسيا؟ المنع على بقية الشركات يسري حتى 14 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وعند المراجعة قد يتم إلغاء الحظر أو مد فترته لمدة عام آخر، أو توسيعه لكي يشمل مناطق أخرى، أو حتى تعميمه إلى جميع شركات الطيران في العالم. وكانت المحاولة السابقة لفحص أجهزة الكومبيوتر المحمولة مع المسافرين إلى الولايات المتحدة من مطارات أوروبية هي التأكد من أن بطاريات الأجهزة مشحونة ويمكن تشغيل الأجهزة عند الطلب. الهدف المعلن من هذا المنع هو معلومات استخباراتية تشير إلى محاولات من إرهابيين تحويل هذه الأجهزة إلى قنابل متفجرة. ولكن الكثير من الخبراء انتقد الخطوة وذهب بعضهم إلى القول: إن السبب الحقيقي هو معاقبة مفترضة لبعض شركات الطيران في منطقة الخليج من ادعاءات شركات أميركية منافسة بأنها تتلقى دعما حكوميا يتيح لها منافسة غير عادلة. وعلى هذا الأساس، فإن قرار المنع يهدف في الواقع إلى تحويل شريحة مسافري درجة رجال الأعمال إلى شركات الطيران الأميركية. وهناك توقعات بخسائر مفترضة لشركات الطيران العربية المتأثرة بالقرار سوف تظهر في نهاية السنة المالية الحالية. وقد أعلنت السوق الحرة في مطار دبي بالفعل أنها بصدد خسائر حجمها مليوني دولار سنويا من تراجع مبيعات الإلكترونيات للمسافرين، وذلك قبل إلغاء الحظر على شركة الإمارات للطيران. كما شكا عقيل بلتاجي، نائب رئيس الخطوط الملكية الأردنية، من أن القرار سوف يؤثر بالتأكيد على ربحية الشركة. وقال: إن القرار لم يمهل شركات الطيران أي فرصة لدراسة الموقف، كما لم يشرح تفاصيل هذه الخطوة. ولاحظ بلتاجي، أن القرار لم يشمل المطارات الأوروبية. وشمل إلغاء الحظر الخطوط الملكية الأردنية أيضا. من ناحية أخرى، قال السفير التركي في واشنطن، سردار كيليك: إن القرار «غير مقبول» وأن مطار أتاتورك الدولي هو أكثر أمنا من بعض المطارات الأوروبية. وطالب كيليك الأميركيين بزيارة المطار وتقييمه قبل إصدار أحكامهم. وأضاف، أن كل الدول التي يشملها الحظر هي دول حليفة للولايات المتحدة. وهنا أيضا تم إلغاء الحظر على شركة الطيران التركية. القرار الذي يؤثر الآن على خمسة مطارات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يمكن أن يتوسع في المستقبل لكي يشمل مطارات أخرى من بينها أوروبا، وفقا لديفيد لبان، المتحدث باسم إدارة الأمن الوطني الأميركية. وكان القرار قد اتخذ بعد انفجار جهاز محمول على طائرة صومالية في حادث جرح فيه شخصان ولم يسفر عن وفيات. وهي شركة محلية لا تطير إلى الولايات المتحدة. ويشير أحدث تقرير شهري من إدارة الأمن الوطني الأميركية إلى أن هناك 199 محاولة تخريب أو هجوم من «داعش» على الغرب منذ عام 2013، منها 21 محاولة في النصف الأول من العام الحالي. وفي حين يؤكد خبراء إدارة الأمن الوطني الأميركية، أن المنع يهدف إلى تحجيم أخطار الهجمات الإرهابية على الطائرات المدنية، فإن خبراء الإلكترونيات يقولون: إن مخاطر استخدام الإلكترونيات في تفجيرات على الطائرات لا تقل بشحن هذه الأجهزة ضمن حقائب المسافرين بعيدا عن المقصورة. وفيما يتعلق بإمكانيات إرسال الإشارات والتواصل الإلكتروني، فإن أجهزة الهاتف الجوال المسموح بها على الطائرات هي في الواقع أجهزة كومبيوتر مصغرة لها نفس إمكانيات الأجهزة المحمولة. وأطلق بروس شناير، الخبير الأمني، على هذا القرار لفظ «حظر على حرية السفر من جانب واحد». وقال: إن الوضع التقني للسفر الجوي لم يتغير خلال السنوات العشر الأخيرة بما يبرر هذا المنع. أيضا، فإن مثل هذه الأخطار لا تقتصر على شركات الطيران العاملة من منطقة الشرق الأوسط. ونفى مسؤول من وزارة الخارجية الأميركية، أن يكون القرار مجرد حيلة للاطلاع على معلومات تشملها أجهزة المسافرين. * الحظر البريطاني الغريب، أن الحظر البريطاني يختلف في بعض الجوانب عن الحظر الأميركي، فهو من ناحية يستثني الإمارات والمغرب، وإحداهما (المغرب) مشمولة بالحظر الأميركي، وبالتالي لا يطبق على خطوط الطيران في هاتين الدولتين، كما أنه يشمل الشركات الأوروبية التي تطير إلى المنطقة أيضا. ولذلك؛ فالمسافر على طائرات «إيزي جت» مثلا والقادم من مصر لا بد أن يلتزم بالحظر على أجهزة الكومبيوتر المحمول والإلكترونيات الأكبر حجما من الهاتف الجوال. كما حذرت الخطوط البريطانية من أن ركاب طائراتها سوف يتعرضون لتفتيش أدق في مطارات المنطقة، ونصحتهم بالحضور إلى المطارات مبكرا. وسمحت شركات أخرى مثل «مونارك للركاب» بزيادة وزن الأمتعة بنحو ثلاثة كيلوغرامات مجانا لاستيعاب أجهزتهم الإلكترونية. وتطبق المحاذير أيضا عند الانتقال من طائرة إلى أخرى لاستكمال الرحلة، وفي تلك الحالة يتعين على الركاب الاتصال بشركات الطيران لترتيب شحن أجهزتهم بعيدا عن المقصورة. وتتعقد الصورة أكثر مع تحليل شبكات الطيران الأوروبية التي تستقبل الكثير من ركابها عبر رحلات متقاطعة قادمة من الشرق الأقصى أو جنوب أفريقيا أحيانا عن طريق القاهرة أو إسطنبول. وهذا يعني أن الراكب القادم من هونغ كونغ أو جوهانسبرغ مثلا لن يستطيع استخدام جهاز الكومبيوتر المحمول خلال القسم الأول من الرحلة أيضا. هناك أيضا مشكلة السرقات من المطارات، والتي تشمل الكثير من حقائب الشحن، وليس من المعروف بعد من سوف يتحمل هذه الخسائر، شركات الطيران أم الركاب. وفي الرحلات السياحية القصيرة من مصر وتركيا إلى بريطانيا يفضل معظم ركاب الطيران الرخيص الاستغناء عن الشحن والاكتفاء بحقائب اليد. ولكنهم الآن سوف يضطرون إلى شحن أمتعة تشمل أجهزة الكومبيوتر أو عدم اصطحاب هذه الأجهزة. هناك أيضا مخاوف أوروبية من امتداد المنع إلى المطارات الأوروبية، وطالبت المفوضية الأوروبية محادثات عاجلة مع إدارة الأمن الوطني الأميركية لبدء حوار بناء حول أي اقتراحات تشمل أوروبا. وتنظر أوروبا إلى الوضع من ناحية تأمين الطائرات، حيث هناك مخاوف من حرائق تحدث أحيانا من بطاريات الليثيوم في الأجهزة الجوالة. وترى المفوضية الأوروبية، أنه لو حدث مثل هذا الحريق في المقصورة سوف يمكن التعامل معه بسهولة، ولكن في قاعة الأمتعة يمكن لمثل هذه الحرائق أن تنتهي بكوارث. * كيف تعاملت شركات الطيران المتأثرة مع الحظر؟ تعرف شركات الطيران، خصوصا تلك العاملة من منطقة الخليج، أهمية أجهزة الكومبيوتر المحمولة لركاب درجات الأعمال. فالمسافر يستغل ساعات السفر في إنجاز بعض الأعمال على جهازه أثناء السفر. كما أن بعض الشركات تعتبر أن الأجهزة تحتوي على أسرار شركات لا يجب أن تبتعد عن نظر المدير الذي يحمل الجهاز. وتعتبر بعض شركات الطيران الخليجية من كبار اللاعبين في السوق الدولية في العالم حاليا، حيث تتحول المنطقة تدريجيا إلى مركز طيران عالمي بين الغرب والشرق. وأول الشركات التي تعاملت مع الموقف كانت شركة طيران الإمارات التي سمحت لركابها باستخدام أجهزتهم المحمولة حتى لحظة صعود الطائرة بدلا من تركها مع الأمتعة المشحونة عند دخول المطار. ويتم تسليم الأجهزة إلى طاقم الطائرة، حيث تحفظ بعناية في صناديق خاصة في قاعة الشحن حتى وصول الطائرة. وهو وإن كان ليس حلا جذريا للمشكلة، إلا أنه يخفف من متاعب المسافرين بعض الشيء. وتفكر الشركة في تقديم أجهزة كومبيوتر محمولة لاستعارة الركاب أثناء الرحلات إلى أميركا. الخطوط التركية من ناحيتها قلدت أسلوب الإمارات وقدمت خدمة حفظ الأجهزة المحمولة قبل الإقلاع مع التعهد بإعادتها عند الوصول. وقدمت الشركة خدمة إضافية هي «واي فاي» مجانية طوال الرحلة يمكن استخدامها على الهواتف الجوالة. كذلك منحت الخطوط السعودية مسافريها إلى الولايات المتحدة وبريطانيا 20 ميغابايت من «الواي فاي» المجانية. وقدمت شركة الاتحاد خدمة إضافية إلى «الواي فاي»، وهي تقديم أجهزة «آيباد» لركاب الدرجة الأولى ودرجة الأعمال للاستخدام أثناء الرحلة ثم إعادتها لدى الوصول. الخطوط الملكية الأردنية نشرت من ناحيتها إعلانا يقترح على المسافرين 12 فكرة بديلة لاستخدام الأجهزة المحمولة على طائراتها بداية من قراءة كتاب إلى الحديث إلى الراكب المجاور، إلى تحليل معنى الحياة! * ماذا يقول الركاب؟ مؤسسة «هوليداي اكسترا» قامت باستجواب شمل 3600 مسافر حول رأيهم في الحظر، فكان رأي ثلث الشريحة أنهم سوف يعيدون النظر في رحلات الطيران؛ لأنهم لا يأمنون لترك أجهزتهم المحمولة في الأمتعة بسبب السرقات أو التلف. كما قالت نسبة مقاربة إنهم لا يريدون السفر لمسافات طويلة من دون اصطحاب أجهزتهم المحمولة. من ناحية أخرى، أكدت شركات سفر أنها لم تشهد تأثيرات جذرية على أعداد المسافرين عبر المحيط الأطلنطي من جراء الحظر على الأجهزة المحمولة. * التأمين يرفض كفالة أجهزة الكومبيوتر المشحونة * من العقبات الأخرى التي تواجه المسافرين بأجهزة كومبيوتر محمولة، أن شركات التأمين ترفض تغطية مخاطر شحن هذه الأجهزة مع حقائب السفر بعيدا عن الراكب. وقال مارك شيبارد، من هيئة التأمين البريطانية: إن الركاب المسافرين من المناطق المشمولة بالحظر بأجهزة كومبيوتر محمولة لا بد لهم من مراجعة وثائق التأمين التي يحملونها، والاتصال بشركات التأمين حول شحن هذه الأجهزة أو منقولات غالية الثمن ضمن حقائب الشحن. وأضاف، أنه كلما أمكن ذلك لا بد للركاب الاحتفاظ بهذه الأجهزة معهم في كل الأحوال. أما السفر إلى المناطق المتأثرة بالحظر، فالأفضل ترك هذه الأجهزة في المنزل وعدم اصطحابها في السفر.

مشاركة :