ندعو دول الحصار للانضمام لقطر في مكافحة تمويل الإرهاب بدلاً من تصديره

  • 7/12/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم : رئيس التحرير (صالح بن عفصان العفصان الكواري) ..يؤكد توقيع دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية أمس بالدوحة على مذكرة تفاهم لمكافحة تمويل الإرهاب، مدى التزام قطر بالتصدي لهذه الظاهرة المقيتة التي أصبحت خطراً عالمياً يتهدد جميع الدول كبيرها وصغيرها والأفراد والمجتمعات في كل مكان. ويوضح التوقيع على هذه المذكرة بجلاء سجل قطر الناصع في مجال مكافحة الإرهاب الذي تتهمها به زوراً دول الحصار وهي من تدعمه وتموله وتؤوي الإرهابيين والمتطرفين من كافة الملل والنحل. ويتجسد المغزى الحقيقي لهذه المذكرة في أن دولة قطر، هي أول من وقع عليها بالمنطقة، ما يضيف الكثير لجهودها ودورها المشهود به لها على جميع الصعد الإقليمية والدولية في مجال مكافحة الإرهاب ومعاضدة جهود المجتمع الدولي منذ زمن ليس بالقصير في محاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله. فأين إذن دول الحصار من هذا الالتزام القطري الجديد بخصوص مكافحة الإرهاب بشهادة الدولة العظمى في العالم والشراكة معها، ما يمثل ضربة قوية لمن ينافق ويدعي أنه ضحية للإرهاب، لكنه في الحقيقة هو الملاذ الآمن للإرهاب وتفريخه واستغلاله حصان طروادة لتقويض أمن واستقرار الدول ونشر الفوضى في المنطقة وهدر أموال  الشعوب المغلوبة على أمرها في الترويج له لقتل الأبرياء وترويع الآمنين. وقد أكد على كل هذه المواقف القطرية الواضحة والشجاعة سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيره الأمريكي ريكس تيلرسون ونوه فيه بعمق العلاقات القائمة بين البلدين الصديقين وأهمية التشاور والتواصل بينهما في كافة المجالات لا سيما مجال مكافحة تمويل الإرهاب. وأشاد سعادة وزير الخارجية خلال المؤتمر الصحفي بالوساطة التي تقوم بها دولة الكويت الشقيقة بهدف التوصل إلى حل للأزمة الخليجية الراهنة، وأكد في سياق متصل أن تسريب وثيقة اتفاق الرياض والتوقيت الذي تم فيه يدل على جهود واضحة للتقليل من شأن الوساطة الكويتية والتأثير على وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة والجهود والمساعي التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية لحل الأزمة. على ذات الصعيد أكد مدير مكتب الاتصال الحكومي أن مذكرة التفاهم التي وقعتها أمس دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية تعزز الإطار الاستراتيجي القائم لمكافحة الإرهاب، وقال إن  هذه المذكرة تستند إلى التاريخ الطويل والتعاون الوثيق والشراكة القائمة بين الولايات المتحدة الأمريكية ودولة قطر. كما أعربت دولة قطر على لسان مدير مكتب الاتصال الحكومي عن استنكارها قيام بعض دول مجلس التعاون  بتسريب وثائق اتفاقية الرياض لعام 2013 والاتفاق التكميلي لعام 2014 لوسائل الإعلام وهو ما يعد انتهاكاً للنظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي والاتفاقات الأخرى واللوائح الداخلية للمجلس، كما أن استمرارها في الحصار غير المشروع يشكل انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.   وفي الحقيقة فإن هذا التسريب الذي قامت به دول الحصار، كما فعلت بتسريبها وثيقة مطالبها الخائبة الـ 13 لحصار قطر، يجسد مسلك هذه الدول المشين والفاضح للتقليل من شأن الوساطة الكويتية. فدول لا تؤتمن على مثل هذه الوثائق السرية المهمة والتي تعتبر مرجعيات تاريخية عند أي خلاف، هي دول لا أمان لها وفاقدة للأهلية والثقة، وبالتالي يتعين الحرص الشديد من غدرها عند التعامل معها، كونها تستخدم ما لديها من وثائق سرية للكيد والغرض، وهذه أمور بعيدة كل البعد عن أخلاقيات التعامل الدولي والإجراءات التي تنظم العلاقات بين الدول. وللعلم فإن الشركات والمؤسسات وحتى الأفراد العاديين لديهم جميعاً من الأمانة ما يجعلهم يمتنعون مهما بلغت درجة الخصومة عن إفشاء الأسرار وتعريض مصالح العملاء أو الشركاء للخطر والافتضاح. غير أن إفشاء دول الحصار لوثائق اتفاق الرياض رغم الخبث الذي قصد من إذاعته وتسريبه، أثبت للعالم أجمع أن الكثير من القضايا التي اتهمت دولة قطر بالإخلال بها وعدم الالتزام والوفاء بها لم تكن مضمنة أصلاً في الاتفاق، ما يعني أن السحر قد انقلب على الساحر وأن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله. إن اتفاق الرياض هو اتفاق جماعي، وليس التزاماً يخص دولة قطر وحدها ولا يتضمن أي إشارة لقطر من قريب أو بعيد، ما يؤكد بجلاء لا لبس فيه أن ما اتخذته دول الحصار المأزومة من إجراءات ضد دولة قطر يمثل مخالفة صريحة وواضحة لهذا الاتفاق، لأن هذه الدول المرتبكة والفاشلة، لم تلجأ أو تستخدم آليات فض النزاع وبحث المظالم التي ينص عليها الاتفاق، سواء كانت تلك الآليات مدرجة في الاتفاق ذاته أو في ميثاق تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وقد عمدت دول الحصار على تسريب اتفاق الرياض دون نشر آلية مراقبته وتنفيذه ، ما يؤكد التفافها على الحقائق والظهور بمظهر الضحية بدلاً عن الجاني.  والغريب في الأمر أن اتفاق الرياض الذي تم تسريبه يدين دول الحصار، فالبحرين على سبيل المثال لديها نواب في البرلمان والحكومة من جماعة الإخوان المسلمين، في حين أن الإمارات تبث من أرضها قنوات فضائية تهاجم التيار الديني في السعودية، وقامت بتمويل الكثير من الصحف والمؤتمرات والفعاليات لمهاجمة الوهابية السعودية، كما أنها تستضيف أحمد علي صالح والذي مازال يسمي حرب عودة الشرعية باليمن بحرب العدوان على اليمن، ووجود المجرم دحلان معززاً مكرماً، ووقوفها مع المجرم حفتر، ودورها بتقسيم اليمن.  أما السعودية راعية اتفاق الرياض فليس ببعيد استضافتها لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الداعم الرئيس للحشد الشعبي الذي يشكل امتداداً لإيران في المنطقة العربية، في وقت سمحت فيه كذلك للبنك الإسلامي بجدة تقديم قروض لحكومة العبادي، بينما تستضيف كذلك إخوان سوريا ضمن هيئة التفاوض مع النظام، في حين يتجه ما يسمى بالرئيس الشرعي، الشرفي المغترب بالسعودية إلى التصالح والتحالف مع إخوان اليمن، حزب التجمع الوطني للإصلاح، وهو ما يؤشر إلى رضا السعودية عن إخوان اليمن رغم تبجحها بمعاداتهم ورفع الكرت الأحمر في وجوههم !! والمضحك المبكي أن أكبر مخل باتفاق الرياض هي الإمارات التي تتشدق بوحدة الصف الخليجي، بينما هي أول من يريد دق آخر مسمار في نعشه من خلال تمويل الحملات الإعلامية القذرة التي شنها إعلام مصر المرتزق ضد العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، إضافة إلى سعيها الدائم -أي الإمارات- لشق وحدة الصف الخليجي وتمزيق اللحمة الخليجية بمؤامراتها الدنيئة على دوله وشعوبه الشقيقة.   إن ما يؤسف له في خضم هذه الأزمة، أن تنبري وسائل الإعلام في دول الحصار وبخاصة في السعودية والإمارات للخوض في أعراض النساء وحرائر قطر، منساقة وراء إعلام الرذيلة والدعارة المصري.   هكذا أثبتت الأزمة إدمان دول الحصار للفشل في كل المراحل التي مرت بها من عملية الفبركة والحملات الإعلامية المأجورة التي اتبعتها والمطالب السخيفة التي قدمتها والإصرار والعناد المصحوب بالجنون الذي رافق ومزج كل تصرفاتها لتخوض حتى أذنيها في مستنقع الأزمة الحالية، من دون أن تتورع رغم هذا السقوط المريع عن استغلال علماء الدين «علماء» السلطة، لتبرير أفعالها بدلاً عن قول كلمة الحق في وجه سلطان جائر وظالم، ما أفقدهم ثقة الناس فيهم واحتقارهم وهوانهم، لأنهم زينوا الباطل وأبطلوا الحق وحرضوا بألسنتهم وفتاواهم على أشقائهم وذلك ظلم لا يرضاه الله تعالى.  لقد فشلت كل محاولات الإمارات والسعودية بالضغط على قطر وإلصاق تهمة الإرهاب بها وتركيعها والوصاية عليها، وهذه هي إمكانياتهما بالطبع، فضلاً عن ميوعة وهشاشة موقفيهما بغرض تحقيق مصالح شخصية ومغامرات لطموحات سياسية صبيانية على حساب الشعب المسكين في البلدين، مقابل قوة موقف قطر المسنود بالحجة والأدلة والقانون وبثقة الشعب في قيادته والتفافه حولها ولكون مسألة السيادة قضية مصيرية بالنسبة للقطريين لا يساومون حولها ولا يتفاوضون بشأنها البتة. النصر حليفك يا قطر الشموخ والعزة، بإذن الله، وبأميرك الهمام تميم المجد وبوحدة شعبك الجسور وصدق ونبل مقصدك وتوجهك وحرصك الدؤوب على مصالح الأمة وإسماع صوت الشعوب المقهورة في كل مكان وزمان.   نقول لدول الحصار المأزومة بقطر، تعاملي بعقلية القرن الحادي والعشرين، القرن الرقمي، وليس بعقليات متحجرة من العصور الوسطى، عقلية التآمر وقلب الحقائق والتنكر للتاريخ والجغرافيا وعلاقات الدم والرحم والدين والمصير المشترك .. كفى ضجيجاً وكفى سفاهات واستخفافاً بالعقول ! تصالحوا مع أنفسكم وصالحوا شعوبكم، وقولوا لها الحقيقة بلا زيف وتشويه ومغالطة، بدلاً من تهميشها وتغييبها واستخدام كل وسائل قهرها وتعذيبها والتضييق عليها حتى قبل هذه الأزمة والحرب الباردة التي تشعلون نارها وتكونون أول من يكتوي بها !! استجيبوا لشرط قطر برفع الحصار أولاً قبل التفاوض، قطر التي احترمت الوساطة الكويتية حينما تسلمت المطالب وأنتم تسعون بكل أسف لإفشال هذه الوساطة الكريمة بتسريبات وتصعيد وصلف وثرثرة في التغريدات، ما يعني الإفلاس والخواء، وهي أمور تدعو إلى الشفقة عليكم والدعاء لكم بالشفاء من عقدة قطر التي أصابتكم وكابوسها الذي قض مضاجعكم ..  وستبقى دولة قطر على الرغم من الأعمال العدائية وغير القانونية التي تقوم بها الدول المحاصرة نحوها والمؤامرات الخسيسة التي تحيكها ضدها، على كامل الجاهزية والاستعداد للحوار الجاد، بعيداً عن الإملاءات وفرض سياسة الأمر الواقع وفي إطار الاحترام المتبادل بما يحفظ حقوق الجميع ويعيد اللحمة والعلاقة الأخوية إلى سابق عهدها. editor@raya.com

مشاركة :