اشتبكت القوات العراقية مع مقاتلين من تنظيم داعش يتحصنون في المدينة القديمة بالموصل يوم الأربعاء بعد أكثر من 36 ساعة من إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي النصر على المتشددين في معقلهم بالعراق. ومثل إعلان النصر على التنظيم المتشدد في الموصل يوم الاثنين أكبر هزيمة لداعش منذ إعلان قيام دولة الخلافة قبل ثلاث سنوات لكن لا تزال هناك جيوب غير مؤمنة في الموصل ولحقت أضرار كبيرة بالمدينة بعد قتال دام نحو تسعة أشهر. وفر نحو 900 ألف شخص من القتال يقيم أكثر من ثلثهم في مخيمات خارج المدينة ولجأ الباقون إلى منازل أقارب وأصدقاء في أحياء أخرى. وعاد نشاط المدنيين سريعا للموصل وبدأ العمل بالفعل على إصلاح التلفيات التي لحقت بالمنازل والبنية التحتية وهو ما قدرت الأمم المتحدة تكلفته المبدئية بأكثر من مليار دولار. وقال مسؤولون إن قوات الشرطة التي تلقت التدريب حديثا نشرت في الموصل إلى جانب الجيش لكن السلطات لم تعد خطة لحكم المدينة وتأمينها بعد المعركة. وقال ثلاثة من السكان المقيمين على الضفة الأخرى من نهر دجلة لرويترز إن القوات العراقية تبادلت إطلاق النار مع مقاتلين في آخر حصونهم قبيل منتصف الليل وفي الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء. وقال سكان بالهاتف إن طائرات هليكوبتر تابعة للجيش مشطت المدينة القديمة وتصاعدت أعمدة دخان من انفجارات لم يتضح ما إذا كانت تفجيرات محكومة أم قنابل فجرها أعضاء التنظيم. وقال فهد غانم (45 عاما) "مازلنا نعيش في أجواء الحرب رغم إعلان النصر قبل يومين". وقال ساكن آخر إن الانفجارات هزت الأرض على مسافة نحو نصف كيلومتر. وأرجع مسؤول بالجيش العراقي النشاط إلى "عمليات تطهير". وقال إن مقاتلي التنظيم يختبئون في أماكن مختلفة وأضاف "يختفون من مكان ويظهرون في مكان آخر فنستهدفهم". ويخضع دخول وسائل الإعلام للمنطقة لقيود مشددة منذ أن أعلن العبادي النصر يوم الاثنين مشيدا بانهيار "دويلة الخرافة والإرهاب". وفي لقطات مصورة بثتها وكالة أعماق للأنباء التابعة لتنظيم داعش بعنوان "قتال حتى الرمق الأخير" ويفترض أنها صورت في حي الميدان بالموصل، ظهر متشددون مختلطون بمدنيين وجثث ممددة وسط الأنقاض في ساحة معركة. ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة التسجيل. وقتل آلاف المدنيين خلال هجوم الموصل. واستهدف تنظيم داعش الكثيرين منهم لكن جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان اتهمت القوات العراقية والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة كذلك بقتل مدنيين فيما يعد انتهاكا للقانون الإنساني الدولي. وأشارت منظمة العفو الدولية يوم الثلاثاء إلى الاعتماد على أسلحة تقول إن قدرتها على التصويب الدقيق ضعيفة. ورفض التحالف بشدة هذه الاتهامات وقال العبادي في بيان يوم الأربعاء، دون أن يذكر منظمة العفو الدولية بالاسم، إن على الجماعات المدافعة عن حقوق الإنسان التحقق من مصادرها. ورفض المسؤول العراقي أن يدلي بتقديرات عن أعداد المتشددين أو المدنيين المتواجدين بالمنطقة لكن قائد القوات الأمريكية بالعراق قال يوم الثلاثاء إن عدد المقاتلين المتبقين في الموصل ربما يصل إلى مئتين. وقال اللفتنانت جنرال ستيفن تاونسند للصحفيين "هناك مخابئ جرى تجاوزها. لم نقم بتطهير كل مبنى في هذه المدينة التي تعادل مساحتها مساحة فيلادلفيا. يتعين عمل ذلك وهناك أيضا عبوات ناسفة بدائية الصنع مخبأة". وتابع "مازال من المتوقع سقوط ضحايا بين أفراد قوات الأمن العراقية مع مضيهم قدما في تأمين الموصل". وقال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إنه شن ثلاث ضربات جوية على التنظيم المتشدد في منطقة الموصل يوم الثلاثاء مستهدفا متشددين ومواقع مدافع رشاشة ونظم قذائف صاروخية. وقال أحد مقاتلي العشائر إن قوات الأمن العراقية إلى الجنوب من المدينة تصدت لهجوم شنه المتشددون من مناطق صحراوية في الغرب على قرية الجرن. ووصلت تعزيزات إلى جنوب المدينة لمساعدة القوات العراقية على إخراج أفراد تنظيم داعش المسلحين بالرشاشات وقذائف المورتر من قرية إمام غربي باتجاه الجنوب. وقال مسؤول أمني إن شرطيا قتل وأصيب اثنان بجروح في اشتباكات يوم الأربعاء. وسيطر المتشددون على ما يزيد على 75 بالمئة من مساحة القرية منذ اجتياحها الأسبوع الماضي. وهذه هي نوعية الهجمات المتوقع أن يشنها التنظيم الآن مع استعادة القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة سيطرتها على المدن التي استولى عليها المتشددون في هجوم خاطف عام 2014. وقالت مصادر عسكرية إن هجوما منفصلا على قافلة من حرس الحدود في محافظة الأنبار قرب الحدود السورية أسفر عن مقتل جنديين وإصابة أربعة يوم الثلاثاء. ومن ناحية أخرى قال ضابط شرطة لرويترز إن 28 مدنيا سنيا اختطفوا في حي الإسكندرية في جنوب بغداد هذا الأسبوع وعثر على 20 منهم قتلى في وقت لاحق. وقال مشتبه فيهم اعتقلتهم السلطات وتقول إنهم ينتمون لجماعة عصائب أهل الحق الشيعية التي يشارك مقاتلوها في حملة الحكومة على تنظيم داعش إنهم ليس لديهم علم بالواقعة. وقد يستتبع إعلان الحكومة النصر في الموصل هجمات انتقامية وأعمال عنف جديدة بين السنة والشيعة وهو الانقسام الطائفي الذي أدى لانزلاق العراق إلى حرب أهلية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بحكم صدام حسين عام 2003.
مشاركة :