في تجربة فريدة من نوعها، اختلطت قوة الإرادة بدافع الحماس والتحدي، إذ لم يستطع شيء الوقوف أمام إرادة النجار المحترف علي البراهيم، الذي كرس 17 عاما من عمره ليتمكن من مهنة النجارة وأصبح يدير معملا قوامه 25 عاملا داخل منجرته الخاصة، التي يوفر من خلالها قوت يومه. قصة هذا التميز، تعود إلى إصابة البراهيم في حادث مروري ما جعله مستلقيا على ظهره 6 أشهر، لم يقف فيها عاجزا بل حملته روح الإصرار والتفكير إلى النظر في أمله داخل فتحة قارورة زجاجية صغيرة يحتفظون بها في المنزل لتخزين الليمون من أجل رمضان. قام البراهيم بتفريق تلك القارورة، وبدأ محاولته في إعمال مجسم فني داخلها. وخطوة بالصبر وأخرى بالأمل وثالثة بالثقة بالنفس، استطاع البراهيم أن ينجز عمله ويتغلب على عجزه ويقف على رجليه، رغم المحن والصعاب التي واجهته، لكنها كانت رحلة شاقة ومهمة صعبة تجاوزها بكل تفاصيل المعاناة في تناوله الفني والإبداعي، كما أن الأدوات المستخدمة في هذا الفن صنعها بنفسه ونافس روحه وعقله متحليا بالصبر ليقف مدة 13 عاما في معرض الجنادرية كواحد من أميز الفنانين، الذي انفرد بهذا النوع من الفن. رحلة البراهيم لم تنته عند الجنادرية وحسب، بل انطلق بها إلى معرض الشارقة ومهرجان الأسرة والطفل بمعرض أرامكو بالظهران، راسما هدفا في ذهنه بأن يؤسس لهذا الفن في المملكة ويساهم في تعليم أبنائه وينشئ مصنعا ممهورة منتجاته بـ «صنع في السعودية»، ولكن رغم الهدف والأحلام يقف البراهيم عاجزا عن التوسع أكثر في هذه المهمة إذ إن عائد بيعه من هذه القطع بالكاد يكفي إعالته وأسرته، فاقتناء الزجاجة الصافية يكلفه مبلغ 700 ريال كل هذا من أجل حرفته وموهبته، التي تعلقت روحه بها فهو لا يجد داعما حقيقيا ماديا أو معنويا.
مشاركة :