قطر تعترف بفشل رهانها على زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في تفكيك المقاطعة.العرب [نُشر في 2017/07/14، العدد: 10691، ص(1)]المتفاجئ الرياض - غادر ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأميركي منطقة الخليج خالي الوفاض، بعد أن فشلت وساطته في الخروج بأي نتائج تثبت أن الإدارة الأميركية الجديدة لديها نفوذ على حلفائها وقادرة على فرض التسويات التي تحفظ مصالحها ولا تراعي مصالح الآخرين، في الوقت الذي لم تخف فيه قطر صدمتها من نتائج الزيارة التي قد تتركها وجها لوجه مع خصومها. وقالت مصادر خليجية إن تيلرسون بدا مصدوما من الجرأة التي سمعها في اجتماعاته في جدة سواء بالمسؤولين السعوديين أو في اجتماعه بنظرائه من دول المقاطعة الأربع الذين رفضوا تقديم تنازلات لفائدة قطر يمكن أن تحسب في سجل الوزير الأميركي الذي زادت تصريحاته التي أعلن فيها “تفهمه” لموقف قطر من إرباك زيارته. وأشارت المصادر إلى أن وزير الخارجية الأميركي تفاجأ بأن دول الخليج التي رحبت بصعود دونالد ترامب إلى الرئاسة وقدمت وعودا بمشاريع كبرى لتعميق التعاون الثنائي، تتعامل مع الإدارة الجديدة مثل تعاملها مع سابقتها على قاعدة البحث عن علاقة متكافئة تحقق مصالحها وليس مجرد علاقة إكراه أو تبعية. واختتم وزير الخارجية الأميركي في الدوحة الخميس مهمته الخليجية الهادفة إلى إنهاء الخلاف بين قطر وجاراتها، دون أن ينجح على ما يبدو في تحقيق اختراق فعلي في جدار أكبر أزمة دبلوماسية يشهدها الخليج منذ سنوات. وبعد أربعة أيام من الرحلات المكوكية بين الكويت التي تتوسط لحل الأزمة، وقطر والمملكة العربية السعودية، عاد تيلرسون إلى الدوحة ليلتقي أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للمرة الثانية في غضون 48 ساعة. وتفادى الوزير الأميركي ومسؤولون قطريون بعد اللقاء الإجابة على أسئلة الصحافيين حول ما إذا تحقق تقدم على مسار حل الأزمة. وقال الشيخ محمد بن حمد آل ثاني، شقيق أمير قطر لتيلرسون بمطار الدوحة “نأمل أن نراك مجددا هنا إنما في ظروف أفضل”. وأبلغ الصحافيون بإمكانية انعقاد مؤتمر صحافي يشارك فيه تيلرسون، إلا أن الوزير الأميركي غادر قطر بعيد اللقاء مع أمير قطر دون أن يدلي بتصريحات صحافية، تماما مثلما رفض الإدلاء بأي تصريحات حين غادر مدينة جدة السعودية بعد سلسلة من اللقاءات الصعبة. واعتبر متابعون لشؤون الخليج أن تصريحات الشيخ محمد بن حمد فيها اعتراف بأن الدوحة لم تكن تتمنى أن تنتهي الزيارة بشكل لم يحقق لها أي مكاسب، وعلى العكس ربما تجد نفسها في وضع صعب بعد الزيارة خاصة أن فشل مهمة تيلرسون في تليين مواقف خصومها قد يجعله يتخلى تماما عن فكرة الوساطة ويترك لأطراف الخلاف أن تحله في ما بينها، وهو ما كانت تخشاه قطر وتحركت لتجنبه.الشيخ عبدالله بن زايد: قطر أمام خيار أن تكون في التحالف ضد الإرهاب أو خارجه ويرى المتابعون أن فشل مهمة تيلرسون سيجعل الدوحة تعيد حساباتها وتفهم أن الحل لن يكون إلا في الرياض، وأن الطريق إلى ذلك يمر عبر التعاطي الجدي مع المطالب الـ13 وليس باستدعاء مسؤولين غربيين للقيام بزيارات مكوكية تنتهي بعودتهم إلى بلدانهم سريعا ودون نتائج، وهذا حصل مع وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا ويتوقع أن يحصل لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي سيقوم بجولة خليجية السبت والأحد القادمين. ويبدو أن الظرف لم يعد يسمح للدوحة سوى بأن تقرأ فشل خيار الوساطة تحت الطلب بشكل مغاير لأمانيها ولتصريحات مسؤوليها وخطابها الإعلامي المغالي في مديح الذات، وأن تستغل سعة صدر خصومها وتوحي إلى الوسيط الكويتي بجديتها في التعامل مع مطالب جيرانها، خاصة أن باب المهل لا يزال مفتوحا. وخيّر وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، الخميس، قطر بين أن تكون عضوا في التحالف ضد الإرهاب أو أن تكون خارجه. ودعا الشيخ عبدالله خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية سلوفاكيا ميروسلاف لايتشاك، قطر إلى بذل جهد أكبر لتحسين الثقة في ما توقّعه وما تنفّذه. وقال إن الدوحة وقعت اتفاقيتين مع دول مجلس التعاون الخليجي ولم تلتزم بهما. ورحب الوزير الإماراتي بتوقيع قطر اتفاقية لمكافحة تمويل الإرهاب مع الولايات المتحدة الأميركية، إلا أنه أكد على ضرورة أن تقوم الدوحة بجهد مضاعف لتغيير رؤية الكثير من الدول. ومن الواضح أن السعودية والإمارات، على وجه الخصوص، نجحتا في إقناع الوسطاء بأن المسألة لا تتعلق بخلاف مع قطر في تقييم موقف سياسي، وأن الأمر يتعلق بقضية يعتبر السكوت عنها نوعا من التواطؤ على الأمن الإقليمي والدولي، وأن شبكات الإرهاب التي تدعمها قطر بشكل أو بآخر لا تهدد فقط أمن جيرانها، وإنما يمكن أن تمس الأمن الأوروبي والأميركي في وقت يستنفر فيه العالم لتفكيك مختلف شبكات الإرهاب ويصدر قوانين ومراسيم لمنع تسلل المتشددين إلى دول غربية، فكيف يمكن أن يقبل بالدور القطري الذي يهدد كل هذه الخطط. واعترف مراقبون بأن المسؤولين الغربيين الذين تصدوا لمهمة الوساطة كانوا مخدوعين بالخطاب القطري الذي عمل على تصوير الأزمة على أنها عملية مختلقة، وأن الدوحة محاصرة لأجل حرية الإعلام، ليكتشفوا بعد لقاءاتهم في السعودية والإمارات أن الأمر مختلف تماما، وهذا أحد أسباب صدمة تيلرسون الذي وجد أن تصريحاته في الدوحة ضحية الخديعة القطرية. وبدأ تيلرسون مهمته الاثنين في الكويت، ثم زار الدوحة الثلاثاء حيث أشرف على توقيع مذكرة التفاهم مع قطر. لكن الدول الأربع المقاطعة لقطر اعتبرت الخطوة “غير كافية”، قبل أن تعقد اجتماعا مع الوزير الأميركي في جدة لم تصدر عنه أي إشارات على قرب الوصول إلى حل للأزمة الدبلوماسية.
مشاركة :