تحيي تركيا السبت 15 يوليو/تموز 2017 ذكرى مرور عام على محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الرئيس رجب طيب أردوغان. وأعلنت السلطات الخامس عشر من تموز/يوليو عطلة وطنية سنوية للاحتفال بـ"الديمقراطية والوحدة"، معتبرة أن إفشال الانقلاب يمثل نصراً تاريخياً للديمقراطية التركية. وقتل 249 شخصاً ليس بينهم المخططون للانقلاب، عندما أرسل فصيل ساخط من الجيش دبابات إلى الشوارع وأطلق طائرات حربية في محاولة للانقلاب على الحكم عن طريق العنف. إلا أنه تم إحباط المحاولة في غضون ساعات بعدما أعادت السلطات تجميع صفوفها ونزل الناس إلى الشوارع دعماً لأردوغان، فيما تقول الحكومة إن تنظيم رجل الدين "فتح الله غولن" هو من دبر محاولة الانقلاب. ولم تتردد السلطات لاحقاً في شن حملة تطهير اعتبرت الأوسع في تاريخ تركيا إذ أنها اعتقلت خمسين ألف شخص وأقالت مئة ألف آخرين من وظائفهم. أما أردوغان، فقد عزز موقفه بعد فوزه في استفتاء جرى في 16 نيسان/أبريل لتعزيز سلطاته. "ملحمة 15 تموز/يوليو" وتهدف الاحتفالات الواسعة التي ستجرى السبت إلى حفر تاريخ 15 تموز/يوليو 2016 في ذاكرة الأتراك كيوم أساسي في تاريخ الدولة الحديثة التي ولدت في 1923 على أنقاض الإمبراطورية العثمانية. وفي خطاب الخميس الفائت، قال أردوغان "من الآن فصاعداً، لن يكون هناك شيء كما كان قبل 15 تموز/يوليو". وشبه فشل الانقلاب بـ"حملة غاليبولي" التي وقعت في 1915 أثناء الحرب العالمية الأولى عندما صمد الجيش العثماني في وجه هجوم شنه جنود من دول التحالف في ما أصبحت إحدى أهم روايات المعارك التي أسست عليها الدولة التركية الحديثة. وقال أردوغان إن "الدول والأمم تشهد منعطفات حاسمة في تاريخها تشكل مستقبلها. ويعد الـ15 من تموز/يوليو تاريخاً من هذا النوع بالنسبة للجمهورية التركية". وبهذه المناسبة، امتلأت شوارع إسطنبول بلافتات ضخمة صممتها الرئاسة تضم لوحات تعكس الأحداث الرئيسية التي وقعت ليلة المحاولة الانقلابية، بما في ذلك استسلام الجنود الانقلابيين تحت شعار "ملحمة 15 تموز/يوليو". مسيرة "العدالة" وليلة المحاولة الانقلابية، وضعت المعارضة التركية الخلافات السياسية جانباً وتضامنت مع أردوغان. إلا أن موقفها هذا تغير منذ استفتاء 16 نيسان/أبريل، إذ اتهم معارضو أردوغان الرئيس "بالسعي إلى إقامة حكم الرجل الواحد واعتقال أي شخص يعبر عن معارضته له"، حسب قولهم. وفي آخر فصول حملتها الأمنية، أعلنت السلطات الجمعة تسريح 7563 جندياً وشرطياً ومسؤولاً إضافياً، فيما جُرد حوالي 350 عسكرياً متقاعداً من رتبهم. وأفاد بيان صدر في ليلة ذكرى محاولة الانقلاب، أن المستهدفين "على صلة بمنظمات إرهابية أو مجموعات تم التوصل إلى أنها تصرفت بشكل مناف لأمن الدولة الوطني". وفي وقت سابق من هذا الشهر، اعتقلت السلطات التركية مديرة مكتب منظمة العفو الدولية في تركيا مع عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان بتهم انتمائهم إلى مجموعة إرهابية. ولا تزال تركيا تخضع لحالة الطوارئ التي تم فرضها في 10 تموز/يوليو وتمديدها ثلاث مرات. وتأتي الذكرى في وقت مناسب بالنسبة للرئيس للرد على مسيرة ضخمة للمعارضة اعتبرت الأكبر منذ سنوات. وقد قادها زعيم حزب "الشعب الجمهوري" كمال كيليتشدار أوغلو الذي اختتم مسيرة على الأقدام قام بها من أنقرة إلى إسطنبول دفاعاً عن "العدالة" في تركيا. وعادة تكون المواصلات العامة مجانية في إسطنبول خلال عطلة نهاية الأسبوع فيما أرسل مشغل الهواتف المحمولة "توركسيل" رسائل نصية للمشتركين واعداً إياهم بغيغابايت إضافية مجانية لاستخدام الإنترنت من تاريخ 15 تموز/يوليو. وفي هذه الأثناء، علقت لافتات مضيئة ضد الانقلاب بين مآذن بعض أكبر مساجد إسطنبول. وكتب على إحدى اللافتات "فلتجعلوا وحدتنا بلا نهاية". "جسر الشهداء" وتبدأ الاحتفالات بالذكرى عبر جلسة خاصة في البرلمان تفتتح في الساعة 10,00 توقيت غرينتش. وسيتوجه أردوغان، الذي سيكون في قلب الأحداث، إلى إسطنبول للمشاركة في مسيرة شعبية على الجسر الذي يعبر فوق مضيق البوسفور وشهد معارك دامية قبل عام وبات يسمى "جسر شهداء 15 تموز/يوليو". ومع حلول منتصف الليل في التوقيت المحلي، ستنظم مسيرات داعمة "للديمقراطية" للتذكير بتدفق الناس على الشوارع قبل عام. وسيعود أردوغان لاحقاً إلى أنقرة في الساعة 23,00 ت غ لإلقاء كلمة في البرلمان في الوقت نفسه الذي تعرض فيه إلى هجوم. وسيتم لاحقاً رفع الستار عن نصب تذكاري يكرم القتلى أقيم خارج القصر الرئاسي في العاصمة قبيل انطلاق أذان الفجر.
مشاركة :