نشرت صحيفة تقريراً ذكرت فيه دروساً، قالت إنها مهمة يجب تعلمها من أزمة قطر مع الدول المحاصرة لها، وذلك إن تجاهلت الدوحة المطالب الـ13 التي قُدِّمت لها، وفشلت الوساطات التي قامت بها دول على رأسها أميركا. الدرس الأول: هناك حدود للقيادة السعودية الإماراتية توقعت السعودية والإمارات نصراً خاطفاً على قطر ودعماً إقليمياً كبيراً. لكنَّ الأمر لم يسر على هذا النحو. فجهدهما لإظهار هيمنة سعودية إماراتية على مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط العربي كشف بدلاً من ذلك عن الانقسامات المستمرة في النظام الإقليمي، وفق . الدولتان بالَغَتا في توقع نجاحهما، وفشلتا في وضع خطة بديلة مقبولة في حالة إخفاق الأساسية. كما بالغت الدول الأربع في تقدير مخاوف قطر من الانعزال عن مجلس التعاون الخليجي وفي قدرتهم على إلحاق الضرر بجارتهم. المقاطعة الاقتصادية فشلت في حين شكَّل وجود القاعدة العسكرية الأميركية رادعاً عسكرياً فعالاً. لذلك لم تجد التهديدات العسكرية صدى كبيراً بمجرد إعلان الجيش الأميركي عدم اهتمامه بالمقترحات الإماراتية لنقل قاعدته الجوية من قطر. أما مطلب إغلاق الجزيرة فلاقى استنكاراً عالمياً واسعاً، باعتباره اعتداءً على حرية الإعلام. السعودية والإمارات فشلتا أيضاً في توسيع نطاق تحالفهما المعادي لقطر لأكثر من 4 أعضاء رئيسيين، كما كان موقف مجلس التعاون الخليجي نفسه منقسماً، بل وحتى دولة تابعة بدرجة كبيرة كالأردن، قد اتخذت موقفاً متحفظاً. محاولة عزل قطر فتحت أبواباً جديدة لقوى إقليمية أخرى. أكثرها تركيا التي أرسلت قواتٍ عسكرية لقطر لردع أي غزو. كما استغلت إيران كذلك الفرصة لتحسين علاقاتها ليس مع قطر فحسب، بل أيضاً عُمان والكويت. تقول الصحيفة أيضاً إن استعداد السعودية والإمارات لتمزيق مجلس التعاون الخليجي بسبب قطر يظهر أنَّ خوفهم من إيران لا يؤرِّقهم لهذا الحد.الدرس الثاني: لا أحد يفهم سياسة الولايات المتحدة تجاه الأزمة رغم أهميتها إدارة ترامب بعثت برسائل متناقضة بشكل مثير للحيرة خلال الأزمة. فقد نشر ترامب نفسه تصريحات وتغريدات مؤيدة للموقف السعودي الإماراتي زادت من جرأة دول الحصار. بينما كان موقف البنتاغون واضحاً في أنَّه لا ينوي نقل قاعدته العسكرية خارج قطر. وركَّز تيلرسون على الوساطة والحاجة لتهدئة الأزمة، وبتباهٍ وقَّع اتفاقية مع قطر بشأن تمويل الإرهاب، والتي بدا بشكلٍ كبير أنَّها تحد من أهمية المطلب الرئيسي لدول الحصار. ولا يعلم أحدٌ من يتحدث حقاً باسم الولايات المتحدة وفق ، وتعمل كل الأطراف بنشاطٍ من أجل حشد حلفائها داخل إدارة ترامب.الدرس الثالث: الحرب على "الإرهاب" تتعلَّق في الحقيقة بحروب الوكالة وتأمين الأنظمة جاءت أزمة قطر نتيجة حروب وكالة استنزفت المنطقة منذ احتجاجات الربيع العربي في 2011. في تلك الحروب، دعمت دول الخليج (تماماً كما فعلت إيران) وكلاء محليين مسلحين من أيديولوجيات وخلفيات متنوعة، سعياً منها لامتلاك حلفاء مؤثرين محلياً على الأرض. أما الجدالات حول إدراج الإخوان المسلمين ضمن قائمة المنظمات الإرهابية أم لا فهي متأصلة على نحوٍ مماثل في حروب الوكالة والمخاوف المحلية لتأمين الأنظمة وفق . إذ دفعت كل من مصر، والسعودية، والإمارات لسنواتٍ باتجاه تصنيف الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً، رغم توافق الخبراء على أنَّها ليست كذلك. ويتمثَّل لُبَّ القضية في أنَّ قطر والإخوان المسلمين هما على الجانب الآخر من محاولة الاستحواذ على نفوذ إقليمي. إذ أدى الاستقطاب بين الإسلاميين وخصومهم لانقلابٍ عسكري في مصر بدعم سعودي إماراتي، وهو المصير الذي تجنبته النهضة في تونس بعد تنازلها طواعيةً عن السلطة. ماذا تعلمنا؟ أثبتت الأزمة القطرية وفق أنَّ الصراعات بين الدول "السُّنية" حادة، وأنَّ المخاوف بخصوص أمن الأنظمة لا تزال محرك سياساتهم.
مشاركة :