أكد الرئيس المؤسس لمركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية د.أنور عشقي أن قرار مقاطعة إيران يجري الترتيب له، وسيكون صادراً من دول عربية وإسلامية كثيرة. وقال “إما أن تغير دول الإرهاب والداعمة له في سياستها أو تتغير في نظامها”. وأضاف وفقا لـ”الوطن” البحرينية أن التطبيع سابق لأوانه، وأن المطلب الخليجي الأول هو تحقيق السلام والأمن في المنطقة وإعادة الحقوق إلى أصحابها، مفنداً إشارته إلى أن التطبيع مع إسرائيل سابق لأوانه بقوله: إن “الدول العربية لن تطبع العلاقات قبل إنهاء القضية مع الفلسطينيين ومنحهم حقوقهم، والموافقة على المبادرة العربية”، مشيراً إلى أن الأمر إذا لم يتم بهذه الطريقة فقد يشكل التفافاً على الحقوق الفلسطينية. وكان عشقي صرّح في وقت سابق، أن السعودية إذا ما طبعت مع إسرائيل ستطبع الدول الإسلامية الأخرى، وخشى البعض أن يكون هذا ضرباً من التصريحات من مصدر مسؤول، غير أنه وضح الأمر بقراءة باحث لسيرورة الأمور، وأن ما ذهب إليه ليس بدعاً من القول، مسترشداً في بما قاله الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله؛ “إذا وافقت إسرائيل على المبادرة وطبقتها، فإن السعودية والعالم الإسلامي سوف يطبع العلاقات”. وبيّن عشقي أن “هذا ليس إرغاماً للعالم الإسلامي على شيء، ولكنه نابع من درايته -رحمه الله- برغبة العالم الإسلامي في إعادة الحقوق إلى أصحابها”. وأثار هذا القول جملة من التساؤلات للوطن حول دور المملكة العربية السعودية في الزعامة الإسلامية. وأشار إلى عمق العلاقات الإسرائيلية – الإيرانية بقوله “لا شك أن لإيران علاقة مع إسرائيل، ويشهد على ذلك اللقاءات الحميمية التي أبداها الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد مع الحاخامات”. وأضاف “لدينا من الشواهد أيضاً؛ حينما ضرب الزلزال إيران طلبت الأخيرة العون والمساعدة من إسرائيل، واستجابة لذلك؛ جاء الخبراء للمشاركة في عملية الإنقاذ”، مشيراً إلى أنه كان من اللافت هؤلاء الخبراء “أننا لم نجد نفوراً أو كراهية من الإيرانيين؛ بل وجدنا حباً وترحاباً”. وحول التواصل مع المؤسسات غير الحكومية في تل أبيب باعتباره الطريق لمنح الفلسطينيين حقوقهم، ذهب عشقي وهو زميل باحث في مركز البحوث الدولي في واشنطن، وعضو أكاديمية العلوم السياسية في نيويورك إلى أنه تلقى دعوة من قبل السلطة الفلسطينية إلى رام الله وأنه كان يلتقي بالفلسطينيين للتشاور حول المبادرة، مؤكداً أنه لا يمثل الجهات الرسمية السعودية، ولم يعد يعمل في الدولة. وأردف: “جاءوني في رام الله ببعض أعضاء الكنيست من يهود وعرب، وشرحت لهم المبادرة في القدس عندما ذهبت للصلاة، ودعيت إلى العشاء، وحضر رئيس مركز القدس للدراسات دوري جولد”. ووقف عشقي على سؤال وجهه إليه “جولد” مفاده “ألا ترى أن يكون هناك تقارب؟!”، ليجيب عشقي: “لا تقارب إلا بعد الموافقة على المبادرة العربية، وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم”. في تأكيد على أهمية الأخذ بتلك المبادرة كأساس للتقارب وأنه ما لم يتحقق ذلك فليس ثمة تقارب محتمل. وبيّن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كان طرح مبادرة بخصوص القضية الفلسطينية، وهي مختلفة قليلاً عن المبادرة العربية، ولكن نتنياهو متذبذب في طرحه؛ فمرة يرفض المبادرة العربية، وأحياناً يقول إنها تتضمن نقاطاً إيجابية، ثم يعود ويركز على نقاط، ثم يرفض المبادرة الفرنسية، ثم يوافق على مبادرة الرئيس السيسي”. واستدرك عشقي “لكن الرئيس ترمب مُصر على تحقيق السلام في عهده، وقد استقبل نتنياهو وتناقش معه، ثم استقبل الرئيس عباس وكان عباس يحمل معه المبادرة العربية وعاد ممتناً. وقدم نتنياهو مبادرته الأخيرة، وستدرس مع ما توصل إليه مبعوثي الرئيس ترمب اللذين جاءا إلى الشرق الأوسط”. وقال “أعتقد أن قطار السلام يتحرك ببطء وسط تحديات كثيرة”. وقال عشقي “كانت الزيارة بدعوة كريمة من السلطة الفلسطينية، وهي دعوة شخصية لتقوية معنوية الفلسطينيين..زرت بعض الجامعات، ومراكز الأبحاث، والأماكن المقدسة، وأسر المعتقلين، ثم صليت في المسجد الأقصى، وقدموني للإمامة بمسجد الصخرة لصلاة المغرب”. وأضاف “والتقيت بالمدير العام للخارجية الإسرائيلية، وكنت التقيت به في مؤتمرات عدة، وتفاوضنا على عملية السلام، إذ أبلغني بموافقة نتنياهو على المبادرة العربية مع بعض التعديلات، وطلبت منه بدوري أن نتنياهو إذا أراد السلام لا بد أن يعلن موافقته على المبادرة في الأمم المتحدة”. وفي محاولة من عشقي لقراءة الموقف الإسرائيلي العام من المبادرة العربية أفاد “أنه يرجع أمر تردد نتنياهو إلى حلفاءه، مؤكداً يقينه بأن الأخير يريد السلام فعلاً”. الدراسات الاستراتيجية وعن الدور الجديد الذي بات يؤديه من خلال مركزه وإذا ما كان له دور في الإسهام بصياغة القرار السياسي بالخليج، قال عشقي إن “دور المراكز البحثية يختلف عن دور مراكز الدراسات الاستراتيجية”. وعلل أن الدور الذي تضطلع به “مراكز الدراسات الاستراتيجية المستقلة مثل مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية الذي يرأسه، هو إثراء صناع القرار في القطاع الأهلي والحكومي بالدراسات والخطط الاستراتيجية، وهي ظاهرة حضارية بدليل أنه في شارع K ستريت بواشنطن أكثر من 6 آلاف مركز دراسات على تعبير وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول”. الأخوان وإسرائيل وفي دائرة الشك حول ما يسمى بـ”علاقة الأخوان المشبوهة بإسرائيل”، عندما سأل في إحدى المناسبات المرشد العام أحمد بديع بمنزل د.الزبير بجدة عن الهدف الاستراتيجي للإخوان قال له إنه “الوصول إلى السلطة”، مفنداً عشقي الأمر بقوله “يعني هذا أن الأخوان المسلمين على استعداد أن يقيموا السلام مع إسرائيل في سبيل الوصول إلى السلطة، وكانت لهم جولة حول ذلك”. واستدرك عشقي “لكن العلاقة المثلى لدول الخليج مع إسرائيل نابعة من الإجماع العربي، لأن التكتيكات التي تتبعها إسرائيل أن تنسج السلام مع كل دولة عربية على حده، وهذا في حد ذاته يقتل القضية الفلسطينية”. الأزمة مع قطر وعن الأزمة الخليجية العربية مع قطر، قال “العلاج الدائم مع قطر هو تغيير السلوك للقيادة القطرية وليس تغيير النظام، وإذا كان لابد من تغيير النظام لتغيير السلوك فهذا مسؤولية الشعب القطري”، مشيراً إلى أن “ما حدث يقوي الصف الخليجي، لأن الغرض من مقاطعة قطر هو إعادة ترتيب هذا البيت؛ وإذا أعيد ترتيبه فإن البيت العربي سيعاد بالتالي ترتيبه، وسوف يتحقق الأمن في المنطقة”. وكشف عشقي أن قرار مقاطعة قطر كان اتخذ أثناء القمة العربية الإسلامية الأمريكية بالرياض، وأن قرار مقاطعة إيران يجري الترتيب له، وسيكون صادرا من دول عربية وإسلامية أكثر. وفسر عشقي ترتيب الأولويات السياسية في الخليج العربي حول قرار مقاطعة قطر قبل إيران، بأن نتائج مؤتمر القمة العربية الإسلامية الأمريكية تؤكد على الحرب على الإرهاب، وإيقاف الدعم وغلق منابر التطرف والتشدد. وبين أن هذا يتطلب أولاً تنظيف البيت الخليجي والعربي؛ فمقاطعة قطر اقتضتها القرارات، وتراكم الأحداث، وبعد إقناع قطر أو إجبارها على التوقف عن دعم الإرهاب، فإن الدول الداعمة للإرهاب وعلى رأسها إيران ستعامل بالمثل، ليس من الدول الخليجية فحسب؛ بل من دول العالم؛ لأن القاعدة تقول إن هذه الدول إما أن تغير في سياستها أو تتغير في نظامها”.
مشاركة :