ينتشر مرض حساسية الأنف بشكل كبير بين قطاعات واسعة في المجتمعات، ويسبب الكثير من المشاكل والإزعاج، ويهاجم جميع الفئات العمرية بلا استثناء، ولكنه أكثر انتشاراً في مرحلة منتصف العمر، ويعد مرض حساسية الأنف من الأمراض المزمنة، التي تسبب أعراضاً غير مريحة ومستمرة، ورغم الاعتقاد المنتشر لدى الكثيرين عن هذا المرض بأنه بسيط وخفيف، ويمكن إهماله وعدم التعامل معه بجدية لفترات، إلا أن هذا المرض يمكن أن يقود إلى مضاعفات خطيرة ومشاكل صحية جسيمة للمصابين.من هذه المضاعفات التي أصابت الكثير نتيجة التهاون مع هذا المرض، هي الإصابة بمشاكل كبيرة في الأذن الوسطى، تؤثر على عملية التوازن لدى الأشخاص، وتسبب حالة من السقوط المفاجئ، كما تسبب حساسية الأنف المزمنة اضطرابا كبيرا في عمل قناة أستاكيوس، والتي من وظائفها عمل التوازن في الضغط بين الأذن الوسطى وضغط الهواء الخارجي، وأيضا تهوية الأذن ومعالجة أي إفرازات متراكمة في الأذن، وعند حدوث خلل في هذه الوظائف سوف تسبب متاعب مزعجة للغاية للشخص المصاب، كما سيعاني المريض من مشكلة الشخير أثناء النوم، مع حدوث أرق وخلل في عملية النوم نفسها، وسوف نوضح مشاكل حساسية الأنف وأسبابها وأعراضها وطرق علاجها.فقدان التركيزيسبب مرض حساسية الأنف حدوث التهابات للغشاء المخاطي المبطن للأنف، مع حالة من التهيج الشديد، نتيجة الكثير من الأسباب، ومنها بعض المؤثرات التي تتواجد على مدار العام، ولذلك يصبح المرض متواجدا باستمرار، ومن هنا جاءت حالة المرض المزمنة، وتظهر الأعراض فور التعرض لمسبب الحساسية، وتؤثر على الشخص سلبيا في أداء أعماله اليومية، وتؤدي إلى فقدان الطلاب القدرة على التركيز والتحصيل أثناء شرح الدروس والمذاكرة، وتتمثل الخطورة في هذه الحالة أيضا أن هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من حساسية الانف هم الذين يتعرضون بنسبة كبيرة للغاية للإصابة بمرض الربو المزمن والمزعج وأيضا الإصابة بمرض الاكزيما، بل والإصابة بحالة شديدة من الاكتئاب، ومشكلة في عملية تقويم الأسنان، وصداع دائم وألم من عرقلة فتحات الجيوب الأنفية والإصابة بالتهاب هذه الجيوب، فهو مرض متعب ومزعج ومجهد، ويكفي على الشخص أن يكون أنفه في حالة سيلان مستمرة، مما يرهق الأنف ويصيبه بالالتهاب والاحمرار من كثرة الاحتكاك.طريقة حدوث الحساسيةنوضح آلية عمل الأنف ووظيفته قبل الخوض في مرض حساسية الأنف، لنتعرف بدقة على ما يحدث داخله عند الإصابة بهذا المرض، حيث يتكون الأنف من فتحتين للهواء بينهما يوجد حاجز، ويدخل الهواء عبر الفتحتين إلى الحلق مرورا بالحنجرة، ثم يصل إلى القصبة الهوائية، ويحتوي الانف على قرنيات بارزة، ويغطي الانف من الداخل الغشاء المخاطي، الذي يكون في حالة من الرطوبة الدائمة، وله دور كبير في حماية الجسم من أي دخيل عبر فتحة الانف، حيث يلتقط أو يلتصق به أي أجسام صغيرة قادمة من الخارج إلى الجسم، ويساعد على التخلص من هذه الأجسام، ومن وظائف الانف الحفاظ على درجة حرارة الهواء الداخل إلى الجسم، وعند دخول بعض الأجسام الدقيقة إلى الجسم عبر الهواء الذي يمر بالانف والمجاري الهوائية، ومنها الجراثيم والميكروبات والفيروسات والبكتيريا وذرات من الأتربة والغبار وحبوب التلقيح النباتية، والهواء الذي يحمل الكثير من الأدخنة والملوثات والأجسام الصغيرة التي تتطاير من فروة الحيوانات، كل هذه العناصر الغريبة عند وصولها إلى الجسم عبر الانف يبدأ جهاز المناعة لدى الشخص في العمل لمقاومة هذه الأجسام الغريبة، ويتفاعل معها في معركة طبيعية ليبدأ في عملية تحييد هذه الأجسام، ولكن عند بعض الأشخاص يتفاعل الجهاز المناعي بشكل مفرط وقوي زيادة على اللازم مع هذه الأجسام، مسبباً حالة من التهييج والحساسية في الانف، وبالتالي ظهور أعراض مرض حساسية الانف المزمنة التي نراها عند الكثيرين، ومن الأسباب لحدوث هذه الحالة المفرطة من الحساسية تجاه الأجسام الغريبة، أن الشخص نفسه يكون لدية استعداد وراثي للإصابة بهذا النوع من الحساسية الأنفية. الاستعداد الوراثي والبيئةيوجد الكثير من العوامل والمسببات للإصابة بمرض حساسية الانف، وقبل الإصابة بهذا المرض لا بد من توافر الاستعداد الوراثي والجسماني لمرض الحساسية، ثم يأتي بعد ذلك التعرض لأي مثير خارجي لإشعال فتيل الحساسية، فمثلاً عند تعرض بعض الأشخاص لحبوب اللقاح المنتشرة في الجو، يقوم الجهاز المناعي على الفور بالنشاط الزائد والتحفز لإنتاج الأجسام المضادة التي تواجه هذه الحبوب فور دخولها الانف، ثم تلتصق معها بجدار الانف، ويتم إفراز مادة الهستامين بغزارة وهي المادة المسؤولة عن ظهور كل أعراض حساسية الانف، ومن المسببات لهذه الحساسية التعرض لبعض المواد في البيئة المحيطة مثل شعر الحيوانات الدقيق ووبر فروة بعض الحيوانات، وريش الطيور، وبعض الأتربة والغبار والعفن، والتعرض للأدخنة والهواء الملوث، ومهاجمة الفيروسات والبكتيريا والميكروبات والجراثيم والفطريات، وبعض الحشرات، كما يمكن أن تسبب بعض الأطعمة حساسية الانف مثل السمك والحليب والبيض، كلها عوامل ومسببات تثير الانف على الإصابة بمرض الحساسية، وأسباب اخرى مثل أدوية الضغط والقلق وأدوية منع الحمل، وارتجاع حمض المعدة، ويوجد أنواع من التهاب الأنف منها نوعان أساسيان وهما الحساسية المزمنة المستمرة، والأخرى هي الحساسية الموسمية، أما التقسيمات الأخرى فهي فرعية مثل الحساسية الحادة والتهاب الأنف غير الناتج عن الحساسية.انسداد الأنف والرشح والحكةتهيج الغشاء المخاطي مع أنسجة الانف يؤدي إلى ظهور الكثير من الأعراض، ومنها الانسداد السريع للانف والتنفس عن طريق الفم، والتهاب الحلق نتيجة التنفس عبر الفم، وإغلاق فتحات الجيوب الأنفية وبالتالي يحدث تراكم كثيف للسائل المخاطي في الجيوب الأنفية، مسببا صداعا حادا ومستمرا، ويؤدي كذلك إلى إغلاق قناة أستاكيوس التي تصل بين الأذن والانف، ويحدث خلل واضطرابات في الأذن الوسطى، ومن الأعراض نزول رشح مستمر من الانف وخروج افرازات مخاطية كثيرة، والعطس مرات كثيرة متتابعة، والحك الدائم للانف مما يسبب احمراره وتألمه، ويحدث احتقان في الانف وتجمع للمخاط في الانف والحلق، الشعور بحكة في الحلق والأذن والعين مع نزول الدموع، وفقدان جزئي لحاسة الشم، وتتشابه أعراض حساسية الانف إلى حد كبير مع أعراض أمراض البرد، غير أنها حادة اكثر ومستمرة لفترات طويلة.الابتعاد عن المسبباتتوجد أدوية للتقليل من أعراض الإصابة بمرض حساسية الانف، ولكن حتى الآن لم يتم صناعة دواء فعال يقضي على هذه الحساسية تماما، ولكن الأسلوب الجيد هو الابتعاد عن مسبباتها، وتتمحور طرق العلاج حول هدفين الأول هو الابتعاد عن العوامل المسببة لحدوث الحساسية والإصابة بها، والثاني هو العلاج الدوائي، ففي أوقات الربيع يمكن غلق النوافذ والابتعاد عن الحدائق والأراضي الزراعية، كما يمكن حمل بخاخ الانف العلاجي لهذه الحالة لفترة 7 أسابيع وهي فترة انتشار حبوب اللقاحات والطلع، والابتعاد أيضا عن الحيوانات التي تسبب الحساسية مثل القطط والكلاب المنزلية والخيل والطيور، كما يمكن التقليل من عثة الفراش والغبار، بتغطية الوسائد وغسلها مرة كل أسبوع مع فراش النوم، واستعمال البطاطين المصنوعة من الصوف، وتنظيف السجاد والأرضيات باستمرار، وكذلك الأثاث والستائر، ووضع الملابس في دولاب محكم الغلق، أما الأدوية فتتمثل في استنشاق ماء دافئ مضاف إليه الملح لطرد افرازات الانف، واستخدام أدوية مضادات الهستامين بشكل دائم، واستخدام بخاخ الكورتيزون الأنفي، وهناك حقنة من الأمصال كل فترة، ولا داعي للتدخل الجراحي إلا في حالة علاج مضاعفات الحساسية مثل تضخم القرنيات الأنفية. أكثر الأمراض انتشاراً تشير الدراسات الحديثة إلى أن نسبة الأشخاص الذين يصابون بمرض حساسية الأنف تصل إلى 56% من إجمالي من يعانون من أمراض الأنف والأذن والحنجرة، وأن أعداد الأشخاص المصابين بهذا المرض في ارتفاع مستمر، ما يثير جدلاً حول زيادة المؤثرات في هذا المرض، ويصيب مرض حساسية الأنف كل الأعمار، ولكنه أكثر تفشياً وشيوعاً في الفئة العمرية ما بين 23 سنة إلى 48 سنة، وتكشف الأبحاث أن هؤلاء المرضى المصابين بحساسية الأنف هم الأكثر تعرضاً للإصابة بأمراض الربو والأكزيما بنسبة تصل إلى 5 أضعاف الآخرين غير المصابين، وتجرى العديد من البحوث والتجارب من أجل التعرف اكثر على مرض حساسية الأنف، للوصول إلى آليات محددة للوقاية من الإصابة بهذا المرض منذ الصغر، ومحاولة إنتاج أمصال ولقاحات يمكن تناولها عبر الأنف أو الفم، كنوع من التحصين من هذا المرض، كما يعمل فريق الهندسة الوراثية أيضا لمحاولة تعديل الجينات التي تسبب الاستعداد الوراثي للإصابة بالحساسية الأنفية، وكذلك تهدف هذه الأبحاث إلى المساعدة في صناعة أدوية فعالة تمكن القضاء على هذا المرض أو الحد من أعراضه المستمرة.
مشاركة :