حراك دبلوماسي قطري ناجح .. وفاشل لدول الحصار

  • 7/16/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم : رئيس التحرير( صالح بن عفصان العفصان الكواري ) ..تشهد المنطقة منذ تفجر الأزمة الخليجية المفتعلة، حراكاً دبلوماسياً وسياسياً مكثفاً هدفه الأول التهدئة وتخفيف حدة التوتر وعدم التصعيد واستكشاف آفاق الحلول، قبل حمل الأطراف المعنية إلى طاولة التفاوض.  وقد استهل صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة الذي يقود وساطة كريمة لحل الأزمة، هذا الحراك بزيارات لكل من الدوحة والرياض وأبوظبي.  كما عقد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى «حفظه الله ورعاه»، العديد من اللقاءات والاجتماعات وأجرى الكثير من الاتصالات الإقليمية والدولية تمحورت كلها في البحث حول الأزمة ومستجداتها والجهود الإقليمية والدولية لحلها.  وقام سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية في هذا الإطار بزيارات لمعظم العواصم الغربية المؤثرة، شملت موسكو، لندن، باريس، واشنطن، برلين، ثم أنقرة ومسقط، والأمم المتحدة حيث التقى أمينها العام وأعضاء مجلس الأمن، وكذا مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحادالأوروبي ومدعي عام المحكمة الجنائية الدولية وغيرهم من البرلمانيين والمسؤولين.  كما توافد على الدوحة والمنطقة للغرض ذاته وزراء خارجية المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية ألمانيا الاتحادية، وسلطنة عمان الشقيقة والجمهورية الفرنسية ومبعوث سمو أمير دولة الكويت والعديد من المسؤولين والمبعوثين، ناهيك عن الاتصالات الهاتفية والرسائل الشفهية والمكتوبة، التي تركزت جميعها في البحث والتشاور حول سبل حل الأزمة عبر التفاوض المباشر بين أطرافها في محاولة الوصول إلى نقطة في منتصف الطريق تلتقي عندها كلها. نعم كثرت هذه الجولات والاتصالات لتحريك مياه الأزمة الراكدة، وهذا يؤشر على مدى اهتمام الأسرة الدولية والأشقاء والأصدقاء بتداعياتها وتأثيراتها السالبة على المنطقة والعالم، لكن كافة هذه الجهود تصب بالتأكيد في الوساطة الكويتية الكريمة التي أبدى الجميع ترحيبه بها وأثنى عليها.  لقد كان موقف دولة قطر واضحاً منذ بداية هذه الفتنة، بأنها أزمة مفتعلة وموجهة ومستهدفة إياها بلا مبرر، بتلفيقات واتهامات مزيفة ومغلوطة، لا أساس لها، وغير موجودة أصلاً إلا في مخيلة من صاغها وحرض عليها. كانت قطر واضحة منذ البداية في أنها لن تستجيب لأي ابتزازات ولا لأي إملاءات تسعى لانتقاص سيادتها والوصاية عليها وتركيعها وسلب قرارها الوطني، وأكدت بجلاء أنها غير معنية بمطالب دول الحصار، لكنها مستعدة لمناقشتها بدون شروط وأنها جاهزة للتفاوض والحوار بعد رفع الحصار.   وقد قابل الموقف القطري الذي تجاوب مع كل هذه الوساطات والذي أدارته الدوحة بامتياز، وحظي بإشادة دولية وإقليمية، لوضوحه وعقلانيته وقوة منطقه القانوني والأخلاقي، موقف جامد ومتعنت من دول الحصار التي فشلت حتى الآن مجتمعة أو متفرقة في إثبات أي من اتهاماتها لقطر، ما يعني أنها أزمة مفتعلة بالفعل، تسعى من ورائها هذه الدول حسداً وحقداً وغيرة، لتصفية حساباتها مع قطر التي تفوقت عليها سياسياً ودبلوماسياً، في العديد من المجالات والأزمات الساخنة، ما يعني أن الخلاف في محصلته هو خلاف حول السياسات، ولا علاقة له بالإرهاب من قريب أو بعيد، ولربما يكون قد حركه بالإضافة لذلك كله، بعد اقتصادي جراء الطفرة الاقتصادية الطموحة التي حققتها دولة قطر وعجزت دول الحصار الخليجية، وبالذات الرياض وأبوظبي عن مجاراتها، لأنهما انشغلتا بشن الحروب ودعم المتمردين على الشرعية والتدخل في شؤون الغير، وهدر الأموال بشراء الذمم، من دون التفاتة لهموم و»مطالب» شعوبهما !!.  إذن ومنذ فرض الحصار على البلاد في الخامس من يونيو الماضي، لم تتزحزح قطر عن مواقفها المبدئية التي أعلنتها على رؤوس الأشهاد، لكنها وبشهادة جميع الوسطاء كانت متجاوبة ومتفهمة لكل ما طرحوه، وأبدت استعدادها لبحث كل نقاط الخلاف على الطاولة للتفاوض ولحوار جاد مسؤول، لا حوار الطرشان ولا اللعب بشد الحبل، لأجل التوصل إلى حلول «ملزمة للجميع» وهذه النقطة يتعين أن تكون واضحة لجميع الوسطاء «حلول ملزمة للجميع» على مبدأ السيادة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.  نرغب في تفاوض مسؤول يحقق مصالح الجميع، ليس فيه غالب أو مغلوب، بل سيكون المنتصر الوحيد هو شعوب دول مجلس التعاون التي أدخلتها للأسف دول الحصار في متاهات هذه الأزمة التي نقلتها دون وعي منها من مربع السياسة إلى مربع الشعوب. ستدافع قطر عن موقفها لأنه موقف مبدئي تسنده الحجة والمنطق والرأي وأحرار وعقلاء العالم ومنظمات حقوق الإنسان والقانون الدولي والدول الديمقراطية، لكن قطر بالرغم من كل ذلك ستنظر بعين فاحصة في كل ما من شأنه أن يعيد اللحمة الخليجية لسابق عهدها وسيرتها الأولى بعد أن دخلها هذه المرة عضو شاذ غريب رفض الجسد الخليجي زراعته فيه، لأنه عضو فاسد مريض وموبوء بكل أمراض وأزمات العصر، ما يتعين اجتثاثه لتتعافى بقية الأعضاء. نتمنى أن تشهد الفترة القادمة المزيد من الحراك الدبلوماسي لإنهاء هذه الملهاة العبثية، وأن تدرك دول الحصار خطورة توتير المنطقة بمثل هذه الحماقات التي تطبع مواقفها، بعدما صعقها وزادها ارتباكاً، ثبات قطر وكسبها الرهان بالرغم من عنصر المفاجأة الذي لجأت إليه دول الحصار لكن من دون جدوى.لا شك أن كل مواطن قطري وخليجي وعربي ومسلم فخور بالنجاح والتقدير اللذين حظيت بهما السياسة الخارجية القطرية في إدارة هذه الأزمة بالقانون وبحكمة وهدوء وعقلانية ومنطق وحجة قوية، بتوجيهات كريمة من حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى «حفظه الله ورعاه». نريد حل الأزمة داخل منظومتنا الخليجية، ولا أحد بالطبع يرغب في تدويلها، لكن تصرف دول الحصار تجاه كل المبادرات والوساطات وإصرارها على إفشال جهود صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، يجعلنا نتساءل عما تريده بعد أن عرفت اتجاه الرياح.  تصر دول الحصار رغم إخفاقها على السير في الطريق الخطأ لتجني المزيد من الخسائر، تضاعف بها من أزماتها الداخلية التي حاولت أن تصرف أنظار شعوبها عنها بمثل هذه المغامرات غير المحسوبة في الأزمة الخليجية الراهنة، وليست الأزمة العربية، وهو ما تحاول دول الحصار الترويج لها لإعطائها بعداً عربياً، بإدخال نظام السيسي الانقلابي فيها وهو المعروف بعدائه لقطر وبالتالي نجده حريصاً على تصعيدها وإطالة أمدها مع ربيبته إمارة أبوظبي. نقولها مراراً وتكراراً، إن دولة قطر ضد الإرهاب تحاربه ولا تؤويه ولا تموله، وقال ذلك الرئيس الأمريكي في لقائه مع سمو أمير البلاد المفدى بالرياض من أن قطر شريك أصيل في مكافحة الإرهاب، كما وقع سعادة وزير الخارجية ونظيره الأمريكي الأسبوع الماضي بالدوحة على مذكرة تفاهم لمكافحة تمويل الإرهاب، لذلك نتساءل عن مغزى اتهام دول الحصار لقطر بدعم الإرهاب ؟ بدون شك أن ذلك ليس هو السبب، وإنما لاختلاف في السياسات كما قلت، ولأن هذه الدول المأزومة فشلت في أن تحقق أياً من أجندتها الوطنية أو الخارجية، فشلت في حرب اليمن، فشلت في اختبار السيادة على أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، فشلت في دوار اللؤلؤة وفي صد المد الشيعي الذي يهدد الحديقة الخلفية لإيران والسعودية، فشلت في سيناء، فشلت في كل شيء، فأرادت مجتمعة أن تنتصر على قطر لتسدد لها فاتورة كل ذلك الفشل الذريع، لكن هيهات، حتى لو زاد العدد وليس أربع جلها أنصاف وأشباه دول. وفي الوقت الذي تنطلق فيه قطر من رؤية واضحة، لإنهاء الأزمة بانفتاحها على الحوار البناء، والعمل على التوصل إلى حل ملزم للجميع عنوانه «الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الغير ورفض الوصاية وانتقاص السيادة»، فإنه ليس لدول الحصار المأزومة أي تصور لحلها، بل وجدت نفسها رهينة لهذه الأزمة، ارتباك ومجاملات وهذيان وتهديدات تويترية !! .  وإلى أن تعود هذه الدول المأزومة إلى رشدها وتفكر بعقولها وتطبخ موقفها على «نار هادئة» وتصبح على قناعة ووعي بجدوى التفاوض والحوار، وتثبت اتهاماتها وتقنع العالم بموقفها، سنبقى في قطر الشموخ والعز «كلنا تميم». editor@raya.com

مشاركة :