معقدة حد التأجيل هي الحرب ضد داعش في قضاء تلعفر، ففصائل الحشد الشعبي تضغط من أجل الإسراع في استعادتها، باعتبارها تمثّل حلقة مهمة في التمدّد الإيراني بما يجعل أراضي العراق معبراً إلى سوريا ولبنان، وهو الأمر الذي يرفضه التحالف الدولي وتركيا، كون القضاء ذا أغلبية تركمانية، فيما ينقسم التركمان بين شيعة وسنة ويرفض الأكراد وجود الحشد الشعبي في المنطقة. ولا يملك رئيس الوزراء حيدر العبادي سوى مسك العصا من المنتصف، وفيما تمّ السماح لقوات الحشد بالانتشار في الصحراء المحيطة بتلعفر، إلا أنها لم تكتفِ بذلك واستمرت في ضغوطها على الحكومة لاقتحام القضاء، ما دفع العبادي لإطلاق يدهم في هذا الاتجاه «المستحيل»، لأن قوات الحشد لا تستطيع تحقيق أي تقدم من دون غطاء جوي، يرفض التحالف الدولي تقديمه، وكذلك الدعم البري من الجيش العراقي، الذي لا يزال منشغلاً بمعارك الموصل وأطرافها. وفي آخر جولات الخلافات بين قادة الحشد والعبادي، أكّد العبادي بأنّه أمر قوّات الحشد الشعبيّ بتحرير مناطق أطراف تلّعفر قبل أربعة أشهر، لكنّها لم تنفّذ أوامره. وعقب تصريحات العبادي، هاجم الأمين العام لميليشيا بدر هادي العامري العبادي في تصريحات تلفزيونيّة واتّهمه بالكيل بمكيالين وعرقلة عمليّات قوّات الحشد الشعبيّ، مضيفاً: «قلنا لرئيس الوزراء نحن مستعدّون لتحرير تلّعفر، إلا أن رئيس الوزراء وضع فيتو على دخول الحشد إلى تلّعفر». وأشار العامري إلى أنّهم رفضوا الأوامر لأنّ إحكام الطوق حول تلّعفر من دون تحرير مركز المدينة، سيضع أرواح مقاتلي الحشد الشعبيّ في خطر، وبدلاً من تحرير أطراف تلّعفر، اختارت قيادات الحشد الشعبيّ التوجّه إلى مناطق جنوب سنجار، وصولاً إلى البعاج والحدود العراقيّة السورية. وضع معقّد ووفق مراقبين سياسيين فإنّ العبادي يراعي وضع تلّعفر المعقّد، الذي شهد أعمق الانقسامات الطائفيّة منذ العام 2003، ولكن يبدو أنّ قادة الحشد الشعبيّ المقرّبين من إيران لا يؤيّدون ذلك، ولا ينصاعون إلى كلّ أوامره، بل وينتقدونه علناً، الأمر الذي يتعارض مع الأنظمة والقوانين العسكريّة. وأعرب العباديّ عدة مرات عن استيائه من عدم التزام بعض الأطراف في الحشد الشعبيّ بأوامره، قائلاً إنّ بعض مطالباتهم هي موقف إقليميّ وليس موقفاً عراقياً، أتمنّى إبعاد العراق عن الصراعات الإقليميّة، مشيراً إلى فتوى السيستاني وأنّه لم يقل قاتلوا في سوريا، والحكومة العراقية شكّلت هيئة الحشد الشعبيّ تحت قيادة القائد العام للقوّات المسلّحة العراقية. تبعية لإيران ويؤكّد قانون الحشد الشعبيّ ارتباط هذه القوّات بالقائد العام للقوّات المسلّحة، ولكن على أرض الواقع تدار هيئة الحشد الشعبيّ من قبل قادة وسياسيّين بعضهم ينافسون العبادي في الساحة السياسة ويحترمون أوامر القيادة الإيرانيّة أكثر من أوامر العبادي، وعلى سبيل المثال يفتخر أبو مهدي المهندس بأن يكون جندياً لقاسم سليماني وهو قائد فيلق القدس الإيراني. وعلى الرغم من تأكيدات قادة الحشد المقرّبين من إيران احترامهم لأوامر العبادي، إلّا أنّ الكثير منهم يعترفون بأنّهم يقلّدون المرشد الأعلى في إيران، وتشكّل هذه العلاقة بقائد سياسيّ دينيّ غير عراقيّ العقدة التي تؤدّي إلى تقويض مؤسّسات الدولة العراقيّة.
مشاركة :