رئيس الوزراء العراقي تسلّم من قيادة مكافحة الإرهاب خططا كاملة لتحرير تلعفر على يد قوات الجهاز وبإسناد من القوات الأمنية الأخرى. العرب سلام الشماع [نُشر في 2017/07/05، العدد: 10682، ص(3)]متحفزون للانتقام عمّان - بلغت الخلافات بين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وقيادات الحشد الشعبي أوجها مؤخرا، بسبب قضيتين أولاهما استعادة مركز قضاء تلعفر بغرب الموصل، وثانيتهما تمشيط الشريط الحدودي الغربي، من الموصل نزولا إلى منفذ الوليد على حدود العراق مع سوريا. وتشكل استعادة مدينة تلعفر التي تعد أحد آخر المراكز الهامة لتنظيم داعش في العراق تحديا كبيرا ينتظر القوات العراقية، بعد أن تستكمل استعادة الموصل القديمة. وحتى الآن لم يتم الاتفاق بشأن التحرّك العسكري نحوها، في وقت يحذر فيه مراقبون من الخلاف بين رئاسة الوزراء وقادة الحشد المتمسكين بدخول قواتهم المدينة. وتلعفر هي أكبر أقضية محافظة نينوى، ولا وجود كرديا له وزن سكاني بين المكونات الكبيرة هناك. وتضمّ المدينة التي تحمل ذات الاسم وتمثل مركز القضاء سكانا عربا وتركمانا، وهم موزعون طائفيا بين سنّة وشيعة تمكّنوا من التعايش لحقب طويلة دون حساسيات مذهبية حتى عاد إليها محمد تقي المولى القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي بقيادة الزعيم الشيعي عمار الحكيم الذي خلف والده عبدالعزيز الحكيم، فبدأ بنشر الفتنة الطائفية في إطار مساعي المجلس لأن يجد له حاضنة في المدينة من خلال دفع الأقارب والأصدقاء للاقتتال ثم عرض نفسه كوسيط ومنقذ. ويقول الباحث السياسي نزار السامرائي لـ”العرب” إن تنظيم داعش، بعد أن دخل المدينة عامل من بقي فيها من السكان بنزعة تسلطية قاعدتها “من لا يخضع لأوامري فهو عدو”، منوها إلى أن عمليات إخراج داعش من محافظة نينوى، عندما بدأت، كان مخططا أن تكون تلعفر ضمن خطة العمليات الحربية وتسابق قادة الميليشيات في أخذ قاطع المدينة. ويتابع أن منظمة بدر كان لها أعلى الأصوات، خصوصا أن المولى كان مسؤول الوحدة العسكرية فيها في بداية تأسيسها وله علاقات وطيدة ببدر. إلا أن المعضلة التي برزت أن المولى وبدر أصرا على جلب مقاتلين من التركمان الشيعة من أبناء تلعفر نفسها من الذين تم ترحيلهم إلى جنوب العراق في أوج الفتنة الطائفية، وهم معبؤون ومشحونون برغبة الانتقام. ويشير السامرائي إلى أن هذه المخاوف حدت بتركيا إلى إعلان أن تلعفر خط أحمر وأنها ستتدخل إذا ما تعرض سكانها لأي خطر من جانب الميليشيات، معتبرا أن هذه هي عقدة تلعفر وليس قوة داعش أو متانة تحصيناته.المجلس الأعلى أفسد التعايش السلمي بين مكونات تلعفر من خلال زرع الفتنة وعرض نفسه وسيطا لإطفائها ويتساءل “لمن سترفع القبعة في تلعفر”، معتبرا أنّه لا يوجد مؤشر للإجابة على السؤال. وبحسب مصدر مطّلع، فإنّ رئيس الحكومة حيدر العبادي يدرس تسليم ملف تلعفر إلى قوات مكافحة الإرهاب مدعومة بالشرطة الاتحادية، على أن تبقى ميليشيات الحشد الشعبي على حدود البلدة، ولا تدخلها إلّا في حال صدور الأوامر بذلك. وأوضح ذات المصدر أنّ العبادي تسلّم من قيادة مكافحة الإرهاب خططا كاملة لتحرير تلعفر، على يد قوات الجهاز وبإسناد من القوات الأمنية الأخرى، مشيرا إلى أنّ الخطة لم تحدد موعدا ثابتا للعملية، لكنّها ستبدأ حال الانتهاء من تحرير القسم الغربي من الموصل، لافتا إلى أنّ دور قوات مكافحة الإرهاب سينتهي، حال تحريرها محلة اليهود، التي تعد آخر مهمات الجهاز داخل مدينة الموصل، بعد إحرازها تقدّما كبيرا فيها. وأكد المصدر أنّه بعد انتهاء الجهاز من هذه المحلة، سيبدأ باتخاذ الاستعدادات المطلوبة والتجهيز للتحرّك باتجاه تلعفر، مبينا أنّ العبادي لم يصدر أوامره بعد بذلك، لكنّه وافق مبدئيّا على تسليم ملف البلدة إلى جهاز مكافحة الإرهاب. وتعترض ميليشيات الحشد الشعبي على دخول أي قوات غيرها إلى تلعفر، محاولة أن تكون المهمات العسكرية في البلدة من مسؤوليتها على الرغم من اعتراض الأهالي على ذلك. وكان هادي العامري القيادي في الحشد الشعبي قال في بيان صحافي إنّ “فرحة تحرير الموصل لن تكتمل إلّا بتحرير تلعفر والمحلبية وباقي الحدود العراقية وضبطها بشكل جيّد”. وأضاف “لم نترك مقاتلينا وحدهم في جبهات القتال، وكنّا معهم خطوة بخطوة وقد لبينا نداء المرجعية منذ اليوم الأول للفتوى، وتشهد لنا ساحات القتال واقتربنا من الشهادة عدّة مرّات”، مهددا بـ”فضح كل شخص يتاجر بدماء أي مقاتل من مقاتلينا سواء من الحشد الشعبي، أم من القوات الأمنية”، ومشددا على “أهمية تحرير تلعفر وضبط الحدود العراقية”. وتتوعد قيادات الحشد الشعبي باقتحام تلعفر، وأن تكون في طليعة القوات، التي تهاجمها، بينما يحذّر مراقبون أمنيون من خطورة الخلاف بين القوات العسكرية والحشد بشأن تحرير البلدة، وما لذلك من أثر سلبي على سير المعارك، خصوصا وأنّ تلعفر ليست بالمعركة السهلة. وتظهر بين الحين والآخر في وسائل الإعلام سجالات متبادلة بين العبادي والحشد الشعبي، لكن الجديد هو السجال الإعلامي الذي طفا على السطح إثر تصريح العبادي الأخير بأنه وجه الحشد إلى مدينة تلعفر لكن قيادته ترددت في الذهاب إلى هناك، فيما ردّ العامري على تلك التصريحات بالقول إن الحشد التزم بتعليمات القائد العام للقوات المسلحة بضرورة عدم مهاجمة تلعفر.
مشاركة :