من أهم العوامل التي تؤثر على قدرة الإنسان على أداء التمارين الرياضية والذهاب إلى صالات اللياقة البدنية الإدراك وطريقة التفكير في الموضوع. وأضاف العلماء أن الثقة بالنفس وإدراك الإنسان لفائدة تلك التمارين من العوامل التي تخفف عنه عبء التمارين إلى حد كبير. وشملت الدراسة نحو 80 شخصا تتراوح أعمارهم بين 18 و32 سنة، أجريت لهم اختبارات تحمّل باستخدام آلات رياضية معيّنة، وأثناء أداء التمارين كان العلماء يطرحون على المشاركين أسئلة معينة حول صعوبة تلك الاختبارات وحول ثقتهم على القدرة للقيام بها. وتبين أن الذين كانوا يعتقدون أن حالتهم الصحية جيدة وأنهم أقوياء بما فيه الكفاية كانوا أكثر قدرة على أداء تلك الاختبارات. وبين العلماء أن العامل النفسي الآخر الذي لوحظ مع طرح الأسئلة على المتطوعين هو أن شراء ملابس وحاجيات خاصة بالرياضة شجعهم كثيرا على ممارسة تلك الأنشطة. وأشاروا إلى أن النتائج تشبه إلى حد كبير تلك التي يحصل عليها الأطباء بعد تناول المريض لأدوية وهمية ويشعر نفسيا بالتحسّن، فالعامل النفسي في تلك الحالات يؤثر إيجابا على وضع الإنسان الجسدي. ووجد باحثون من جامعة إسيكس البريطانية أن ممارسة نشاط بدني في بيئة خضراء، كالمشي أو ركوب الدراجات أو الزراعة لوقت قليل مثل خمس دقائق يمكن أن يعزز الحالة المزاجية والثقة في النفس. وقال جو باترون الذي قاد هذه الدراسة في بيان بشأن الدراسة التي نشرت في دورية العلوم البيئية والتكنولوجيا “نرى أن هناك ميزة كبيرة محتملة للأفراد والمجتمع ولتكاليف الخدمة الصحية إذا زادت كل المجموعات من العلاج الذاتي بالتمرينات في بيئة خضراء”.لممارسة التمارين البدنية تأثير إيجابي على المشاعر المرتبطة باحترام الذات والثقة في النفس وتقييم الذات وأظهرت دراسات كثيرة أن ممارسة تمرينات في الهواء الطلق يمكن أن تحدّ من خطر الإصابة بأمراض نفسية وتزيد من الشعور بالسعادة. ولكن حتى الآن لم يكن أحد يعرف كم من الوقت يتعيّن على الإنسان أن يقضيه في ممارسة تمرينات في بيئة خضراء لتحقيق هذه الفوائد. وراجع باترون بيانات 1252 شخصا من أعمار وأجناس وحالات عقلية مختلفة من عشر دراسات موجودة في بريطانيا. وقام الباحث مع فريقه بتحليل أنشطة مثل المشي والبستنة وركوب القوارب وركوب الدراجات وصيد السمك وركوب الخيل والزراعة. وقال إن كل البيئات الطبيعية مفيدة بما في ذلك المتنزهات في البلدات أو المدن ولكن المناطق الخضراء التي بها ماء لها تأثير إيجابي أكبر على ما يبدو. كما تبين للباحثة هيدز هاوسنبلاس من جامعة فلوريدا، بعد الاطّلاع على نتائج 57 دراسة تتعلق بالنشاط والرياضة أن مجرد القيام بأيّ تمرين، وليس بالضرورة الانخراط في تمارين لياقة، يمكن أن يقنع الإنسان وخاصة المرأة بأن شكلها الخارجي جيد وفي أحسن حالاته. وفي الدراسة التي نشرها موقع “لايف ساينس” قالت هاوسنبلاس إن التأثير النفسي الناتج عن الحركة والنشاط يتخطى الفوائد التي يمكن الحصول عليها من وراء التمارين البدنية. واتضح أن نحو 60 بالمئة من البالغين قالوا إنهم غير راضين عن أشكال أجسامهم الخارجية. وقالت هاوسنبلاس في هذا السياق “ليس سراً أن الأميركيين ينفقون سنوياً مليارات الدولارات من أجل تغيير أشكالهم وأحجامهم الخارجية ومن ذلك شراء حبوب تخفيف الوزن ومنتجات التجميل وغيرهما”. ورأت أن عدم الرضا عن شكل الجسم مشكلة كبرى في المجتمع الأميركي. وأضافت أن تصرفات الكثير من الأشخاص تتسم بالسلبية، خاصة عندما يحاولون معالجة هذه المشكلة باتّباع حمية شديدة لتخفيض الوزن والتدخين واستخدام أدوية الستيرويد والخضوع لعمليات التجميل الجراحية. وقالت إن ممارسة تمارين رياضية خفيفة مثل المشي وركوب الدراجات الهوائية وغيرهما سيجعل هؤلاء يشعرون بأنهم بحالة صحية جيدة، وأن هذا المبدأ ينطبق على النساء والرجال. وخلصت إلى أن وسائل الإعلام تلعب دوراً في تفاقم مشكلة الأميركيين غير الراضين عن أشكالهم الخارجية، خاصة بين النساء من خلال التركيز على صور النساء الأنيقات جدا من المشاهير في عالم السينما والمجتمع وغير ذلك. وأظهرت أبحاث جديدة أن 30 دقيقة فقط من ممارسة التمارين الرياضية تجعل النساء يشعرن بأنهن أقل حجمًا وأكثر ثقة في أجسادهن. وأكدت الدراسة أن القيام بنشاط لمدة نصف ساعة يجعلنا نشعر بثقة بالغة بشأن كمية الدهون في الجسم، موضحة أن هذه العواطف التي تجعل المرأة واثقة من جسدها تستمر لمدة 20 دقيقة على الأقل بعد التمرين. وقالت كاثلين مارتن جينيس من جامعة كولومبيا البريطانية “نحن نعتقد أن مشاعر القوة وتمكين المرأة التي تتحقق بعد ممارسة التمرينات الرياضية تحفّز الحوار الداخلي المتطور لدينا، وهذا بدوره يجب أن يولّد الأفكار والمشاعر الإيجابية بشأن أجسادهن التي قد تحلّ محلّ تلك المشاعر السلبية”. وحلّل باحثون من جامعة كولومبيا آثار ممارسة الرياضة على تقدير الذات الجسماني لـ60 امرأة، مع وجود حالات لصور أجسادهن الموجودة مسبقا ممّن مارسن التمرينات على نحو منتظم. وتم اختيار النساء عشوائيًا إما للقيام بـ30 دقيقة من الممارسة المعتدلة إلى القوية من التمرينات، أو قضاء نصف ساعة من القراءة.إدراك فوائد التمارين يخفف أعباءها إلى حد كبير وكشفت النتائج أن ممارسة الرياضة تحسّن تصورات المرأة لقوتها وكمية الدهون في الجسم بشكل بالغ، وهذا يؤدي بدوره إلى الصورة المثلى للجسم. وتم حفظ نتائج الدراسة لمدة 20 دقيقة على الأقل بعد انتهاء النساء من ممارسة الرياضة. ونُشرت النتائج في مجلة علم نفس الرياضة وممارسة التمرينات العلمية. وأكدت مارتن جينيس أن “المرأة، عموما، لديها ميل إلى الشعور السلبي حيال جسدها، وهذا هو مصدر قلق لأن صورة الجسم السيئة يمكن أن تكون لها آثار ضارة على صحة المرأة النفسية والجسدية، بما في ذلك زيادة خطر انخفاض الثقة بالنفس والإصابة بالاكتئاب واضطرابات الأكل”. وتابعت “هذه الدراسة تبين طريقة واحدة يمكن من خلالها الشعور بحال أفضل، ألا وهي الذهاب لممارسة التمرينات الرياضة؛ حيث يمكن أن تكون النتائج فورية”. فلممارسة التمارين البدنية تأثير إيجابي على المشاعر المرتبطة باحترام الذات والثقة في النفس وتقييم الذات. وكشفت دراسة سويدية أنّ تكثيف التربية البدنية لدى الطلاب يساعد في كسب ثقة أكبر تمكنهم من تحسين نتائجهم المدرسية. وأجريت الدراسة على أكثر من 200 طالب على مدى تسع سنوات، خضعت مجموعة منهم لدروس تربية بدنية 5 أيام في الأسبوع، بالإضافة إلى تمارين إضافية في التوازن والتنسيق، وخضعت المجموعة الأخرى لمستويات عادية من التربية البدنية. وأظهرت الدراسة أنّ 96 بالمئة من طلاب المجموعة الأولى أحرزوا نتائج جعلتهم مؤهلين للانتقال إلى المرحلة الثانوية العامة، بالمقارنة مع 89 بالمئة من طلاب المجموعة الأخرى. وبرز الفرق بشكل خاص بين الفتيان 96 بالمئة في المجموعة الأولى و83 بالمئة في المجموعة الثانية، حيث حصل الفتيان في المجموعة الأولى على نتائج أعلى في اللغتين السويدية والإنكليزية والرياضيات والتربية البدنية والصحة مقارنة مع الطلاب الآخرين. وقالت معدة الدراسة أنغريد أريكسون من جامعة مالمو السويدية إنّ التربية البدنية اليومية والمهارات الحركية المكيفة لا تحسّن مهارات الطلاب الحركية فحسب، بل تحسن نتائجهم الدراسية أيضًا. وأشارت دراسة كندية قام بها باحثون من جامعة كوينز في أونتاريو بكندا إلى أن ممارسة الرياضة لمدة لا تزيد على 4 دقائق كافية لتقويم سلوك الطلبة في الصفوف. وأوضحت الدراسة أن بضع دقائق قليلة من ممارسة التمرينات الرياضية بجدية تحسن من سلوك الطلبة داخل الصفوف، مثل التململ وعدم الانتباه والتركيز وكثرة التحدث مع الزملاء، خاصة للأطفال في المرحلة الابتدائية. وعلى الرغم من أن الطلاب في المدارس الكندية يحتاجون 20 دقيقة يومية لممارسة التمرينات الرياضية، فإن المدرسين يفتقرون إلى الطرق المبتكرة لجعل التمرينات محببة لدى الأطفال ما يمكّنهم من الاستفادة والاستمتاع بها. وأشارت الدراسة إلى أن فترة قصيرة جدًا من التمرينات الرياضية داخل الصفوف يمكن أن تكون مثيرة وممتعة للطلاب وتعزّز ثقتهم في أنفسهم وتشجّعهم على ممارسة الرياضة بشكل منتظم ومستمر. وكان الباحثون قد قاموا باختيار أحد الصفوف، وتم شرح درس معين لهم، ثم تم إعطاء الطلاب فترة قصيرة من الراحة على أن يقوموا فيها بأداء بعض التمرينات لفترة بسيطة مدتها 4 دقائق. وفي اليوم التالي تم تكرار نفس الأمر، ولكن في فترة الراحة حيث لم يمارس الأطفال أيّ تمرينات وفي المقابل تم شرح معلومات لهم عن كيفية الحياة تبعًا للقواعد الصحية، وذلك لمدة 3 أسابيع.
مشاركة :