"الآن".. مقال عن الاكتئاب الموسمي

  • 7/17/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أيام تمضي، لم أكن أعي أنها حمقاء دون أن تبرهن لي على أنها تحمل خبث نياتها.. ولكني كنت لها مُستجيباً، حتى أصبحت باهتاً دون أن أدري لماذا؟! حتى إنني تشككت في نواياي، وحجتي لها أنني مجنون كعادتي أو أنها جزء من انقلاب مشاعري المعتاد بين حدتها ونشاطها المُبالغ فيه. والآن.. وفي ذكرى ميلادي الخامس والعشرين، أتأهب من بداية الشهر بحالة من الإرهاق الشديد والحزن المتواري بالكسل والنوم المتراخي وحالة اللامبالاة التي أقتصد بها طاقتي التي قد تنفد أو نفدت حتى.. فكل هذا سطحية لألم عميق متأثر أتساءل عنه. "لماذا أنا موجود؟"، "هل أنا صدفة؟"، "هل أنا فقط نتيجة علاقة بيولوجية رسمتها الشهوة يوماً ما؟". أسئلة تجعلني أشعر بأن تلك اللحظات التي لفظني العالم فيها تُشكل التعاسة ومضمونها.. فالميلاد بالخزي سمة ترسبت بداخلي، احتواها بعض الخوف مع صغر نفْس لطفلٍ يبحث عن الأمان، أو ربما المرح في أبسط احتياجاته ينتظر تلك اللعبة في العلبة المغلفة بهذا الإطار اللامع منذ أن شهدت عيد ميلادي الأول حتى بلغت الآن. فالزمان بمواقيته لم يحلَّ أزمة مروري فيه أياماً أعاني فيها من اكتئابي الذي يحدّه دون حدود لنهاية تكراره، والعامل الأكبر لمساندته أنني لم أُشفَ بعدُ من ألم دامت مرارته. لكن ما تمكنت منه الآن أنني أتحدث عنه دون دافع لإنكاره، أريد فقط أن أعبُر منه.. فما أتمناه أن أكون سعيداً مرة أخرى حينما تنطفئ تلك الشمعة بأمنياتي أن أكون فرحاً العام المقبل بدلاً من الماضي، فلا أتمناها أن تتكرر حتى عامي الثلاثين. أتجمد كثيراً، ولا تبرح خطواتي مسافة قدمي حينما أعبر بجانب مدرستي، ربما كنت فيها طالباً فاشلاً على الرغم من أنني أعمل الآن كاتباً ومعالجاً نفسياً بجانب مجال الهندسة. لكني كنت فاشلاً ولم تتخلَّ عني نظرتي لذاتي نظرة الفشل لمن تبلغ درجاته المتوسط.. كنت محدوداً في تعليمي أو كما نضجت فيما بعد في استيعابي تلك المواد المعلوماتية. لم أكن أعلم حينذاك لماذا تزداد قبضات قلبي تباعاً وأشعر بهذا الخوف الذي تكرر لي حينما كنت طفلاً أخشى المعلمين أو الرسوب! أشعر وكأني استحضرت ذاك الخوف مجدداً لطفلي، لم أكن أعلم لماذا هذا الارتباط الشرطي كلما عبرت من طريق المدرسة، حتى بات الذعر يجعلني أتخذ طرقاً أطول؛ كي أتجنب ذاك الخوف المُسجل في اللاوعي. وباتت حواسي كلها تتعلق بذكريات، بلغت حدتها أقصاها، لكني أتمكن الآن من أن أمرَّ فيها مرور الكرام دون مضايقات غير أني أضعف.. فهذا من شيم الرجال، ولكني أظن أنني لم أتركها جميعاً؛ فربما أكون مطالَباً بتفسير أحداث غير معلومة هويتها، فذاك يجعلني أفضل، خاصة حينما أشعر بطيف رائحة عطر أختي الصغيرة. أتذكره وكأنه يعبر أمامي الآن، فيتملكني حزن الفراق وكم كانت هي سعادة قلبي! فكلما أدركها عقلي تلامس معها قلبي وعبرت رائحتها، ربما أهدأ وكأنها محاولة من روحها أن أدرك أنها حاضرة تعتصر رقبتي كما اعتادت. فالآن، لم أكن كما عاهدتني قبلاً، كنت طفلاً بسيطاً، لكني الآن شاباً أظنه معقَّداً، غير أني كبرت عما كنت أظنه أنا. فربما صنعت بعض المجد وشفاء لذاك الطفل الجريح، لكنني على الأغلب أنمو؛ ما جعلني أكتئب أحياناً، لكني ما زلت أحاول أن أكون سعيداً. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :