القاهرة- خالد بطراوي | كم من مواقف تشهدها الأعمال السينمائية، خلال وبعد تصويرها، تظل عالقة في وجدان أبطالها لما لها من ذكريات، ربما لا يعرف المشاهد الكثير عنها، الصورة تبقى دليلا حيا على الموقف.. نقدمها مع قصة الحدث ليخرج في «حكاية زمان يا فن». لا جدال في أن الموسيقار محمد عبدالوهاب يعد من أقدم المنتجين السينمائيين في العالم العربي، إذ إنه منتج سينمائي منذ عام 1933، أي من اليوم أنتج فيه فيلم «الوردة البيضاء»، ثم تابع إنتاجه بعد ذلك، فقدم ستة أفلام، كان هو بطلها، حتى رأى في عام 1945 أن ينتج أفلاما يقوم فيها بدور المنتج فقط، فأنتج فيلم «الحب الأول»، بطولة رجاء عبده وجلال حرب، ثم «تاكسي حنطور» بطولة محمد عبدالمطلب وسامية جمال، إخراج أحمد بدرخان عام 1945. وتوقف الموسيقار محمد عبدالوهاب قليلا، عندما اشتغل في آخر أفلامه السينمائية «لست ملاكا» مع نور الهدى وليلى فوزى عام 1946، ولم يكد ينتهي منه حتى أقنعه الفنان أنور وجدي بالانضمام إليه كشريك، فاتحدا معا وانتجا فيلمي «غزل البنات» و«عنبر». ولكن يبدو أن عين الحسود، كما يقولون، أصابت الشريكين الصديقين في أوائل عام 1950، فانفصلا كي يتابع أنور وجدي إنتاجه في فيلم «ياسمين»، الذي قدم فيه لأول مرة الطفلة المعجزة فيروز، وكي يستعد محمد عبدالوهاب لإنتاج أفلام لشركته العريقة في السوق. وقد وضع محمد عبدالوهاب برنامجا ضخما لإنتاجه، إذ قرر إنتاج أربعة أفلام، يتم تنفيذها خلال عام 1951، ويقوم هو بالتمثيل في الفيلم الرابع منها. وكان الفيلم الأول من هذا البرنامج هو «حبيت وغنيت»، الذي تبدل اسمه فيما بعد إلى «سيبوني أغني». وقد اختار له حسين فوزي ليخرجه، وقد كانت «ضربة معلم» من الموسيقار محمد عبدالوهاب حين اختار المخرج حسين فوزي كي يقوم بإخراج هذا الفيلم بالذات، لأن بطل الفيلم هو سعد عبدالوهاب، ابن أخ الموسيقار محمد عبدالوهاب، ويرجع فضل اكتشاف سعد عبدالوهاب السينمائي إلى المخرج حسين فوزي، الذى قدمه لأول مرة أمام الفنانة نعيمة عاكف في «العيش والملح»، الذي شهد إقبالا شديدا وحقق آلاف الجنيهات عام 1949. وقد أحاط حسين فوزي فيلم «سيبوني أغني»، إلى جانب بطليه صباح وسعد عبدالوهاب، بباقة من نجوم الصف الثاني هم: ماجدة، اسماعيل ياسين، هاجر حمدي، إلياس مؤدب، ولولا عبده، والغريب أن الموسيقار محمد عبدالوهاب، أهدى الفيلم بعضا من ألحانه الرائعة، ومنها أغنية «ورد يا زرع ايديه» التي غنتها صباح. أما الأغرب، فإن الفيلم لم يحقق أي نجاح يذكر، على الرغم من أن سعد عبدالوهاب مطرب جيد، وشخصية ظريفة، ولكنه لم يكسب إعجاب الجمهور، لأنه كان يشبه عمه الموسيقار محمد عبدالوهاب إلى حد بعيد، والجمهور عادة يحب الأصل، ولذلك تعذر على سعد عبدالوهاب أن يكون نجما محبوبا من الجمهور. ومن أطرف التشنيعات التي أطلقها سعد عبدالوهاب على نفسه أثناء عرض فيلم «سيبوني أغني» عام 1950، كلما التقى بأحد المعجبين وأنبه على اختيار الفيلم، قال سعد عبدالوهاب: «سيبوني أغني.. دي فلوس عمي».
مشاركة :