بقلم : حذيفة مدخلي مثل أي بلد في العالم توجد في بريطانيا عنصرية. لكن على الجانب الآخر يوجد مجموعة كبيرة من الشعب البريطاني, يقدِّر الشخص الأجنبي سواءً كان زائراً لبريطانيا أو دارساً أو حتى يعمل فيها. قضيتُ في بريطانيا مدة تزيد عن 6 سنوات كطالب وتنقّلت فيها بين عدة مدن بريطانية, ووجدت أحياناً بعض التصرفات المزعجة, لكن كثيراً ما وجدت تعاملاً طيباً من أغلبية الناس. حتى زوجتي, تخرج من البيت لتذهب إلى معهدها, تعرّضت في بعض الأحيان لتصرفات عنصرية مزعجة, لكن أيضاً وجَدت تعاملاً طيباً أكثر من تلك التصرفات المزعجة. لا يجب علينا أن نخلط الأمور وأن ننسى كل الأمور الإيجابية ونظهر السلبية فقط, ولا يجب أن نكون سلبيين لدرجة أننا نثير الذعر بين المبتعثين والمبتعثات. فما حصل للأخت ناهد المانع الزيد رحمها الله- كانت جريمة قام بها شخص واحد, لا كل المُجتمع البريطاني. نتذكر كُلنا أحداثاً مؤسفة حصلت لأمريكان وأوربيين في بلادنا الإسلامية, فبمجرد أن يُقتل أحدهم, ننطلق متهمين الشخص الذي قام بالجريمة أو التنظيم الذي خططها ونرفض أي محاولات لتصويرنا كمجتمع عنصري يقتل غير المسلمين. هذا ما يجب أن نفعله الآن, يجب علينا أن نتّهم الشخص الذي قتل أختنا المبتعثة ناهد المانع لا أن نقوم بالهجوم على المجتمع البريطاني ووصفه كاملاً بالمجتمع العنصري الذي يتربص بنا الدوائر. نفس المدينة التي قُتلت فيها أختنا ناهد المانع, قتل فيها شاب بريطاني لم يتجاوز العشرين سنة قبل عدة أشهر, والشرطة تُرجّح أن يكون الفاعل واحداً أو مجموعةً واحدة, يجب علينا انتظار التحقيقات لا أن نقحم البريطانيين أو الحكومة البريطانية فيما حصل لأختنا رحمها الله. النادي السعودي في مدينة بليموث قام مشكوراً بالتواصل مع الشرطة لمقابلة المبتعثين والمبتعثات والمسلمين والمسلمات لإعطائهم بعض التعليمات والنصائح وتهدئة نفوسهم, وقد قبلت الشرطة مُقترح النادي مباشرة دون نقاش ورحبت بالفكرة وأعطتنا مرونة في الوقت والمكان والطريقة, فماذا يعني لنا هذا؟ بريطانيا دولة متسامحة مع المسلمين الذين يعيشون فيها وكذلك جزء كبير من شعبها، وما تقوم به الشرطة والشعب البريطاني من متابعات للقضية وتعاطف مع المسلمين بسبب ما حصل يؤكّد أن لنا احتراماً وتقديراً كبيرين في هذا البلد. أما المطالبة بالخروج في مظاهرات وإثارة الذعر في نفوس المبتعثين والمبتعثات وإثارة أفكار كتلك التي تقول إننا مستهدفون, كلها دعوات سلبية تريد زيادة الطين بلة. ربما كانت ستكون دعوات صادقة في حالة أظهرت الحكومة البريطانية أو الإعلام البريطاني لا مبالاة بالأمر أو وضعوا التهمة على المسلمين لا على القاتل, لكن ما حصل كان العكس تماماً. يجب علينا الوقوف مع الحكومة البريطانية وسفارة المملكة العربية السعودية لتقوم كل جهة بدورها المسؤولة عنه وألا نُعطّل الأمور بإثارة المشاكل أو زيادة الذُعر في نفوس المبتعثين والمبتعثات, ويجب أن نشارك الأندية السعودية والجهات الخيرية في أعمالها الرمضانية التي تسعى لجعلها صدقةً جارية لأختنا ناهد المانع. وأن نحول ما حصل لأختنا لأمور إيجابية عدة. شكراً لكل من ساهم بتحويل ما حصل لأمور إيجابية تفيد المبتعثين والمسلمين وتزيد من التسامح والتعايش بيننا وبين المجتمع البريطاني. نقلا عن الجزيرة
مشاركة :