الرقة (سوريا) (أ ف ب) - شهدت مدينة الرقة السورية الاثنين معارك عنيفة تزامنت مع إعلان قوات سوريا الديموقراطية التي تدعمها واشنطن انتزاع حي جديد فيها من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية، في حين استعادت قوات النظام السوري قرى وحقولا نفطية في المنطقة. وكان من السهل سماع دوي قصف مدفعي وغارات جوية نفذها التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في الأحياء الغربية للرقة، المعقل الرئيسي لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا منذ سيطر عليها عام 2014. وأسفرت غارات التحالف عن عشرة قتلى مدنيين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأفادت مراسلة وكالة فرانس برس في المنطقة أن القصف الاثنين كان الأعنف خلال أسبوع، فيما غطت سحب الدخان الأسود سماء المدينة الواقعة شمال سوريا حيث تدمرت منازل اسمنتية ومئذنة أحد المساجد. وأوضح مقاتل من قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من الولايات المتحدة عقب وقوع سلسة انفجارات على الجبهة في الرقة أن "الرفاق الأميركيين يقصفون بالهاون". وكان مقاتلون عرب وأكراد منضوون تحت مظلة قوات سوريا الديموقراطية، اطلقوا بغطاء جوي من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ومدعومين ببطاريات مدفعية زودتهم بها مشاة البحرية الاميركية (المارينز)، معركة شرسة منذ العام الماضي لانتزاع الرقة من تنظيم الدولة الإسلامية. وافادت مراسلة فرانس برس في جزرة، على الضواحي الغربية للرقة، الاثنين انها شاهدت قوات التحالف تطلق نيران المدفعية من موقع مشترك مع قوات سوريا الديموقراطية باتجاه مواقع تنظيم الدولة الاسلامية داخل الرقة. وحاصرت قوات سوريا الديموقراطية الرقة عدة أشهر قبل أن تدخل اطراف المدينة لأول مرة في حزيران/يونيو. وأعلنت الاثنين أنها سيطرت على اليرموك، وهو حي واسع جنوب غرب المدينة. وقالت المتحدثة باسم قوات سوريا الديموقراطية جيهان الشيخ أحمد لوكالة فرانس برس "لقد تم تحرير حي اليرموك البارحة". وتابعت المتحدثة من مدينة عين عيسى (50 كلم شمال الرقة) أن "الحملة مستمرة لكن هناك اشتباكات عنيفة جدا". وأضافت "نخطو خطوات ثابتة وسليمة (...) المهم بالنسبة لنا ليس السرعة بل تحرير المدنيين والقضاء على داعش". ومن جهتهم، يقاتل الجهاديون بشراسة ضد قوات سوريا الديموقراطية مستخدمين سيارات مفخخة ومتفجرات وطائرات دون طيار تستخدم لأغراض تجارية زودت بالأسلحة. ولدى سماع مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية صوت أزيز خفيف من الأعلى، نظروا إلى السماء حيث قال أحدهم "هذه طائرة (بدون طيار) لداعش". - قوات النظام تتقدم جنوب الرقة - أما الإعلام السوري الرسمي، فأعلن الاثنين أن قوات النظام سيطرت على عدد من القرى والحقول النفطية في أرياف الرقة دير الزور -- التي يسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على أجزاء واسعة منها. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) "استعادت وحدات من الجيش العربى السورى فى اليومين الماضيين السيطرة على عدد من القرى وحقول النفط فى ريف ديرالزور الغربى وريف الرقة الجنوبى" مشيرة إلى تدمير "عشرات" المركبات التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية وقتل عدد من مقاتليه، بينهم أجانب. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان الاثنين أن القوات الحكومية تقدمت مدعومة بقصف جوي عنيف من طائرات النظام وحليفتها روسيا. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن "في الساعات الـ48 الأخيرة، سيطرت قوات النظام على ما بين 1500 و1800 كلم مربع من ريف الرقة الجنوبي". وأضاف أن قوات النظام تتقدم تجاه جبل البشري، وهي سلسلة جبلية تضم أجزاء من محافظات الرقة ودير الزور وحمص. وأوضح عبد الرحمن أنه "إذا سيطر النظام على جبل البشري، يستطيع ان يسيطر على كل المناطق المجاورة". ويعيق انتشار الألغام التي زرعها التنظيم محاولات التقدم داخل الرقة ويهدد حياة المدنيين الذين يحاولون الفرار. وقال احد قادة قوات سوريا الديموقراطية لفرانس برس دون ان يكشف عن هويته "هناك الكثير من الضحايا سواء من المقاتلين او المدنيين نتيجة الألغام". وأضاف "قمنا بالأمس بدفن ستة مدنيين انفجر بهم لغم خلال محاولتهم الهرب". - 50 ألف مدني لا يزالون محاصرين - ومن جهتها، تقدر الأمم المتحدة أن ما يقارب من 50 ألف مدني لا يزالون محاصرين في الرقة، مقارنة بـ100 ألف شخص في نهاية حزيران/يونيو. وأوردت قوات سوريا الديموقراطية على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي الاثنين ان مقاتليها "تمكنوا من تحرير حوالي 500 مدني كانوا عالقين داخل حيي الدرعية والطيار، اضافة الى 150 آخرين من داخل البلدة القديمة" داخل الرقة. وأما المرصد، فذكر أن مئات المدنيين فروا من المناطق التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف في المدينة خلال الساعات الـ48 الماضية. وقال عبد الرحمن "كلما هدأت المعارك، يغادر المدنيون باتجاه مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية". وبحسب المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، باتت القوات المدعومة من واشنطن تسيطر على 35 بالمئة من المدينة. وأوضح أنه رغم سيطرة قوات سوريا الديموقراطية على القسم الغربي من حي اليرموك، إلا أنهم لم يتمكنوا بعد من إحكام قبضتهم على الحي وسط استمرار المعارك. وأضاف المرصد كذلك أن غارات التحالف الذي تقوده واشنطن أسفرت عن عشرة قتلى مدنيين على الأقل، بينهم طفلان في الرقة. وقتل أكثر من 300 ألف شخص منذ اندلع النزاع السوري عقب خروج تظاهرات تطالب بإصلاحات سياسة في آذار/مارس 2011. ومنذ سيطرته عليها، فرض تنظيم الدولة الإسلامية على سكان الرقة ممارسات وحشية شملت قطع الرؤوس والأطراف في الساحات العامة والرجم.ربى الحسيني © 2017 AFP
مشاركة :