سياسة المراوغة التي تنتهجها القطر في عزلتها الراهنة، ورفضها كل التحركات السياسية التي تجري على الأرض، لإقناعها بالعدول عن أنشطتها المناوئة للدول العربية، كبدت اقتصاد الدوحة ثمناً باهظاً، لاسيما قطاع المصارف الذي دخل مرحلة حرجة بعد دخول المقاطعة شهرها الثاني.ويرى مختصون في القطاع المصرفي ل«العربية نت» أن هناك جملة من التحديات تواجهها البنوك القطرية، أبرزها تقليص عمليات الإنفاق في شكل قروض للمحافظة على السيولة النقدية، في ظل انخفاض سعر الفائدة بين البنوك في قطر، إضافة إلى المخاوف من قلة العملة الأجنبية، وسعي الدوحة، رغم المخاطر، لمواصلة الإنفاق لتمويل مشروعات البناء اللازمة لإقامة كأس العالم لكرة القدم، بحسب ما ورد في صحيفة «الشرق الأوسط».إذ بلغ متوسط نسبة القروض إلى الودائع في البنوك القطرية نحو 111.6%، وهذا سيضغط عليها في مواجهة ضعف الريال وشح العملة الأجنبية في حال عمدت العمالة الوافدة إلى تحويل مدخراتها إلى دولها. ضغوط كبيرة وتشكل ودائع غير المقيمين نحو 24% من إجمالي الودائع في 18 مؤسسة إقراض داخل قطر لشهر إبريل/نيسان 2017، وفقاً لتقارير صحفية أشارت إلى أن المقاطعة ستضر في المقام الأول بقطر وشركائها، خاصة أن خيارات قطر لن تساعدها في تخطي أزمتها مع كثرة الضغوط التي تواجهها البنوك المحلية.وقال الخبير في المصرفية الإسلامية صلاح الشلهوب، إن مقاطعة الدول الأربع لقطر في ظل تعنت الدوحة، أسهمت في خفض فرص البنوك القطرية التي تستهدف، وبشكل كبير، المستثمر الخليجي، سواءً من خلال استثماراته في البنوك بشراء الأسهم، أو الاستثمار في الأدوات التي تمتلكها هذه البنوك، أو من خلال الأنشطة التجارية المتنوعة التي تحتاج فيها المعاملات البنكية، وهذه المعطيات أصبحت في الوقت الراهن شبه معدومة.وأضاف الشلهوب أن البنوك القطرية تعمل الآن على التخارج من جميع الأنشطة والأعمال الموجودة في قطر، إضافة إلى أن الأنشطة التجارية والمستثمرين أصبح لديهم قلق من الاستثمار في قطر.واستطرد أن «البنوك كانت تستفيد قبل المقاطعة من النشاط السياحي، وهذا فقدته قطر في هذه المرحلة»، لافتاً إلى أن علاقات الدوحة بالدول المقاطعة مهمة ورئيسية لتكوين علاقات أخرى خارجية، لذلك لن يكون الضرر بضعف نشاطها مع الدول المجاورة فقط، وإنما يتخطى ذلك لكون دول العالم في أوروبا وأمريكا وغيرها لديها قلق من الاستثمار في قطر، ولو طال أمد الأزمة سيتحول القلق إلى مخاطر.وأشار إلى أنه في حال عودة الأمور لما كانت عليه، فإن الدول حول العالم سيظل لديها هاجس عن الضمانات مستقبلاً، وهذا من أبرز العوامل التي توثر في البنوك القطرية ونشاطها.وتعمل البنوك القطرية في الوقت الراهن للمحافظة على السيولة النقدية وتقليص عمليات القروض بكل أشكالها، بحسب الشلهوب، وتسعى للمحافظة على العملات الأجنبية التي تمكنها من مواجهة التحديدات.وأشار الشلهوب إلى أن واقعة بنك باركليز البريطاني تسببت بفقدان الثقة، وقلق على المستوى الدولي حول الصناديق السيادية القطرية، وما نتج عنه من إشكالات مع البنوك الخارجية. وسيبعث ذلك برسالة للمستثمر الأجنبي أن هذه الأمور تمارس داخل البنوك القطرية، وبالتالي لن تكون هناك مجازفة نظراً لفقدان الثقة. مخاطر قياسية وتسبب العزلة التي دخلت فيها قطر رفع معدلات المخاطر الخاصة باقتصادها، ما تسبب بالضغط على السيولة القطرية، لاسيما بعد أن ارتفعت عوائد السندات السيادية القطرية المستحقة في 2021 متخطية 3% وأنهت الربع الثاني من العام 2017 عند مستوى 3.12%، مرتفعة بواقع 45 نقطة أساس. كما أدت المقاطعة قطر إلى قيام وكالة «موديز» بمراجعة نظرتها المستقبلية للتصنيف السيادي لقطر وتخفيضها إلى «سلبية».كما أدت العزلة لارتفاع مخاطر الاستثمار في الدوحة، حيث بلغت أسعار مبادلة مخاطر الائتمان 118 نقطة أساس، مرتفعة بواقع 48 نقطة أساس خلال الربع الثاني من العام 2017، فيما يعد أعلى معدلاتها منذ عام.وأثرت هذه العوامل في ثقة المستثمر، وقد تعرقل نشاط الإصدارات الإقليمية في المستقبل لا سيما إذا تصاعدت حدة المقاطعة، أو طال أمدها.
مشاركة :