قالت مستشار رئيس الجمهورية المصري الدكتورة سكينة فؤاد، إن الحكومة المصرية تأخرت في فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في محاولة لحقن الدماء، وإعادة الرشد الوطني للمعتصمين، مشددة على أن قرار فض الاعتصامين كان سيتم في كل الأحوال وفق المعايير الدولية وحقوق الانسان. وأوضحت فؤاد في حوارها مع «المدينة» أن «جماعة الإخوان تريد مواجهات دامية، لإثارة العالم ضد النظام المصري الجديد». مشددةً على أنه «هناك خطوط حمراء تتعلق بعدم وقف الحياة في مصر أو المساس بالأمن القومي المصري، فكلاهما خط أحمر، كما أن الجماعة تسعى إلى استغلال الظروف الصعبة للآلاف من المصريين الذين يعانون من الفقر خدمة لأهدافهم الخاصة». وفيما يلي نص الحوار: * بداية، كيف تنظرين إلى قرار فض اعتصامي رابعة والنهضة والاتهامات الموجهة للحكومة المصرية بأنها جريمة إبادة جماعية؟ ** فض الاعتصامين تم وفق المعايير الدولية، ومعايير حقوق الإنسان، ومما لا شك فيه فإن الأمور تفاقمت إلى درجة كبيرة، ووصلت إلى محاولة لإيقاف الحياة تمامًا، ولا أحد يتصور أن أي فصيل سياسي مهما كانت مطالبه أن تتعارض مع مصلحة البلد والأمن القومي لمصر، إلا إذا كان المطلوب هو إيقاف حركة الحياة في مصر، لذلك فأنا أؤكد أن الحلول السياسية تمضي إلى نقطة معينة، وبعدها كان لابد من التدخل لفض الاعتصامين. * ولكن لماذا تأخر قرار الفض الاعتصام من وجهة نظرك؟ ** كنا جميعًا نسعى إلى حقن الدماء وإعادة الرشد الوطني للمعتصمين، وحتى تنضم جماعة الإخوان المسلمين إلى النسيج الوطني وتقدم مصلحة مصر على مصلحتها الخاصة، وهو ما أدّى إلى تأجيل قرار كان سيتم فى كل الأحوال وفق المعايير الدولية ومعايير حقوق الانسان. * ولكن هناك إصرار من الجماعة على عدم فض الاعتصام حيث يفضلون القتل على العودة، فهل زيادة أعداد القتلى تحرج الحكومة؟ كما ان الاخوان هددوا بالانتقال إلى ميدان التحرير للاعتصام فيه حال فض اعتصام النهضة ورابعة العدوية؟ ** للاسف هناك محاولات لجر البلاد إلى مواجهات دامية، فالجماعة تريد هذه المواجهات الدامية لإثارة العالم ضد النظام المصري الجديد، بينما يتعامل هذا النظام معهم وفق كل القواعد الضميرية والإيمانية وطبقا لحقوق الإنسان، ولكن هناك خطوط حمراء تتعلق بعدم وقف الحياة في مصر أو المساس بالأمن القومي المصري، فكلاهما خط أحمر، كما أن الإخوان المسلمين تسعى إلى استغلال الظروف الصعبة للآلاف من المصريين الذين يعانون من الفقر. * وماذا عن التوقعات بتزايد الهجمات والعمليات الإرهابية فى سيناء وبعض المحافظات ردًّا على فض الاعتصام بالقوة؟ ** فى الحقيقة.. ما يحدث فى سيناء الآن هى محاولات لاستخدام الإرهاب لفتح جبهات تجر إليها القوات المسلحة المصرية، وجبهات أخرى داخلية وتضع مواجهات بين أبناء الوطن الواحد، فهناك مصالح دولية لقوى وتنظيمات دولية تسعى إلى ذلك، ولكن الإدارة السياسية المصرية تتعامل معهم ببالغ الحكمة. * كيف تنظرين إلى التصريحات المتطرفة التي تصدر من قيادات إخوانية، والتى تطالب بتدخل الناتو وتشترط عودة مرسي كرئيس لوقف العمليات في سيناء وغيرها؟ ** بالطبع هذه التصريحات تزيد الموقف تأزمًا كما أنها تدين جماعة الإخوان المسلمين وتؤكد تورطهم في أحداث سيناء، وهو ما يؤكد أن الجيش والحكومة يتعرضان لمخطط انتقامي من الجماعة بهدف تقسيم مصر ومحاصرتها داخليًّا وخارجيًّا، ورغم كل ذلك فالحكومة المصرية حريصة على كل المصريين. * وماذا عن الأطفال الموجودين بالاعتصامات وما يتردد أنهم من أطفال الملاجئ؟ ** في جميع الأحوال هم أطفال مصريون، ولا يمكن تركهم يتعرضون لهذا الاستغلال غير الأخلاقى وغير الإنسانى الذي تقوم به الجماعة، والذى كان سببًا رئيسًا فى تأجيل فض الاعتصام والقبول بالمبادرات التى كانت تطرح لحل الأزمة، والتى رفضتها جميعها جماعة الإخوان، فكان التأجيل والانتظار رغم أن كل يوم كانت تتزايد صرخات الآلاف من المصريين الذين يضارون من هذه الاعتصامات ومما يحدث فى الشوارع من سكان رابعة العدوية والمناطق المحيطة بالنهضة، والتي تتواجد بها جامعة القاهرة وهى من أعرق الجامعات في المنطقة، خاصة أنه لم تتبق إلا أيام معدودة وتعود الدراسة فى الجامعة لذلك كان لا يمكن أن يتم الانتظار أكثر من ذلك. * ولكن هناك اتهامات وجهت للحكومة المصرية بأنها كانت تماطل فى فض الاعتصام نظرًا لوجود ضغوط أمريكية وأوروبية تمنعهم من اتخاذ القرار؟ ** هذا الكلام غير حقيقي، فمصر لن ترضخ لأي ضغوط أمريكية أو أوروبية، فالسيادة المصرية لا غبار عليها ولا أحد يستطيع فرض قراره على مصر وهذا قرار ليس محل مناقشة من أحد أو مع أحد. * ولكن الولايات المتحدة الأمريكية هددت بقطع العلاقات حال فض الاعتصام بالقوة بالإضافة إلى وقف المعونة الأمريكية إلى مصر، فكيف تنظرين لهذا الأمر وكذلك العلاقات المصرية الأمريكية فى المرحلة المقبلة؟ ** في الحقيقة الهدف الأساس لثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 هو وقف الهيمنة الأمريكية على مصر، وكذلك الصهيونية وأعتقد أن الخطاب المصري القوى الذى صدر عن عدد من القيادات المصرية والقائد العام للقوات المسلحة، يؤكد أن مصر لن تقبل المساس بسيادتها أو التدخل في شئونها الداخلية، والسماح بوساطات دولية لا يعنى المساس بالسيادة لمصرية، ولا أحد يملك على مصر فرض أي قرار عليها أو أي املاءات. * وماذا عن المعونة الأمريكية؟ ** مصر ليست دولة هينة وعلى أمريكا أن تعلم أنها بكل دعمها ومعونتها وكل ما يأتى منها إلى مصر، تكون هي أكثر استفادة من مصر لأنها تعلم جيدًا قدر مصر وأهميتها، وآن الآوان أن يتم إنهاء الهيمنة الأمريكية على مصر، فلا مساس بالسيادة المصرية، أما بالنسبة للعلاقات المصرية الأمريكية فيجب أن تكون على أساس تبادل المصالح فى إطار الاحترام المتبادل لكل دولة وكل شعب اما مسالة التدخل فى شئوننا الداخلية فلن نسمح به على الاطلاق. * بعد فض الاعتصام ما هي السيناريوهات المتوقعة من وجهة نظرك وما الذى يمكن ان تقعله الجماعة؟ ** لا أتصور أن أي مصلحة لأي جماعة أو أي فصيل سياسي، يمكن أن تتقدم على الفرائض الوطنية والانسانية وحفظ أمن الوطن، ومن يعتقد أن له حق عليه اللجوء إلى القانون ويعود إلى الاتفاق الوطنى ويعيد ترتيب أوراقه وفق القانون ووفق خارطة المستقبل، التى حددت الخطوات والتي كانت مطلوبة منذ قيام ثورة يناير 2011، ولكن للأسف أخذ المسار بعيدًا عنا وجرنا إلى ما وصلنا إليه، لذلك فأنا أرى أن خارطة المستقبل تعيد المسار الآن وتصححه كما أنها تمت بتفويض الملايين من المصريين، ولا سبيل للخروج عليها والتمادي في تهديد الأمن القومي المصري، لأنه في كل الأحوال سيتم التعامل بمنتهى الحزم مع أي محاولة للإضرار بمصالح البلاد وفقا للقانون والأعراف الدولية. * وهل تعتقدين أن الإخوان انتهت إلى الأبد، ولن تشارك فى الحياة السياسية فى مصر وتعود مرة أخرى جماعة محظورة؟ ** مصر الآن إزاء مرحلة جديدة يكتب فيها الدستور، ويعاد تصحيحه، وتوضع خطوات وخريطة للمستقبل على أساس جديد من العدالة واحترام السيادة القومية، وكل من يدخل فى هذا الإطار ويقنن أوضاعه أهلا به، ولكننا فى الوقت ذاته لن نسامح من ارتكب أخطاء بالدم، وسنحاسب كل من أخطئ فى حق مصر وأمنها وسيادتها، فالتصالح سيكون على أسس ومن سيحترم هذه الأسس سيعود ويكون جزءًا من النسيج الوطني على أسس وقواعد العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، مثلما حدث في جنوب إفريقيا فلا عدالة بدون محاسبة ولا تسامح في الدم.
مشاركة :