في مصر رغم الحالة التي وصلت إليها "البلاد" من سوء، هناك من يقول: ما زلت أثق في "الرئيس السيسي" والبعض يعتقد أن "السيسي" هو "الصقر" الذي لا ينام من أجل مصر، وما زال البعض يربط ما بين استقرار الدولة المصرية وبين وجود "السيسي" واستمراره في الحكم؛ بل يذهب بعض من هؤلاء إلى طرح رؤية حول الانتخابات الرئاسية القادمة، بأن من سيترشح أمام السيسي فهو "خائن"، أو أن له ارتباطاً ما بجماعة "الإخوان المسلمين"، ولم يسلم من هذا التشويه "الدعائي" التابع لمعسكر السلطة الملتصق بالرئيس السيسي: كل الأسماء التي طرحت نفسها أو المرجو منها أن تكون منافساً قوياً للسيسي، بعد ما تردت الأوضاع في مصر، حتى أصبح كيان الدولة نفسه مهدداً. وبعد 3 سنوات ونصف على وجود ما سُمي في وقت ما بأنه "الرئيس الضرورة" وربما لم تكن مصر لأسباب كثيرة وقتها في حاجة إلى هذا "الرئيس الضرورة"، ولا إلى الدفع بالجيش؛ ليقود انقلاباً "عسكرياً دينياً طائفياً" في 3 يوليو|تموز 2013 ضد الوضع العام في الدولة المصرية بأكثر مما كان موجهاً نحو إخفاق أو تقصير من النظام "الهش"، الذي كان على رأسه الرئيس محمد مرسي، والذين أتوا برئيس الضرورة في الداخل والخارج كانوا يظنون أنهم يصنعون رئيساً "متوافقاً عليه" في "الجمهورية المصرية العسكرية الطابع"، وأن هذا الرئيس على هواهم ووفق مصالحهم، ولكن الأمور صارت ورئيس الضرورة يتصرف ببعض الإرضاء للخارج، ولكن هذا على حساب تدمير الداخل المصري. ومع بداية السنة الرابعة، أصبحت "متاهة رئيس الضرورة" الذي تحول إلى ديكتاتور "كامل النمو" ولكن بلا "عقل ديمقراطي" أصبحت متاهة هذا "الرئيس الديكتاتور" تتوسع وأصبح الرئيس ومعه الجزء الأكبر من النظام يصنع الكوارث والأزمات لنفسه ولحياة المصريين. ولمرات بلا عدد تصرف نظام الحكم في مصر على النحو الخاطئ، وفي الطريق الخاطئ، وعلى النحو الذي استنه منذ بداية فترة حكم الرئيس "عبد الفتاح السيسي" مجموعة من المستشارين "الديكتاتوري الهوى" كان من بينهم الصحفي الراحل " محمد حسنين هيكل" وقد استن هؤلاء: استخدام التشريع الموجه وإصدار القوانين المقيدة للحريات والتدابير اﻷمنية والحلول المخابراتية واللعب السري والعمليات والمقامرات والمغامرات السرية، والتدني إلى المغامرة بالحرب اﻷهلية الطبقية، أو الدينية، واستخدام الدعاية والإعلام السلطوي على أوسع نطاق في تخدير الجماهير والتلاعب بالوعي. ورغم كل هذا فإن الأوضاع الحالية تكشف أنه: لن تنقذ هذه العبثيات نظام الحكم من مصيره المحتوم الذي يسير فيه "بتبني حكم الفرد" والاستبدادية في ممارسة السلطة، وتنحية الشعب عن صنع القرار السياسي والقرار الوطني، بحجة أن الشعب غير مؤهل للحكم الديمقراطي ومنطق الدعاية الموجهة هذا قاصر عن فهم حجم الدولة المصرية وتاريخها، وقاصر أيضاً عن فهم طبيعة شعبها وخروجاته وثوراته على الحكام. الرئيس السيسي يحاول تحسين فرصه في البقاء في الحكم، ليس للسنة المتبقية من فترته الرئاسية فقط؛ بل إلى حد مَد هذه السنة المتبقية إلى سنوات كثيرة، تتجاوز فترة الحكم الدستورية له، وهي "مدتان" عدد سنواتهما 8 سنوات، وذلك بعد تحالفه الشخصي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وعبر إعادة التحالفات مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية، وقبل ذلك بقبول تحالف استراتيجي ظاهر الجزء العلوي منه مع دولة إسرائيل وقيادتها وجيشها. ومحاولة "السيسي" لتحسين فرصه في الحكم تستهدف الخارج أساساً ولا تقيم وزناً للداخل المصري، من حيث ضرورة إرضاء الشعب والاستجابة لمطالبه في "الحقوق الحياتية المعيشية"، أو فيما يتعلق بالحريات العامة والعدالة القضائية، ويستعيض "نظام السيسي" عن هذه الواجبات المفروضة للشعب، بتعميق القبضة الأمنية وإطلاق القبضة التشريعية الموالية له؛ لتصنع مزيداً من تقييد حريات المصريين وبخس حقوقهم. والحاصل في مأزق النظام المصري الحالي أن المنظومة الخارجية التي تخطط مع النظام للاحتيال على الشعب المصري مكشوفة، وغلمان اﻹعلام اﻷمني في الداخل والخارج مفضوحون ومحدودون، ولا يمكن أن يقودوا الرأي العام في مصر ولا في الوطن العربي بالطبع. لقد انكشفت "هشاشة إعلام النظام المصري" بل وانكشف النظام كله وفضح عدم قدرته على إدارة الدولة المصرية، سواء باﻷشكال السوية لممارسة اﻹدارة السليمة أو حتى بلجوء النظام لنوع من اﻷساليب السرية والتآمرية؛ لإجهاض "بوادر" الثورة الشعبية والغضب المصري، على مجمل أداء النظام، وعلى الإجراءات الاقتصادية الإفقارية غير المسبوقة التي أقرها النظام منذ 3 نوفمبر|تشرين الثاني 2016. والحاصل من مجمل أساليب النظام وسياساته ومؤامراته تحقيق خسارة مصرية مستمرة وتآكل لقيمة الدولة، وانقسام شعبي في كل أنحاء مصر، وغلاء "لوسائل الاستمرار على قيد الحياة" يكوي أغلبية المصريين، والحاصل اﻵن أيضاً أن "غير المدركين لحقيقة النظام "من المصريين" أصبحوا يكتشفون يوماً بعد يوم أنهم كانوا "غير واعين"، ويفيقون من غفلتهم على مزيد من الخسائر لهم، بما يعني أن أعداد الناقمين على النظام الذي حاول خداع الجميع في زيادة. والوقت ليس مع النظام الحالي الذي تتهدده ثورة شعبية آتية آتية، واستمرار "نظام الحكم الحالي في مصر" على الشكل الذي هو عليه الآن فيه النهاية والخسارة والضياع لمكاسب حقيقية كانت في حوزة المصريين؟ الترتيب اﻷمني التآمري الذي رتبه نظام الرئيس السيسي لإجهاض الثورة الشعبية المحتجة على "الغلاء غير المحتمل" تمثل في اختلاق النظام نفسه ثورة وهمية، واختلاق صدام اجتماعي يتم من خلال القبضة اﻷمنية والعسكرية القوية المسيطر عليها: توجيه "ضربة إجهاض" لأي تحركات ثورية ضد النظام وسياساته التي تنحاز للأثرياء في مصر وأثرياء اﻷجانب الذين يعيشون أو يستثمرون فيها. وسيظل المرتب من نظام السيسي للمصريين: "فخ" دائم لإجهاض "الثورة الشعبية" باختلاق ظرف لقتلها، ولكن دون علاج أسباب "الثورة الشعبية الحقيقية"، وعلاج المشاكل المجتمعية واﻷزمة الاقتصادية التي صنعها النظام نفسه، وقد كان هذا هو الحل الذي ينسجم مع طبيعة النظام ومع طبيعة شخصياته، محبذاً الحل اﻷمني التآمري بإحداث "الفتنة الطبقية" والحرب اﻷهلية الطبقية، بعد أن ضاقت الحياة على الفقراء والبسطاء في مصر، وقد أصبحوا منبوذين من سلطتهم التي تآمرت عليهم، وباعت للأثرياء في الخليج أماكن سكناهم ليقيموا عليها "المنتجعات الترفيهية"، وكما حدث في "جزيرة الوراق"، وفي "مثلث ماسبيرو" في قلب القاهرة. النظام في مصر الآن ماضٍ بأساليبه، حتى ولو كانت تآمرية وهزلية وغير صائبة، وفي غير صالح الأغلبية من المصريين الذين سيكون انفجارهم مؤكداً. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :