كنا ننسى أن ننام

  • 7/2/2014
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

مع مرور السنوات تصغر الذكريات المرتبطة بقدوم رمضان، وتصبح أبعد كلما تقدمت وسائل التكنولوجيا وأساليب الترفيه، ومع ذلك يبقى هناك جزء من القصة القديمة من اليوم الأول للصيام من الجائزة التي حصدتها في مسابقة الصيام مع عمري الصغير. لقد كانت تلك أهم حدث عالق في ذهني، فعندما رفع أذان المغرب ومازلت ممسكاً عن الطعام والشراب احتلقت حولي الأسرة وتجاهلوا إفطارهم وظلوا يطعمونني وهم يحملونني فوق أكتافهم أبي وأمي وإخوتي ويرددون أني أصبحت أصغر صائم في الأسرة، وفي القرية كلها التي لم يصدق معظم أهلها أني تمكنت من الصوم وعمري ثماني سنوات فقط، بينما أطفالهم الأكبر مني لم يستطيعوا إكمال يوم واحد. في ذلك اليوم تم تسليمي جائزة النجاح في الفرض الثالث، وكانت عبارة عن جهاز يدوي صغير (منظار)، أرى من خلاله صور مكة والمدينة المنورة، وهي صور لم تمح حتى الآن، وكم حزنت عليه يوم تحطم ورأيت أن تلك الصور ماهي إلا أشكال صغيرة تقوم عدسة بتكبيرها.. فقد كان اعتقادي مختلفاً. وفي اليوم الثاني لصيامي لم تسمح لي الأسرة بالصوم، وأقنعوني أن يوماً واحداً يكفي لمن هم في عمري، وأن كبار السن وحدهم يصومون كل الأيام. ومما لا أنساه اللعب الذي كان يزدهر في رمضان، وكنت مع رفقائي لا نتوقف عنه ليلاً أو نهاراً وكنا ننسى أن ننام، ففي الليل نشعل المصابيح ونعلقها على أكبر منزل في القرية ونبقى نلعب على ضوئها بينما آباؤنا يتسامرون داخل الدار إلى منتصف الليل، ثم نعود إلى بيوتنا ونبقى نساعد في إعداد السحور، وما أن تطلع الشمس حتى نغادر بيوتنا ونذهب للعب بعيداً لئلا نزعج الصائمين حتى ينتصف النهار فنعود للنوم قليلاً قبل أن نصحو للمساعدة في تجهيز الإفطار، وإن كنا لا نقوم بشيء يذكر في المساعدة إلا أننا نشعر أنه لن يتم تجهيز أي وجبة بدون مراقبتنا وتذوقنا لها وتحديد ما تحتاج ليتحسن المذاق.

مشاركة :