يعاني القطاع الحكومي في الكويت البطالة المقنعة وعدم الإنتاجية، ولعل أولى خطوات الإصلاح الإداري لا تتم بمجرد تطبيق البصمة، ذلك ان إثبات الموظف لحضوره وانصرافه بالبصمة لا يمثل الهدف الأساسي لهذا الإصلاح، لأن تواجد الموظف في العمل لمجرد التواجد ليس هدفاً، كما ان باب التحايل وارد في مثل هذا الأمر، يستطيع الموظف إثبات هذا الحضور والانصراف من دون ان يتواجد أثناء ساعات العمل في العمل، لذا.. كان الأجدر في مجلس الخدمة المدنية إيجاد معالجة لهذا التسيب الإداري وعدم الإنتاجية من خلال البحث عن صلب المشكلة لا أن الذهاب الى الأمور الثانوية، ذلك ان عدم تواجد الموظف في العمل لا شك له أسباب عدة، من أهمها عدم وجود تصنيف وترتيب شامل للوظائف يبين المهام المنوطة بشاغلي هذه الوظيفة، وهو الأمر الذي يختص به مجلس الخدمة المدنية وفقاً للمادة 3 من نظام الخدمة المدنية، كما ان من الأسباب الأخرى التي تساعد على وجود مثل هذا الخلل الإداري التفاوت في الرواتب للوظائف المتشابهة من حيث المهام والمسؤوليات، وهو ما يصدق عليه مصطلح «تقييم الوظائف»، كما ان خضوع تقييم الكفاءة للموظفين لأهواء المسؤولين الشخصية وعدم اعتماد معايير موضوعية يقوم عليها هذا التقييم بعيداً عن الأهواء الشخصية، له دور كبير في هروب الموظفين وعدم التزامهم بساعات العمل، بالإضافة الى ما يشوب أسلوب الترقية للوظائف الإشرافية من اعتماد فكرة الترقية بالأقدمية من دون الاعتداد بالكفاءة والإبداع معياراً أساسياً لهذه الترقية.. لذا كان التسيب الإداري وعدم الإنتاجية. ومن ثم كان الأولى في مجلس الخدمة المدنية من خلال تقديم مقترح يتضمن معالجة ما سبق ذكره حتى يكون بمنزلة دافع ذاتي للموظف حتى يكون موظفا فاعلا في الجهة الحكومية التي ينتمي إليها، ولعل ما يسمى بالبديل الاستراتيجي في إطاره العام يحقق لنا مثل هذا الامر، لا ان يلجأ مجلس الخدمة المدنية الى إيجاد حلول ترقيعية لا تسمن ولا تغني من جوع، بل بالعكس فإن تطبيق البصمة بهذا الشكل ستكون له آثار سلبية أكثر من إيجابية في الأيام القادمة. نحن هنا لا نعترض على تطبيق البصمة كإجراء في حد ذاته، لكن ما نعترض عليه ان يتم تقديم المهم على الأهم، فلا بد من تطوير كامل المنظومة التشريعية للوظيفة العامة كخطوة أولى إذا أردنا الإصلاح الإداري. د. مسلط المهيلب Dr.modlat@live.com