«أكشاك الفتوى» تثير عاصفة من الجدل والسخرية

  • 7/22/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

زحام شديد يضرب المكان، الفوضى العارمة تعم أرجاءه، بينما حرارة الطقس والأسعار تلهب رؤوس المصريين وجيوبهم. الكل يلهث خلف قطار مترو الأنفاق، إما للحاق بموعد الدوام الوظيفي أو لإنهاء بعض المعاملات. وسط تلك الأجواء المشحونة كان عدد من دعاة الأزهر يجلسون خلف «كشك» معدني يحمل لافتة «لجنة الفتوى»، أقامه مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، داخل محطة ركاب «الشهداء» في منطقة رمسيس (قلب العاصمة)، كمبادرة «استكشافية»، لاستقبال طالبي «الفتاوى» لتيسير أمور دينهم ودنياهم. «كشك الفتوى» كما أطلق عليه المصريون على منصات التواصل الاجتماعي في معرض سخريتهم من الإجراء، الذي سوّقته السلطات الدينية باعتباره يأتي في إطار «مواجهة التطرف والإرهاب»، فتح الجدال على مصراعيه حول فاعلية الإجراءات التي تتخذها السلطات لحل أزمة تجديد الخطاب الديني، تلك العبارة التي باتت تتردد على لسان كبار المسؤولين مع كل حادث إرهابي قبل أن تتوارى خلف الهموم المعيشية. الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محيي الدين عفيفي دافع عن «أكشاك الفتوى» التي «تستهدف حماية المواطنين من المتشددين والتكفيريين الذين يستحلون دماء الغير من خلال الفتاوى المتطرفة»، مشيراً إلى أنه سيتم «نشر هذه الأكشاك في عدد من محطات المترو، بالإضافة إلى إنشاء مقرات للفتوى في كل المحافظات». وأوضح عفيفي أن «مشيخة الأزهر استهدفت سد الفراغ وإغلاق الطريق على الفتاوى المتشددة. فالمواطن لديه مشكلة دائمة في ضيق الوقت، ما يصعب عليه الذهاب لدار الإفتاء لأخذ الرأي. لذا قررنا أن نذهب نحن إلى المواطن بدلاً من اضطراره للجوء إلى متشدد في الفتوى، كي نعطيه المعلومة من مصدر موثوق». واعتبر أن هذا الإجراء «يمثل جزءاً من مواجهة الإرهاب من خلال علماء الأزهر المؤهلين»، مشيراً إلى أنه «دائماً ما تتم دعوة الأزهر إلى التحرك لمواجهة التطرف. والآن نعمل من خلال جهود متواصلة تصب في إطار جهود الدولة لقطع الطريق على غير المؤهلين للفتوى وحماية المواطن من أي فكر متشدد». ولفت إلى أن «للأزهر استراتيجية تسير في خطوط متوازية، لمراجعة المناهج واستحداث قضايا جديدة». تصريحات الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لم تخفف من الانتقادات الواسعة التي شنها المدافعون عن «مدنية الدولة» تجاه «أكشاك الفتوى» التي «تبرز تصاعد هيمنة رجال الدين على الحياة الدنيوية»، واعتبروا ذلك محاولة «لذر الرماد في العيون». القيادي البارز في تحالف «دعم مصر» صاحب الغالبية البرلمانية النائب محمد أبو حامد اعتبر «أكشاك الفتاوى مظهراً من المظاهر التي تتنافى مع الدولة المدنية، وتمثل فهماً سطحياً لتطوير الخطاب الديني وتفتح المجال أمام تداول أفكار متطرفة». وتعهد أبو حامد بإثارة هذا الأمر في البرلمان وتوجيه طلب إحاطة إلى رئيس الوزراء لسؤاله عن مبررات السماح بإنشاء هذه الأكشاك التي تتعارض مع ما ورد في الدستور وما نص عليه من مدنية الدولة. واستبعد أبو حامد، الذي كان قدم مشروع قانون أثار جدالاً واسعاً لإجراء تعديلات على طريقة تعيين شيخ الأزهر وتحديد مدة ولايته بفترتين فقط قبل أن يحال على التقاعد، أن «تمثل أكشاك الفتاوى وسيلة لتجديد الخطاب الديني»، وقال: «فلننظر إلى عدد الزوايا المنتشرة في المحافظات كي نتأكد من أنها لن تحقق جديداً. ومن الأولى مراجعة الأفكار الدينية قبل الحديث عن وسائل إيصالها للناس». وشدد على أن «إنشاء تلك الأكشاك يؤكد أن (الأزهر) مؤسسة تعاني انفصالاً عن واقع المجتمع وتتعارض حتماً مع ما أكده الدستور من أن مصر دولة مدنية ديموقراطية»، محذراً من أن هذه الخطوة «تمثل خطورة شديدة لأنها قد تهدد قيماً كثيرة في معنى الدولة المدنية التي نص عليها الدستور»، داعياً مشيخة الأزهر إلى «العمل على تطوير المناهج وإعداد جيد لأساتذة وعلماء لديهم الخبرة في الحديث بدلاً من إنشاء أكشاك قد تعزز نشر الفكر المتطرف». أما هيئة مترو أنفاق القاهرة فبدا أن شاغلها الأهم هو تحقيق ربح من خلف تأجير تلك الأكشاك، في محاولة لخفض ديونها المتصاعدة، ما يقيها من اللجوء مجدداً إلى زيادة سعر تذاكر السفر.

مشاركة :