عيد سعيد يا سعودية

  • 7/22/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

توقّع الكثير للأمر لا يفقده أهميته، أيضاً مروره بسلاسة لا يعني سطحيته. قرار الملك سلمان بن عبد العزيز، ملك السعودية، بتصعيد ابنه ولياً للعهد مزيحاً محمد بن نايف عن كافة مناصبه، هذا القرار لا يمكن اعتباره إلا الحدث الأهم في التأسيس الثالث للمملكة؛ إذ إنه يتخطى عقبة نقل السلطة من جيل أولاد عبد العزيز إلى جيل أحفاده، متخطياً عقبة ظنها الكثير ستكون نهاية المملكة، فإذا بالعجوز المريض سلمان يتجاوزها بسلاسة ويزيد على ذلك بأن نقل السلطة إلى ابنه هو وليس أحداً آخر. لم يكن سلمان أول ملوك السعودية الذي أقلقه نقل محيط تداول العرش من الأبناء إلى الأحفاد، لكن سبقه سلفه عبد الله، عندما أعلن عن تشكيل هيئة البيعة؛ لتكون بمثابة العقل المدبر والمتحكم في نقل السلطة، بعيداً عن مطامع الأمراء، لكن سلمان بمجرد جلوسه على العرش أدرك أن الوقت ليس في صالحه، وأن كلمة الأقدار تسبق أي ترتيب، فكان سريعاً في خطوته قوياً في بطشته، وكان عزله لأخيه مقرن إشارة بيّنة وعلامة جلية على أن طريق محمد بن سلمان إلى العرش أصبح ممهداً، فمن قدر على الآباء لن يعجزه الأبناء. محمد بن سلمان، ولي العهد الجديد، لا يخفي إعجابه بالتجربة الإماراتية ورغبته القوية في أن تخطو السعودية سيدة الخليج على أثر خطوة شقيقتها الصغرى دولة الإمارات، فهو يستشير صديقه الأثير محمد بن زايد، صنوه الإماراتي، في خطوات كثيرة نحو تحويل الاقتصاد السعودي؛ ليكون معتمداً على مصادر أخرى، يكون النفط فيها في آخر السجل ليس وحيداً كما الآن. أيضاً تخفيف سطوة المراكز الدينية في السعودية، وتقليص نفوذها عن قناعة يشاركه فيها الكثير من داخل وخارج العائلة الملكية، أن تلك الخطوات هي السبيل الوحيد لبدء تحويل السعودية إلى دولة من حال دويلة. خارجياً لا شك أن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض عجَّل وعاون في تنفيذ خطة سلمان، والصفقة الأضخم في تاريخ البشرية المقدرة علناً بنصف تريليون ومقدرة سراً بثلاثة أضعافها ستلجم أفواه أصدقاء بن نايف في واشنطن تماماً، غير ذلك لا يهم ولا يغم آل سعود. محمد بن سلمان الملك المنتظر قريباً يجاهر بعداء شديد لإيران، بل ويتوعدها بنقل الصراع إلى داخل أراضيها، وهو الفارس المغوار لعاصفة الحزم، والعقل المدبر لحصار قطر، فكيف سيكون الحال غداة تسلمه العرش؟! تتبقى ملاحظة قد تكون الأهم أن هذا القرار أسدل الستار ملقياً كلمة النهاية على أهمية العائلة المالكة في السعودية ككيان واحد وتنظيم جوهري في الرياض، بينما أصبحت الأهمية والنفوذ لأفراد العائلة بصورة فردية، وهذا وضح بشدة في تسوية صاحبت القرار من تعيين أحد أقارب الأمير المخلوع في منصب توارثه هذا الفرع منذ الأب نايف، منصب وزير الداخلية، أيضاً تسربت الأحاديث عن مائة مليار دولار ذهبت لابن نايف، بينما للمرة الأولى لم تشمل التسوية بقية الكبار من أفراد العائلة. عيد سعيد للأشقاء السعوديين، وإجازة طويلة لن يبدأوا بعدها عهداً جديداً، ولكن سيستمرون في نفس العهد في منطقة أخرى بآمال جديدة، ومطامح عصرية. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :