في عالم معرفي، زاخر بأصول المعرفة، ومفعم بضخامة المعلومات، أصبح بمقدور الإنسان العادي استحضار جملة من العلوم النظرية والعملية بلا قيود، بإمكانيات بسيطة ومحدودة، فالحصول على معلومة ما لم يعد من الصعوبة بمكان، في ظل تعدد طرق البحث ووفرة عوامل التقنية.إلا أننا ورغم هذا الكم الهائل من البيانات والعلوم يصعب علينا أحيانًا كثيرة الوقوف على دقة هذه المعلومة ومدى صحتها فنجبر على البحث عن مرجع يؤكد لنا أو ينفي ما وقفنا عليه من خبر، فسلامة المحتوى ليست دائمًا دليلًا على سلامة المعلومة خاصة إذا ما تعلق الأمر بصحة الإنسان كالغذاء والدواء ورغم أن احتمال ذلك ضئيل مع رحابة دهاليز الإنترنت، إلا أنه لا نستطيع أن نقطع باستحالته في ظل تنامي الإشاعات وترهات الأكاذيب، سواء تلك المتعلقة بمؤسسات الدولة أو تلك المنحصرة في الأشخاص العاديين، وهو ما يجعلنا في دوامة من القلق والترقب، فدواء يروج بقدرته الفائقة في القضاء على أمراض مستعصية عديدة قد يؤدي لحظة استعماله إلى موت مفاجئ، إلى غذاء يحمل في شهيته السم الزعاف ونحن لا نشعر، وخلطات أعشاب لا يعرف لها مصدر، تسوَّق على أنها إكليل الحياة، كل ذلك يحدث ويطرح لافتقادنا المعلومة الصحيحة، ومن المناسب هنا بل من الواجب أن تتصدى هيئة الغذاء والدواء لتلك الشائعات، على غرار ما تقوم به وزارة التجارة والاستثمار، من استدعاء للسيارات ذات الخلل المصنعي، ونشرها لقرارات مخالفات المهنة عبر الصحف ووسائل الاتصال الحديثة، أو التعاون مع مشروع هيئة مكافحة الإشاعات التي تقوم بدور عظيم لا يمكن إلا أن نقف له تقديرًا وإجلالًا فهي حين ترسل وعلى فترات متفاوتة توضيحًا مصورًا بحقيقة ما يبث وينشر من شائعات فهي تعمل بذلك على إرساء دعائم الاستقرار الأمني الاجتماعي حتى لا تختل انتماءات المواطن وتزعزع فيه ثقته بالمسؤولين، فما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أكاذيب وفرية تحمل بين طياتها الشر بغرض بث الفوضى والفساد عبر تزييف الحقائق بدوافع محملة بالضغينة والحقد والحسد، ومع الأسف تتناقلها أيادٍ سفيهة لم تتثبت دون تدرك فداحة وعواقب إفرازات تلك الشائعات النتنة وتجهل أيضًا ما يحاك خلف الكواليس الخارجية، عطفًا على ما يقدم هؤلاء من خدمات لتلك الجهات في تمرير مشروعات لا يعرف مداها.
مشاركة :