احتفلت سلطنة عمان أمس، بالذكرى الـ 47 ليوم النهضة المباركة، حيث جدد أبناء الشعب العماني الأبي -في هذا اليوم المجيد- العهد والولاء للسلطان قابوس بن سعيد، مقرونة بأصدق وأسمى مشاعر الحب والتقدير والعرفان والوفاء له، فبقيادته مسيرة النهضة المباركة أحيا أمجاد عمان التليدة، وشيد أركان دولة عصرية مجيدة، تقوم على المساواة والمواطنة وحكم القانون، وتسعى لتحقيق التقدم والنماء لكل أبناء الوطن. يشعر العمانيون -في هذا اليوم الأغر- بالاعتزاز والفخر، بما تم إنجازه وتحقيقه على امتداد السنوات الـ 47 الماضية من مسيرة النهضة المباركة، بقيادة السلطان قابوس بن سعيد، فبفضل رؤيته وحكمته وبجهود وعطاء الشعب العماني ومشاركته، أصبحت عمان اليوم -كما أرادها وخطط لها- واحة أمان وازدهار، ودولة بناء وتنمية، يعيش أبناؤها في أمان واطمئنان، وقد توفرت لهم سبل الحياة الكريمة.في حين شكل 23 يوليو 1970 فاتحة عهد مشرق للوطن والمواطن، فإن العمانيين يحصدون ثمار سنوات البناء والتشييد، ويقطفون من نجاحات السياسات، التي أرسى دعائمها السلطان قابوس بن سعيد على المستويين الداخلي والخارجي، حيث رسخ منذ فجر اليوم الأول للنهضة المباركة -بحكمة ونفاذ بصيرة ورؤية تستشرف المستقبل، وبأبوة حانية استوعبت كل أبناء الوطن- أسس ودعائم الوحدة الوطنية، باعتبارها ركيزة راسخة تنطلق منها وترتكز عليها جهود التنمية في شتى المجالات، وحرصه على إعلاء صروح العدالة، وترسيخ قيم العدل، وتدعيم أركان دولة القانون والمؤسسات، التي ينعم فيها المواطن والمقيم بالأمن والأمان، وتتحقق فيها للجميع أجواء الطمأنينة وصون الحقوق في ظل سيادة القانون، كما وضع سياسة خارجية تقوم على بناء جسور من التعاون والثقة والمصداقية المرتكزة على الصراحة والوضوح في التعامل مع كل الأشقاء والأصدقاء، وفي مختلف المواقف والتطورات تحت كل الظروف، والالتزام بمبادئ محددة واضحة وثابتة ومعلنة في علاقاتها مع كافة الدول الشقيقة والصديقة. دور إيجابي وهو ما كان له أثره القوي والإيجابي الملموس في التعامل مع مختلف القضايا، وهو ما حفظ لعمان مكانتها ودورها الإيجابي، ومد جسور التواصل بينها وبين مختلف الدول الشقيقة والصديقة، وجعل منها مشاركاً ومساهماً فاعلاً في كل جهد خير، لصالح شعوب هذه المنطقة والعالم من حولها. وبِفضل نهج السلام -الذي اعتمده السلطان قابوس بن سعيد- تمكنت السلطنة من إِقامة علاقات أخوة وصداقة وتعاون مع سائر دول العالم، وحرصت على استمرار هذه العلاقات وتطويرها في شتى المجالات، لما فيه خير ومصلحة السلطنة والدول الأخرى، كما أن السلطنة من الدول التي اعتمدت في سياساتها وعلاقاتها على مبدأ الحوار والمفاوضات لحل الخلافات وتسويتها بالطرق السلمية على أساس الاحترام المتبادل ومبادئ القانون الدولي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والتعاون لتحقيق المصالح المشتركة وحسن الجوار. وأكدت السلطنة دوماً، سواء على الصعيد المحلي أو في العديد من المحافل الدولية، أنها تؤمن بأنه ما من مشكلة إلا ولها حل، إذا توافقت المصالح وتوفرت الإرادة وتضافرت الجهود، حيث إن الشعوب تواقة للسلام، وميالة للتفاهم، ومحبة للتعايش السلمي الذي من شأنه أن يحافظ على مصالحِ جميع الأطراف على أساس قاعدة «لا ضرر ولا ضرار». وبفضل هذه السياسات والمواقف التي اتسمت دوماً بالمصداقية، حظي السلطان قابوس بتقدير قيادات المنطقة والعالم، وهو ما امتد إلى مختلف جوانب العلاقات العمانية مع الأشقاء والأصدقاء، وتجدر الإشارة إلى أنه في الوقت الذي تتمتع فيه السلطنة بالأمن والأمان، فإنها استقبلت على التوالي فخامة الرئيس الإيراني، وسمو أمير دولة الكويت، وجلالة العاهل الأردني، وفخامة الرئيس الفلسطيني، وهو ما يعكس دور السلطنة النشط في كل جهد لصالح سلام واستقرار المنطقة. رسالة الإسلام وفي الوقت الذي تتبنى فيه السلطنة نهج السلام، وتعمل في إطاره بما يحافظ على السلام والاستقرار في العالم، استطاع مشروع «رسالة الإسلام»، وخلال سنوات قليلة، تكوين شراكة عالمية مع مؤسسات علمية وأكاديمية وجامعات ومعاهد ومتاحف في العديد من دول العالم، حيث إنه حتى يوليو 2017م، يكون معرض «رسالة الإسلام» قد تجاوز «102» محطة حول العالم، وخاطب أكثر من «8» ملايين زائر. وفي المجال العسكري قد أثبتت قوات السلطان المسلحة والحرس السلطاني العماني وشرطة عمان السلطانية وأجهزة الأمن قدرتها وتفانيها في الحفاظ على كل شبر من تراب عمان، والذود عن حياض هذا الوطن ومقدساته وحماية منجزاته، حيث تعد تلك القوات إحدى مفاخر مسيرة النهضة المباركة وركيزة أساسية في منظومة التطوير الشامل لعمان الحديثة. وكان لتوجيهات السلطان قابوس بن سعيد القائد الأعلى للقوات المسلحة واهتمامه السامي الأثر البالغ في تطويرها وتحديثها للارتقاء بها لمواكبة الحديث في عالم التدريب والتسليح، حتى غدت قوة عصرية متكاملة تأخذ بأسباب العلم تطويراً وتدريباً وتسليحاً، وهو ما جعلها واحدة من القوات المشهود لها بالكفاءة العالية والمهارة القتالية والقدرة على القيام بمهامها الوطنية تحت كل الظروف. وفي هذا الإطار شهد هذا العام -على سبيل المثال- حفل تدشين المجموعة الأولى من طائرات «التايفون» المقاتلة وطائرات «الهوك» التدريبية، ضمن خطط التحديث والتطوير التي يشهدها سلاح الجو السلطاني العماني، كما احتفلت البحرية السلطانية العمانية بانضمام السفينة «خصب» والسفينة «الناصر» إلى أسطولها البحري، والتي تعد آخر سفن مشروع «أفق». أسس التنمية ومنذ اليوم الأول للنهضة المباركة، وضع السلطان قابوس أسس البناء والتنمية ومسيرة التقدم على كل شبر من أرض عمان، على أساس من المشاركة الإيجابية للإنسان العماني في مختلف الميادين، وأن يحظى كل مواطن -أينما كان- بثمار النهضة الحديثة، وبتمكينه في الوقت ذاته من الإسهام بكل طاقاته وقدراته في مسيرة المجتمع نحو آفاق جديدة من التطور والنماء، وتشييد صرح الدولة العصرية القادرة على تحقيق طموحاته. وشكل الاهتمام السامي بـ «الإنسان العماني» وتعزيز مكانته وحشد طاقاته وقدراته وجعله مشاركاً فعالاً في البناء والتنمية على أساس من المساواة وتكافؤ الفرص وفي أولوية دائمة من اهتمامات السلطان قابوس منذ فجر النهضة الحديثة، حيث حرص على التأكيد دوماً على ضرورة استنهاض إمكانات المواطن، وخاصة الشباب والارتقاء بمستويات تأهيلهم وتثقيفهم وتدريبهم والاهتمام بهم وتمكينهم من الاستفادة من الفرص المتاحة لهم للقيام بالدور المنوط بهم في خدمة هذا الوطن، مخلصين في حمل الأمانة والمسؤولية الواجبة عليهم. إنجاز فكري ومعرفي وانطلاقاً من اهتمام السلطان قابوس بن سعيد بالإنجاز الفكري والمعرفي، وتأكيدًا على الدور التاريخي لسلطنة عمان في ترسيخ الوعي الثقافي، باعتباره الحلقة الأهم في سلم الرقي الحضاري للبشرية، ودعماً منه للمثقفين والفنانين والأدباء المجيدين، ودعم المجالات الثقافية والفنية والأدبية، باعتبارها سبيلاً لتعزيز التقدم الحضاري الإنساني في إنشـاء جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، والتي وصلت دورتها السادسة لهذا العام، وتم الإعلان عن هذه الدورة، وفتح باب التسجيل، والتي سيتنافس فيها هذا العام العمانيون إلى جانب إخوانهم العرب. ومما له دلالة بالغة أنه أثنى خلال ترؤسه لاجتماع مجلس الوزراء في 23 مايو الماضي على الدور المهم الذي يقوم به الشباب وأهمية تشجيعهم ودعم قدراتهم والارتقاء بمستوى تأهيلهم، لتمكينهم من الاستفادة من الفرص المتاحة لهم. وتنفيذاً لتوجيهات السلطان قابوس غادرت سفينة البحرية السلطانية العمانية «شباب عمان الثانية»، للمشاركة في سباقات السفن بقارة أوروبا في رحلتها الدولية الثالثة «شراع الصداقة والسلام»، وستقوم السفينة خلال رحلتها -والتي تستمر لمدة ستة أشهر- بزيارة إلى بحر البلطيق وعدد من الموانئ والدول الأوروبية للمشاركة في سباقات السفن الشراعية الطويلة والمهرجانات والاحتفالات، وتسعى السفينة إلى إيصال رسالتها والمتمثلة في مد أواصر الصداقة والإخاء بين السلطنة ومختلف دول العالم من خلال التعريف بالثقافة العمانية الأصيلة في مختلف محطاتها الدولية معرّفة بتاريخ عمان البحري المجيد، وما تنعم به من غد مشرق. وانطلاقاً من رؤيته العميقة بأن الأمم لا تبنى إلا بسواعد أبنائها، وأن المواطن هو أغلى ثروات الوطن وهو هدف التنمية وغايتها، وهو ما آمن به طوال السنوات الـ 47 الماضية وسعى إلى تحقيقه، فقد ترجمت خطط وبرامج التنمية بناء على توجيهاته لتحقيق تلك الغاية، وأكد في العديد من المناسبات الوطنية أنه «بقدر ما تتمكن التنمية -بمختلف أساليبها ووسائلها- من توفير الحياة الكريمة للفرد والمجتمع، بقدر ما تكون تنمية ناجحة جديرة بأن يسعد القائمون عليها ويفاخروا بنتائجها الجيدة ويعتزوا بآثارها الطيبة». مكاسب متعددة وامتدت منجزات النهضة المباركة وثمارها المتلاحقة ومكاسبها المتعددة في مجالات التعليم والصحة والطرق والكهرباء والماء والاتصالات وغيرها من الخدمات، إلى كل شبر في كافة محافظات السلطنة بدون استثناء وأينما وجد المواطن على هذه الأرض الطيبة، مستهدفة تحقيق الرفاه للمجتمع، حيث كانت العدالة والتوازن سمتين مميزتين لمسيرة النهضة الظافرة طوال السنوات الماضية. وأبدى السلطان قابوس بن سعيد في مايو الماضي، خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء، ارتياحه لما حققته مسيرة التنمية الشاملة في البلاد من معدلات نمو جيدة تراعي البعدين الاقتصادي والاجتماعي، وذلك في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة مع مؤسسات الدولة حفاظاً على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، كما أعرب عن تقديره للجهود المبذولة لدعم سياسات التنويع الاقتصادي التي حققت تقدماً مناسباً خلال هذه الفترة، ووجه الشكر للمواطنين لتعاونهم في إنجاح برامج وخطط التنمية، رغم المتغيرات التي يشهدها عالم اليوم. وإدراكاً من الحكومة العمانية لوجود ثروات وموارد أخرى وفيرة كمصدر للدخل تتمتع بها السلطنة في القطاعات السياحية والزراعية والسمكية والحيوانية والثروة المعدنية، من شأنها أن تشكل جميعها بنوداً مهمة في تنمية الاقتصاد العماني خلال الفترة المقبلة، فقد تبنت البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي «تنفيذ»، حيث يعتبر واحداً من البرامج الوطنية التي تقوم عليها خطة التنمية الخمسية التاسعة، التي بدأت اعتباراً من بداية العام الماضي 2016 وحتى نهاية عام 2020م. ويهدف برنامج «تنفيذ» بصورة رئيسية إلى المساهمة في تحقيق رؤية السلطنة نحو التنويع الاقتصادي، وإعداد خطط وطنية تفصيلية قابلة للقياس في هذا المجال، حيث تشمل قطاعات التنويع الاقتصادي في المرحلة الأولى «السياحة، والصناعات التحويلية، والخدمات اللوجستية»، إضافة إلى الممكنات الداعمة وهي قطاع سوق العمل، وقطاع التمويل، فيما ستغطي المرحلة الثانية من البرنامج قطاعي «الثروة السمكية - التعدين». وستؤدي هذه الخطوات إلى تمكين السلطنة من زيادة نسبة الاستثمارات الموجهة إلى المشروعات ذات العائد الاقتصادي، وتوزيع الاستثمارات جغرافياً، بحيث تعود المنفعة على مختلف المحافظات، كما أن نجاح برنامج «تنفيذ» سوف يضمن مضاعفة دخل الفرد، والتوازن بين الإيرادات والاستخدامات، ويهيئ الظروف الملائمة للانطلاق الاقتصادي بصورة جديدة للحد من الاعتماد على مصدر واحد غير متجدد للدخل القومي، من خلال تنويع الاقتصاد ودعم التنمية المستدامة. وتسعى السلطنة إلى زيادة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2040م، حيث تهدف الاستراتيجية العمانية للسياحة 2016ـ2040م إلى تعزيز مكانة السلطنة عالمياً، وجعلها تسير على طريق التحول إلى وجهة عالمية للضيافة المتميزة، إلى جانب رفع قيمة المعالم الطبيعية والثقافية واستدامتها وتحقيق المنافع الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير الإيرادات الضرورية لحفظ وحماية واستدامة التراث وحماية البيئة. ولاستثمار موقعها الاستراتيجي وقربها من مسارات الملاحة وخطوط التجارة العالمية، وفي إطار جهودها لتنويع مصادر الدخل القومي، تسعى السلطنة لأن تكون رائدة في مجال النقل والاتصالات، وأن تصبح ضمن الدول العشر الأوائل في الأداء اللوجستي على المستوى الدولي بحلول عام 2040م، كما ترتكز الاستراتيجية العامة في قطاع الموانئ على التوسع المستمر في طاقة تلك الموانئ، وقدرتها على مناولة البضائع بمختلف أشكالها وأحجامها وبمستويات عالمية، والقدرة على استقبال مختلف أنواع وأحجام السفن، وتعزيز قدرتها التنافسية من خلال إنشاء وتعميق الأرصفة البحرية، وتجهيزها بالخدمات الأساسية، وتطوير المعدات والتكامل في أنشطة الموانئ العمانية، وارتباط ذلك مع القطاعات الصناعية والتجارية الأخرى، وإنشاء مناطق حرة وصناعية ضمن مناطق الموانئ. وفي هذا المجال تشكل المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم ركيزة أساسية لجعل السلطنة مركزاً إقليمياً لوجستياً متطوراً خلال السنوات المقبلة، وهي تتكامل مع الموانئ العمانية وشبكة الطرق البرية والحديدية والمطارات الجديدة. الغاية الأسمى إن رقي السلطنة وتقدمها ونهضتها وتطورها ورفعتها وعزتها ورخاءها ونماءها، كما يقول السلطان قابوس في خطابه بمناسبة العيد الوطني الثاني والعشرين المجيد «الغاية العظمى والهدف الأسمى لكل عماني ينبض بالإخلاص قلبه، وتفيض بالحب والولاء لهذا الوطن مشاعره، غير أن هذه الغاية الجليلة لا تتحقق على أرض الواقع إلا بالجهد المبذول والعطاء المتواصل والتخطيط الواعي والفكر المستنير، الذي يستقرئ المستقبل ويستشرف آفاقه ويستطلع تحدياته، استعداداً لمواجهتها بالعلم والعمل والمهارات المتعددة والخبرات المتجددة في مختلف مجالات الحياة». وبينما تدخل مسيرة التنمية العمانية الشاملة عامها الثامن والأربعين بثقة واعتزاز وفخر وتطلع إلى مستقبل مشرق وأفضل بإذن الله، فإن السلطنة تتطلع خلال السنوات القليلة المقبلة إلى إنجاز العديد من المشاريع المهمة التي ستعمل على تنويع مصادر الدخل وتنمية الإيرادات والدفع بعجلة الاقتصاد الوطني في طريق النمو، إضافة إلى توفير مزيد من فرص العمل.;
مشاركة :