حزب العمال الكردستاني و «شرف» القتال تحت قيادة الأميركيين

  • 7/25/2017
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

غريب أمر الأكراد الذاهبين بأقدامهم إلى الفناء، وهم يستمرون في المراهنة بعواطفهم على حصان قاتل يكاد يستهلكهم، أسرجه أعداؤهم وامتطاه الجميع، بحيث بات لجامه ينتقل من يد إلى أخرى وفق الحاجة، فتخاض به المعارك في كل الجهات وعلى كل الجبهات من كيس الدماء الكردية. مناسبة القول المواقف الأميركية الأخيرة في جانبها الخاص بالشأن الكردي السوري، وآخرها تصريحات السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد، الذي قال ما يدركه الجميع بعقولهم، وما يراه الأكراد المعـــنيون بالأمر بأعينهم، وما يلمسونه لمــس اليد ويعيـــشونه منــذ بـــداية ظــهور حزب العمال الكردســـتاني قبل عقود، خصوصاً منذ وضع يده على الملف الكردي السوري بطلب من نظام الأسد ودعم منه قبل ســـت سنوات، ومن ثم الانتقال الانسيابي للحزب ببنادق الآخرين من جبهة إلى أخرى. فقد أكدت الولايات المتحدة مجدداً أن الأسلحة التي سلمتها لوحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي، وهو الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، مخصصة لهدف وحيد هو محاربة تنظيم «داعش»، وأنه سيتم استرداد تلك الأسلحة بعد نهاية الحرب على التنظيم، علاوة على ذلك أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها سلمت حلفاءها الأتراك قائمة بتلك الأسلحة، ويجرى تحديثهاـ بعد ذلك، جاءت تصريحات السفير فورد لتؤكد السياسة الأميركية في التعامل مع حزب الاتحاد الديموقراطي ومسلحيه منذ البداية، وأن الأمر لا يعدو استخدامه ككاسحة ألغام «داعشية»، ينتهي دورها بمجرد الانتهاء من «داعش»، ليترك الحزب بعد ذلك وحيداً، ويدخل ومعه الأكراد الذين حشرهم رغماً عنهم معه في مواجهة كل الذين عمل لهم، من نظام الأسد ومحوره، وصولاً إلى تركيا، وكذلك كل من له فاتورة حساب معه، وقد وصل الأمر بفورد إلى حد القول صراحة أن الأميركيين غير مستعدين للدفاع عن الحزب ومواجهة أحد كرمى للأكراد. الحقيقة هي أن حزب الاتحاد الديموقراطي، الذي بنى نفسه وإدارته وقوته المسلحة بدعم مباشر من نظام الأسد، الذي استخدمه منذ البداية في عمليات حماية الآبار النفطية والمحاصيل الاستراتيجية الأخرى في المناطق الكردية السورية وتسويقها، ومن ثم في الحفاظ على سلطة النظام في المنطقة، في مقابل إطلاق يده في الملف الكردي السوري، والقيام بعمليات تجنيد قسرية واسعة للأكراد، وصلت إلى حد خطف الأطفال وتجنيدهم، هذا الحزب غير مصمم على الدخول في مواجهة مع قوات الأسد التي توقّع فورد وصولها إلى القامشلي. فمن جهة يتعايش الحزب مع تلك القوات، بما فيها أفرع المخابرات التي لم تغادر أصلاً المدينة وعموم المنطقة. النظام السوري يمتلك إذاً «الخريطة الجينية» للحزب وكلمة سره، وهو الذي تأسس في دمشق برعاية النظام. لم تخف جميع القوى التي استخدمت الحزب في معاركها، خصوصاً الأخيرة منها، أن تعاطيها معه محدود، ويقتصر على الجانب العسكري ولغرض محدد هو محاربة الإرهاب المتمثل في تنظيم «داعش». وهكذا فإن عمليات الحزب إلى جانب التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وكذلك المحور الروسي تحت عنوان محاربة الإرهاب لم تغسل المنظمة الأم، حزب العمال الكردستاني، من تهمة الإرهاب، ولم تؤد إلى وضع مسؤولي الحكومات المعنية أيديها في أيدي قادة الحزب نفسه ومكافأته على صنيعه، الى درجة أن الولايات المتحدة لم تمنح حتى الآن، وعلى رغم الخدمات المجانية التي يقدمها الاتحاد الديموقراطي، فيزا لقادته لدخول أراضيها، حيث بقي التعامل معه عسكرياً موضعياً، وللأغراض المذكورة. اللافت في الأمر ليس تجاهل أنصار الحزب للواقع، أو حتى محاولتهم التخفيف من وطأة التذكير الأميركي بحقيقته وتحالفاته، بل برد القيادي في حزب العمال الكردستاني آلدار خليل، الذي لم يكتف بالتهجم على فورد ووصفه بشتى النعوت، وكان أقلها الجهل السياسي، بل قوله إنه تحقق ما توقعه فورد، من قيام التحالف الدولي بإدارة ظهره لحزبه لا يعني لهم شيئاً، فالحزب، وفق خليل، «ليس لديه ما يخسره، وقد كسب من المرحلة الماضية العمل مع الأميركيين لدحر «داعش»، وهذا إنجاز فيه فائدة للجميع». السؤال الذي يطرح نفسه هنا على حزب العمال الكردستاني، الحزب الماركسي المقاوم للإمبريالية وعلى رأسها أميركا وفق أدبياته، وكذلك على جناحه السوري، وكل المصفقين لمعاركه أو الساكتين عنها: ماذا عن الخسائر في الأرواح التي تسبب بها الحزب في الأوساط الكردية، والنزيف الحاد في المنطقة الذي جعل الشبان الأكراد موزعين بسبب سياساته على الجبهات أو المقابر أو المهاجر، بحيث بات التغيير الديموغرافي أمراً واضحاً للعيان في المدن والبلدات الكردية، التي شهدت هجرة واسعة نتيجة إجراءاته القمعية، خصوصاً عمليات التجنيد القسري التي لجأ اليها عوضاً عن النظام، عدا عن التشويه الاجتماعي وتدمير التعليم والإفقار، أم أن كل ذلك لا يعني للحزب شيئاً ولا يعتبر خسائر في عرفه، ويكفي أنه عاد من كل ذلك بخفَّي حنين، وهو هنا شرف القتال يوماً تحت قيادة «الإمبريالية» الأميركية.

مشاركة :