أربيل: شيرزاد شيخاني بعد أيام من إعلان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن حزمة الإصلاحات الديمقراطية التي وعد بها في إطار مبادرة السلام التي أطلقها زعيم حزب العمال المعتقل عبد الله أوجلان، ترى قيادة الحزب في جبل قنديل أن تلك الإصلاحات لا تلبي الحدود الدنيا من المطالب الكردية، بل إن قياديا في الحزب أكد «أن حزمة الإصلاحات التي أطلقها أردوغان تثير السخرية، وتدلل على عقلية الحكام الذين يديرون شؤون البلاد، والتي تقوم على مبدأ الإنكار لوجود شعب يفوق تعداده عشرين مليون إنسان». وقال ديار قامشلو، عضو منظومة المجتمع الكردستاني، وهي أعلى هيئة قيادية في الحزب، في حوار مع «الشرق الأوسط»: «رغم الانتظار الطويل لصدور تلك الحزمة من الإصلاحات، ورغم الآمال الشعبية المعلقة عليها، فإنها جاءت مفرغة تماما من أي محتوى يخدم مسيرة السلام التي أطلقها زعيمنا أوجلان، فجميع القرارات والمقترحات التي جاءت بتلك الحزمة لم تقدم تطمينات للشعب الكردي بحدوث تغيير في سياسة الدولة التركية بشأن التعاطي والتعامل مع القضية الكردية بالبلاد، وهي من أكبر القضايا التي تهم تركيا. ورغم أن قادة الدولة أطلقوا على تلك الحزمة تسمية (إصلاحات ديمقراطية) فإنها خلت من أي خطوات إصلاحية لسياسة الدولة التي ما زالت تتنكر لوجود الشعب الكردي، وهذه السياسة بحد ذاتها والقائمة على الإنكار هي التي خلقت قضية باسم القضية الكردية ونشوء الصراع في تركيا، مما أدى لحد الآن إلى مقتل عشرات الآلاف من الجانبين». وقال قامشلو: «تطرق أردوغان إلى قرار العودة إلى إطلاق الأسماء الكردية على القرى والمدن الكردية، وهذا أمر يثير الاستغراب، خاصة عندما يعتبره رئيس الوزراء التركي إنجازا أو مكسبا حققه للشعب الكردي؛ لأن الشعب الكردي بالأساس لا يتعامل مع تلك القرى والمدن بالأسماء التركية الرسمية التي أطلقتها الدولة عليها، فالأكراد ما زالوا يطلقون اسم (آمد) على (دياربكر)، و(ديرسيم) على (تونجلي)، وكل قرارات وتابوات الدولة التركية لم تمنع الكرد من الاحتفاظ بتلك الأسماء الكردية الأصيلة. كما تحتوي حزمة الإصلاحات على قرار السماح بالتعليم باللغة الكردية، لكنه يحددها بالمدارس الخاصة المدفوعة الأجر، يعني إذا أراد الكردي أن يتعلم بلغته فيجب عليه أن يدفع مالا لأجل ذلك، في السنوات السابقة منعت الدولة الأكراد من التحدث بلغتهم في دوائر الدولة، ومن يفعل ذلك يغرم، واليوم عندما يريد التعلم بلغته يجب عليه أن يدفع، وفي كلتا الحالتين - عند السماح له أو منعه - على الكردي أن يدفع ضريبة لاستخدام لغته الأم». وأضاف: «نحن لم نطلق عملية السلام من أجل ذلك، بل كان همنا ومطلبنا الأساس هو تحقيق الحقوق القومية المشروعة لشعبنا، في مقدمتها إجراء إصلاحات ديمقراطية ودستورية حقيقية تعترف بالوجود الكردي وتطلق سراح معتقلينا بالسجون التركية وتحسن من وضع زعيمنا المسجون، وتلبي الحد الأدنى من الحقوق والحريات السياسية للشعب الكردي». وحول آخر موقف للحزب من الهدنة التي حددت قيادة قنديل مهلة نهاية الشهر الحالي للالتزام بها، قال قامشلو: «عندما وافقنا على دخول عملية السلام بناء على مبادرة زعيمنا أوجلان لم نكن ضعفاء، بل كنا أقوياء ولنا حضورنا ودورنا بساحات القتال، ولكننا استجبنا لنداء زعيم حزبنا بغية إعطاء فرصة للدولة التركية وحكومة العدالة والتنمية لحل القضية الكردية بطريقة سلمية، وها نحن بعد ما يقرب من ثمانية أشهر لم نجن من تلك العملية شيئا، فالحكومة التركية ما زالت تراوح مكانها وتتقدم بخطوات خجولة وصغيرة لا ترتقي إلى مستوى الطموحات الكردية، ولدينا شكوك تتعزز كل يوم بأن الدولة التركية وحكومة أردوغان غير جادتين في تحقيق السلام وحل القضية، لذلك رغم أننا التزمنا بوقف إطلاق النار منذ عدة أشهر، فإننا نؤكد أن هذه الحالة لن تستمر، فإذا لم تلب الحكومة التركية مطالبنا وفقا لمبادرة السلام، فإننا أعلنا سابقا أن نهاية هذا الشهر ستكون حاسمة لموقفنا بشأن مجمل العملية، ونحن حركة شعبية من حقنا الدفاع عن أنفسنا في إطار حق الدفاع الشرعي عن الوجود، وعليه فإننا سنضطر إلى إلغاء الهدنة، وعندها سنعيد جميع مقاتلينا المنسحبين إلى داخل تركيا وسنعلنها حربا شاملة، وليعلم العالم بأننا سنواصل نضالنا حتى تحقيق مطالبنا، ومن حقنا أن ندافع عن أنفسنا وشعبنا». من جانبه، أكد دوران كالكان عضو اللجنة القيادية للحزب في تصريحات نقلتها وكالة «فرات نيوز» التابعة للحزب «أن عملية السلام بين الحكومة التركية والحزب وصلت إلى طريق مسدود، لذلك إذا كانت الحكومة التركية تستغل الوضع الحالي لقتل الوقت وخداع الشعب فإنه لن يبقى هناك أي معنى لوقف القتال». وأضاف أن «القضية الكردية أكبر من الانتخابات وبعض المقاعد البرلمانية أو البلدية التي يسعى إليها أردوغان، فهي مفتاح لحل جميع قضايا ومشاكل البلاد، فإذا لم تلتزم الحكومة التركية بتعهداتها بتحقيق السلام، فعندها ستنتهي الهدنة ويعود القتال مجددا إلى تركيا».
مشاركة :