نينوى (العراق)/ إبراهيم صالح، سرهاد شاكر/ الأناضول تتجه الأنظار إلى قضاء تلعفر بمحافظة نينوى العراقية، بانتظار المعركة المرتقبة من الحرب الدائرة منذ نحو ثلاث سنوات ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، وسط جدل حول مشاركة قوات "الحشد الشعبي" في تلك المعركة. ويقع قضاء تلعفر، الذي يحمل مركزه الاسم نفسه، على بعد 65 كلم غرب مدينة الموصل (شمال) التي استعادتها القوات الحكومية في العاشر من يوليو/تموز الجاري، ويقطن القضاء غالبية تركمانية تنقسم بين الطائفتين الشيعية والسنُية. وعندما اجتاح "داعش" القضاء، صيف 2014، فرّ منه السكان الشيعة، فيما قتل التنظيم مئات لم يسعفهم الوقت للهرب. ** مشاركة "الحشد الشعبي" منذ أشهر، تحاصر قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي (شيعية موالية للحكومة) قضاء تلعفر من جميع الجهات، وهو ما يوحي أن بإمكان بغداد حسم هذه المعركة سريعا. لكن ليس هذا بالتحديد ما يشغل بال رئيس الحكومة، حيدر العبادي، الذي يواجه ضغوطا بسبب إشراك "الحشد الشعبي"، المكوّن من فصائل شيعة لدى بعضها صلات وثيقة بإيران، في المعركة المقبلة. وإثر فتوى للمرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، بمقاتلة "داعش"، تشكّل "الحشد الشعبي" من متطوعين وفصائل شيعية، عام 2014، عندما اجتاح التنظيم شمال وغربي البلاد، وبات على بعد 100 كيلومتر شمال العاصمة بغداد. ورغم رفض القوى السنُية، شاركت قوات "الحشد الشعبي" في معركة الموصل، ذات الأغلبية العربية السُنية، التي انطلقت يوم 17 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وواجهت هذه القوات اتهامات محلية ودولية بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين، وهو ما تنفيه "هيئة الحشد الشعبي". ** ضغوط إيرانية مصدر مقرب من رئاسة الوزراء العراقية، قال إن "العبادي سبق وأن أكد مرارا على أن قوات الجيش والشرطة هي التي ستتولى مهمة الهجوم على تلعفر". المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أضاف، في تصريحات للأناضول، إن "العبادي سبق أيضا وأن تعهد للسنة بإبعاد الحشد الشعبي، لسد الطريق أمام احتمال ارتكاب هذه القوات انتهاكات بحق السنة في تلعفر، انتقاما من مقتل مئات الشيعة في القضاء". وفي الوقت ذاته ذكر أن "إيران وأطرافا سياسية عراقية على صلة وثيقة بطهران تضغط على العبادي لإشراك الحشد في معركة تلعفر، حيث تحرص طهران على سيطرة الفصائل الموالية لها على القضاء القريب من الحدود، ضمن مساعيها للسيطرة على الحدود السورية - العراقية". ومضى المصدر قائلا إن "العبادي قد يرضخ في النهاية للضغوط، لكنه سيحرص على اختيار فصائل للمشاركة، وإبعاد أخرى لها سجل في ارتكاب انتهاكات بحق السُنة خلال الحرب ضد داعش". ** رفض تركي ويرفض سياسيون سُنة بشدة فكرة مشاركة "الحشد الشعبي" في معركة تحرير تلعفر، كما تعترض الجارة تركيا على ذلك، وتقول إنها ستتخذ ما يلزم في حال حصول أي انتهاكات بحق التركمان السُنة في هذا القضاء. والتركمان هم ثالث أكبر قومية في العراق بعد العرب والأكراد، ولا يوجد تقدير رسمي لعددهم، لكن المسؤولين التركمان يقولون إنهم يشكلون نحو 7% من سكان البلاد، البالغ عددهم حوالي 33 مليونا. وقبل إعلان تحرير الموصل بيوم واحد، أعلن فصيل في "الحشد الشعبي"، وهو "فرقة العباس" القتالية، التابعة للسيستاني، عن تلقيها أوامر من القيادة العامة للقوات المشتركة (التابعة لوزارة الدفاع) بالمشاركة في "عملية تحرير قضاء تلعفر التي ستنطلق عن قريب"، وفق بيان. وهذه الفرقة يقودها الشيخ ميثم الزيدي، ويقدر عدد مقاتليها ببضعة آلاف، وشاركت في معارك عديدة، برفقة الجيش في محيط الموصل، ولم توجه إليها اتهامات بممارسة أعمال طائفية خلال المعارك السابقة. ** هجوم قريب ولم تعلن الحكومة العراقية موعدا محددا لشن الحملة العسكرية في تلعفر، لكن قادة أمريكيون قالوا عقب استعادة الموصل إن القوات العراقية، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، ستأخذ قسطا من الراحة، قبل شن الهجوم الجديد. وقال القيادي التركماني في الحشد الشعبي، موسى علي جولاق، للأناضول، إن "معركة تلعفر باتت قريبة جدا.. الاستعدادات جارية على قدم وساق، ويبدو أن أسبابا سياسية (لم يحددها) تحول دون إطلاق هذه المعركة". وأضاف "جولاق" أن "العدو محاصر بمساحة تبدو صغيرة في المفاهيم العسكرية، وهي قرى ومدن متناثرة.. بعض القرى مهجورة ولا يوجد بمحيطها سوى عبوات ناسفة، وأيضا مفارز من عناصر التنظيم يتم استهدافهم بضربات جوية أو مدفعية عند رصدهم". ** مناطق "داعش" وبشأن المعطيات على الأرض، قال النقيب في الجيش العراقي، حيدر علي الوائلي، إن "المنطقة التي ما زالت بيد داعش في قضاء تلعفر هي جبهة بطول 60 كلم، وعرض 40 كلم". وأضاف الوائلي، في تصريحات للأناضول، إن "هناك ثلاث مدن رئيسية في القضاء ما تزال بقبضة داعش، وهي تلعفر (مركز القضاء) والعياضية والمحلبية (ناحيتان تابعتان للقضاء)، والبقية هي 47 قرى متناثرة في منطقة بعضها صحراوي مكشوف وأخرى تقع بين تلال صخرية متوسطة الارتفاعات". وتابع الضابط بقوله إن "العدو بنى أنفاقا بين هذه التلال، بعضها تم استهدافه بضربات جوية ومدفعية، وتم تحييدها مع قتل من كان بداخلها". وأوضح أن "أنباء تصلنا عن انهيارات معنوية بصفوف العدو في تلعفر، عقب التحرير الكامل للموصل، وبعض عناصر التنظيم ستندس بين النازحين المحتملين عند بدء العمليات لتطهير تلعفر ومحيطها". ** ترتيبات "داعش" ومع قرب شن الهجوم، أحكم التنظيم المتشدد قبضته على محيط قضاء تلعفر، في مسعى لمنع المدنيين من الفرار، بهدف استخدامهم دروعا بشرية خلال المعارك، وتجنب الضربات الجوية التي تشنها قوات التحالف والطائرات المقاتلة العراقية. ووفق تقديرات منظمة الأمم المتحدة فإن نحو 20 ألف شخص ما يزالوا يعيشون داخل مركز قضاء تلعفر. وأعدم التنظيم قرابة 200 مدني، في وقت سابق من الشهر الجاري، إثر إلقاء القبض عليهم لدى محاولتهم الفرار من تلعفر، بحسب ما أعلنه المرصد العراقي لحقوق الإنسان، في السابع من الشهر الجاري. ** مختطفون إيزيديون ويتوقع مسؤولون إيزيديون وجود مئات الإيزيديين في مدينة تلعفر اختطفهم مسلحو "داعش"، عند اجتياح قضاء سنجار الواقع إلى الغرب، صيف 2014. وتحدثت العضوة الإيزيدية في البرلمان العراقي، "فيان دخيل"، عن "وجود مئات من المدنيين الأبرياء من المختطفين والمختطفات الإيزيديين من أهالي سنجار، بينهم عوائل بأكملها، في مركز تلعفر وفي أطرافه القريبة". ودعت "دخيل" القوات العراقية إلى "وضع الخطط اللازمة لإنقاذ المختطفين في تلعفر، وبذل الجهود لتوفير ممرات آمنة وحقيقية، يمكن من خلالها تسللهم بدون أية مخاطر من نيران الدواعش (مسلحي التنظيم) أو من العبوات الناسفة، المرجح أن يزرعها التنظيم في الطرقات الداخلية والخارجية". ويخوض العراق حربا ضد التنظيم المتطرف منذ أن اجتاح الأخير شمال وغربي البلاد، صيف 2014، وسيطر على حوالي ثلث مساحتها، وأعلن عليها ما أسماها "دولة الخلافة" إلى جانب أراض سورية على الطرف الآخر من الحدود. لكن "داعش" فقد معظم تلك المناطق في العراق، وانحسر نفوذه إلى جيوب، هي قضاء تلعفر في محافظة نينوى (شمال)، وقضاء الحويجة في محافظة كركوك (شمال)، فضلا عن مدن "عنه" و "راوه" و"القائم" في محافظة الأنبار غربي البلاد. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :