باريس - يجتمع رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي فايز السراج وخصمه المشير خليفة حفتر قائد "الجيش الوطني الليبي" الثلاثاء قرب باريس برعاية الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي يسعى للحصول على تعهد منهما بالتوصل إلى تسوية وإنهاء الفوضى. سبق والتقى حفتر والسراج، أبرز شخصيتين مؤثرتين في المشهد الليبي، في بداية أيار/مايو في أبوظبي دون أن يسفر ذلك عن نتيجة. وهو ثالث لقاء بينهما إذ التقيا في كانون الثاني/يناير 2016 بعيد تعيين السراج. رغم إقرار الرئاسة الفرنسية بأن اللقاء لن يحل النزاع، غير أنها تأمل في الحد الأدنى بجعلهما يوقعان على إعلان مشترك يحدد مبادئ الخروج من الأزمة. لم ينجح السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الضعيفة، الذي يحظى بدعم المجتمع الدولي في بسط سلطته على البلاد بالكامل بعد أكثر من عام من انتقال حكومة الوفاق إلى طرابلس. أما المشير حفتر غير المعترِف بشرعية حكومة السراج فيحظى بدعم "برلمان طبرق" المنتخب ونجح بتحقيق مكاسب عسكرية ميدانية في الشرق في مواجهته مع فصائل إسلامية لا سيما في بنغازي. يلتقي الرجلان بعد ظهر الثلاثاء في قصر سيل-سان-كلو التابع لوزارة الخارجية الفرنسية في منطقة باريس. وسيلتقيهما الرئيس الفرنسي على التوالي قبل اجتماع ثلاثي يحضره موفد الأمم المتحدة الجديد إلى ليبيا غسان سلامة الذي يباشر مهامه هذا الأسبوع. ولا تخلو مبادرة ماكرون من صعوبات بالنظر إلى الوضع الليبي المعقد والفوضى التي تسود ليبيا منذ إسقاط نظام معمر القذافي نهاية 2011 وسط تنازع السلطة وتهديد الجهاديين وتهريب الأسلحة والبشر. ويضاف كل ذلك إلى ضلوع قوى إقليمية في النزاع. إنه "مشهد متفجر جدا على الصعيد السياسي والعسكري" وفق تعبير دبلوماسي فرنسي. لكن الاليزيه ينظر إلى اللقاء بصفته "إشارة قوية" بحد ذاته ودليل على "الالتزام الشخصي" للرئيس الفرنسي. وقالت مصادر دبلوماسية إن الإعلان المشترك سيؤكد على فشل الحل العسكري في ليبيا، ويعترف بالشرعية السياسية للسراج والشرعية العسكرية للمشير حفتر وقد يتطرق إلى انتخابات مقبلة. وسبق أن اقترح السراج تنظيم انتخابات رئاسية ونيابية في آذار/مارس 2018. طموحات حفتر لقد جعل الرئيس الفرنسي الملف الليبي بين أولوياته وتبنى النهج "البراغماتي" لوزير خارجيته جان ايف لودريان، وزير الدفاع السابق الذي "يأخذ في الاعتبار الوقائع على الأرض" ويعد المشير حفتر حصنا في وجه الخطر الجهادي. ولقد كشف مقتل ثلاثة عسكريين فرنسيين العام الفائت في ليبيا عن مساندة باريس لقوات حفتر. وقام لودريان بعيد تسلمه حقيبة الخارجية بجولة إقليمية لإحياء الجهود حول ليبيا معولا على علاقاته القوية مع العديد من أطراف الأزمة وخصوصا مصر والإمارات الداعمتين لحفتر. وقال ماتيا توالدو المتخصص بشؤون ليبيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن "توازن القوى على الأرض بات يميل لصالح حفتر. لقد نجح في تأمين العديد من القواعد في جنوب البلاد وسيطر على قاعدة الجفرة الإستراتيجية في الوسط وقد يتجه غرباً إلى سرت في الأسابيع المقبلة". لكن توالدو يستبعد تحقيق نجاح وشيك، إذ تثار تساؤلات بشأن طموحات حفتر ومدى رغبته في الامتثال لسلطة مدنية. وقال مصدر في هيئة إنسانية على صلة بالوضع الليبي "لا اعتقد انه قابل للانضباط. يريد أن يحكم ليبيا وسيقاتل جميع من يقفون في وجهه". وعلق مصدر دبلوماسي بلهجة مشككة، "فلنأمل عندما يوقع على شيء أنه سيحترم توقيعه". وأثارت المبادرة الفرنسية على ما يبدو بعض الانزعاج لدى ايطاليا، القوة المستعمرة السابقة في ليبيا، وخصوصا أنها تدفع الثمن الأكبر في ملف المهاجرين الذين يصلون يوميا بالمئات إليها انطلاقا من السواحل الليبية. وقال وزير الدولة الايطالي للشؤون الأوروبية ساندرو غوزي "على فرنسا ألا تكرر في ليبيا الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي"، واصفا التدخل الدولي الذي دفع الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي في اتجاهه العام 2011 بأنه كان "كارثيا". ونبه غوزي في مقابلة مع صحيفة لا ريبوبليكا نشرت الاثنين إلى أن "التزام ماكرون في الأزمة يجب أن يكون جامعا ويستند إلى علاقة خاصة مع ايطاليا". وحرص لو دريان الذي كان في روما الاثنين على طمأنة ايطاليا بقوله "في هذه القضية، لا يمكن لأحد منا أن يفعل شيئا دون الآخر".
مشاركة :