الإنسان بعد 1000 عام.. أكثر طولاً ونحافة وبشرة داكنة

  • 7/26/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد:عبير حسين كان اكتشاف النار قبل 800 ألف عام بحسب تقديرات علماء الأنثروبولوجيا بداية تغيير حقيقي في شكل جسم الإنسان الذي تمتع حينها بأذرع طويلة، وأسنان قوية كبيرة، مع دماغ أصغر حجماً. وبفضل معرفة البشرية للطهي اختفت تدريجياً الحاجة إلى الأسنان القوية التي كانت مهمتها تناول اللحوم النيئة، كما انكمشت القناة الهضمية الطويلة، كما لم تعد هناك حاجة للصعود للمبيت على الأشجار خوفاً من الضواري التي باتت بدورها تخاف الاقتراب من النار لذا بدأت الأذرع في التراجع، وبدأت أجزاء أخرى من الجسم البشري في النمو خاصة الدماغ.إذا كانت النار قد احتاجت إلى آلاف السنين لتغيير شكل جسم الإنسان على هذا النحو، فماذا سنفعل اليوم وسط عالم متسارع التغيرات بشكل مذهل عاماً بعد آخر؟ وكيف سيكون شكل الإنسان بعد 1000 عام، سيمر خلالها بأطياف مختلفة من التأثيرات الإيجابية والسلبية، ما بين التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة على نحو غير مسبوق، وحتى التطور الفائق لكل توقع لعلوم الوراثة والجينات وغيرها؟ وهل سيتوقف التغير في شكل الإنسان على مظهره الخارجي فقط، بل سيمتد ليشمل أعضاءه الداخلية خاصة مع انتشار تقنية «النانوروبوتس» التي ستتحكم في عشرات الوظائف في الجسد في المستقبل؟ والأهم إلى أين سيقود المستقبل الذكاء البشري؟ هل سيتراجع لصالح الذكاء الاصطناعي؟ أم سينجح أحفادنا في الاحتفاظ بالمركز الأول للإنسان باعتباره الكائن الوحيد العاقل الناطق. وأخيراً هل تبقى الأرض الكوكب المناسب لحياة الإنسان بعد 10 قرون في ظل توقعات ببلوغ عدد سكانها 14 مليار نسمة، سيصارعون للبقاء في ظل الموارد المحدودة التي عانت طويلاً التغير المناخي؟ وإذا فرضنا جدلاً نجاح الإنسان باستعمار كواكب أخرى، فكيف سيكون شكله هناك؟ هل سيحتفظ بهيئتنا هنا على الأرض، أم سيختلف شكله في ظل انعدام الجاذبية وضعف ضوء الشمس؟كل هذه الأسئلة وغيرها العشرات لا تندرج أسفل عنوان «الخيال العلمي»، لكنها جزء هام من مشروعات بحثية علمية حقيقية يعكف مئات الباحثين في المعامل الغربية على دراستها في محاولة لتقديم إجابات منطقية عنها، وتندرج جميعها تحت عنوان عريض يعرف ب «علوم المستقبليات».أولى الإجابات عن بعض هذه الأسئلة قدمتها مؤسسة Aspascience العلمية الكندية التي نشرت قبل عامين نتائج دراسة مطولة تعاونت فيها عدد من المعاهد البحثية في عدة جامعات أوروبية وأمريكية، وأشارت إلى أن التغير المناخي، والذكاء الاصطناعي، والتطور المذهل في علم الدراسات الجينية ستكون العوامل الأهم في تغيير شكل أجسادنا على نحو كبير بعد 10 قرون.تبديد الحرارةالدكتور آلان كوان عالم الجينوميات الحسابية في جامعة واشنطن، وأحد العلماء البارزين المشاركين في الدراسة قال إن الإنسان بعد 1000 عام سيكون أكثر طولاً ونحافة وصاحب بشرة داكنة وعيون أكبر، حيث إن شكل الجسم هذا سيكون أكثر قدرة على تبديد الحرارة التي ستعاني الأرض ويلات ارتفاعها عقوداً طويلة. قال كوان «ستستمر أدمغتنا في النمو، وجباهنا في الاتساع». وأضاف «مع التطور الهائل الذي سيشهده علما الوراثة والجينات سيصبح البشر أكثر تشابهاً إلى حد كبير، لأن كل العائلات سترغب في تمتع أطفالها بالجاذبية والصحة القوية، وسيتحيز الكثيرون إلى اختيار الجينات التي تجعلهم أكثر جاذبية فيما يتعلق بملامح الوجه».اهتمت الدراسة بالإشارة إلى المستقبل الهائل الذي ينتظر علم وظائف الأعضاء، الذي سيصبح خليطاً من البيولوجيا والآلة بزراعة «نانوروبوتس»، أو الروبوتات الصغيرة القادرة على تعزيز قدراتنا الدفاعية ومناعتنا الداخلية، وبالتالي حماية الخلايا من الشيخوخة.انتهت الدراسة إلى التفاؤل بمستقبل الإنسان بعد 1000 عام وقالت إن الجنس البشري في المستقبل سيكون أكثر ذكاء وقوة وأطول عمراً بفضل تقدم الطب وتحسن نوعية التغذية.واهتمت أغلب الدراسات المستقبلية بدراسة التطور الذي سيطرأ على عيون الإنسان في المستقبل، واتفقت أغلبها على أنها ستصبح أكبر حجماً ويغلب عليها اللون الأحمر. الدكتور آلان كوان قال إن استعمار الإنسان لكواكب أخرى سيطور عيوناً أكبر في محاولة للحصول على رؤية أفضل. وأضاف « غالباً سيعاد تشكيل الثنية الهلالية للعيون لمساعدتها على حماية الإنسان من الأشعة الكونية».كما ستلعب التقنية الحديثة دوراً محورياً في تعزيز قدرات الإنسان، خاصة في السمع والبصر عبر عدة أجهزة تتم زراعتها تكسب صاحبها قدرات خاصة هائلة. ومن أهم الدراسات الرائدة في هذا المجال تلك التي تعدها جامعة أوريجون الأمريكية لتطوير عينٍ إلكترونيةٍ تتيح للكفيف الإبصار، إضافة إلى السماح للأصحاء برؤية ما نعجز عنه حالياً مثل الأشعة السينية أو تحت الحمراء وغيرهما.عيون أوسع على المريخفجر البروفيسور ستيفن هاوكينج أستاذ الفيزياء الفلكية بجامعة كامبريدج البريطانية تحذيراً من العيار الثقيل قبل عامين، عندما قال إن الجنس البشري مهدد بالانقراض بعد 1000 عام، مؤكداً أن الأرض لم تعد المكان المناسب للحياة، وأنه على البشرية البحث عن استعمار كواكب أخرى. الباحث روبرت زوبرن المهندس بوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» توقع أن يبني الإنسان مستعمرات بشرية على المريخ خلال عدة قرون بالمستقبل، وقال إن جسم الإنسان هناك ستطرأ عليه عدة تغيرات فيصبح أطول وصاحب عيون أكبر. قال زوبرن «تصل الجاذبية على المريخ إلى 38% من مثيلتها الأرضية، وهذا يعني تمدد المادة اللزجة المكونة للغضاريف الموجودة بين فقرات العمود الفقري، ما يعني زيادة طول الإنسان بعدة بوصات فقط. إضافة إلى ذلك يصل إلى المريخ 66% فقط من ضوء الشمس الذي يتمتع به البشر على الأرض؛ لذا فإن البشر المولودين على المريخ، ستكون عيونهم أوسع وأقوى حتى تتمكن من الرؤية بوضوح». أما أكبر تحديات الإنسان على المريخ والتي مازال علماء المستقبليات غير قادرين على توقعها أو دراستها فهو مدى إمكانية نجاح التزاوج والتكاثر في ظل انعدام الجاذبية أو انخفاضها.الحمض النووي والجيناتكشفت دراسة أجرتها جامعة أوكسفورد عن أن أجسام مجموعة من الأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة HIV في جنوب إفريقيا طورت آلية دفاعية حالت دون تحول الفيروس إلى مرض الإيدز، وكان هذا نقطة انطلاق رئيسية في سبيل تطوير أبحاث تهتم بإمكانية التحكم في الحمض النووي وجينات الإنسان في المستقبل، ما يجعله منيعاً ضد الإصابة بالأمراض الميئوس من علاجها خاصة السرطانات.الباحث «كاريل لاست» من معهد الدماغ العالمي في واشنطن قال، إن أحدث التقديرات العلمية تشير إلى إمكانية وصول عمر الإنسان إلى 120 عاماً بحلول 2050، وتساءل: «كان متوسط عمر الإنسان في القرن ال17 حوالي 37 عاماً، وارتفع في القرن العشرين إلى 65 عاماً بفضل التقدم في مجال الطب، فكيف سيكون الحال بعد 10 قرون تتجاوز فيها التقنيات الطبية الحديثة كل الحدود المتصورة والمتوقعة». لفت «لاست» الانتباه إلى نقطة بالغة الأهمية، وهي أن البشر سيعيشون حياة أطول وربما يصل متوسط عمر الإنسان إلى مستويات قياسية عام 3000، لكنه بالمقابل فإن زيادة حجم الأدمغة تحتاج من الكائنات الحية إلى مزيد من الطاقة والوقت للوصول إلى إمكاناتها الكاملة، وبالتالي ربما يجد البشر بعض الصعوبة في «التكاثر».

مشاركة :