هل تزداد حالات الهوس والطقوس والحركات الغريبة التي تثير قلقك؟ هل يعكس هذا الوضع سلوكاً عابراً أم بداية اضطراب الوسواس القهري؟ إليك ما يجب معرفته للتمييز بين الحالتين. كيف يمكن التعرّف إلى اضطراب الوسواس القهري؟ يمكن التعرّف إلى هذا الاضطراب حين يترافق مع حالة هوسية: إنها ظاهرة مزعجة ولاإرادية (صور وأفكار عنيفة أو مخجلة، شكوك متكررة...). أو يمكن أن تظهر انفعالات مفرطة تترافق مع سلوكيات طوعية مع أنها لا تعبّر عن إرادة حرّة (غسل الأسنان بلا توقف، التأكد من أدق التفاصيل...). يشعر المراهق في هذه الحالة بأنه مضطر إلى تبني هذه السلوكيات. لكن يجب التمييز بين هذه المظاهر والحركات اللاإرادية التي تتمثل بانقباض عضلي أو أفكار ثابتة أو ميول مكتسبة. يؤدي هذا الاضطراب عموماً إلى عزل الذات، فيشعر الفرد المعنيّ بالانزعاج والعار لأنه قد يعتبر نفسه سيئاً أو مجنوناً أو خطيراً. ما هي مؤشرات المرض الحقيقية؟ قد يتمثّل هذا الاضطراب بطرق عدة. يمكن التفكير مثلاً بغسل اليدين بشكل متكرر أو قد ينشأ هوس بالترتيب والسعي إلى الكمال... لكن ثمة أشكال أخرى من المرض ترتبط بالدين والأخلاقيات والتطيّر أو محاولة الاحتماء من الحوادث أو الكوارث... هل المراهقون أكثر عرضة للمشكلة من غيرهم؟ لا، لكن غالباً ما تبدأ المشكلة في مرحلة المراهقة. يمكن أن نلحظ بعض المظاهر الهوسية البسيطة لدى الأولاد الذين يحرصون دوماً على إقفال باب غرفهم وترتيب ألعابهم بشكل دقيق أو يتمنون ألا يموت أهاليهم... بعد فترة من الركود، قد يعود الاضطراب للظهور بشكلٍ أو بآخر. قد تتعلق العوامل المؤثرة بعواطف قوية أو ضغط نفسي أو مسؤولية مفاجئة أو حداد. ما سبب الحالة؟ في معظم الحالات، تؤدي المعطيات الوراثية دوراً بارزاً ويمكن أن تتكرر المشكلة وسط العائلة نفسها. يتوقف شكل هذه الاضطرابات وطريقة ظهورها على أسلوب التربية ومسار الحياة اليومية. لكن يجب أن يفهم المراهق أنه ليس مسؤولاً عن المشاعر التي تجتاحه وأنه مصاب بمرضٍ يحتاج إلى علاج. مرض قابل للعلاج؟ استهدف التحليل النفسي, منذ فترة طويلة, أسباب المشكلة الشخصية وتاريخ المريض لكنه كان يضع الحالة في خانة مشاعر الذنب من دون أن يقدّم مساعدة ملموسة. تبدو العلاجات السلوكية والمعرفية أكثر فاعلية بشرط متابعة الحالة على مر سنة أو سنتين. يكون الوضع حساساً لأنه يتطلب جهداً من جانب المريض, ويجب أن يوافق هذا الأخير على تلقي العلاج لاستهداف شكوكه ومخاوفه (يمكن أن يلمس الغبار مثلاً إذا كان يخشى مظاهر التلوث!). يجب أن تكون المقاربة تدريجية وأن يحصل المريض على التشجيع والتهنئة حين يحرز أي تقدم. أثبتت مضادات الاكتئاب (مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين) فاعليتها في هذا المجال أيضاً. تكون الجرعات أعلى من تلك التي يصفها الخبراء لمعالجة الاكتئاب العادي. لكن يمكن معالجة بعض الاضطرابات الخفيفة من دون دواء عبر العلاج السلوكي المعرفي.
مشاركة :