المالكي والعبادي في الموصل.. اتفاق على تدميرها هارون محمد ثمة هجمة منظمة ضد مدينة الموصل، رغم أنها غير محررة من احتلال داعش بالكامل، تشترك فيها أحزاب ومرجعيات وميليشيات شيعية شعارها (الشيعة حرروا الموصل) في إشارة إلى أن أغلب ضباط وجنود قطعات الجيش وقوات مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية التي شاركت في معارك المدينة من الشيعة، وكأن أهلها الذين مُنعت عليهم حيازة السكاكين المتوسطة في مطابخ بيوتهم باعتبارها أدوات إجرامية حسب قوانين الجنرال مهدي الغراوي قائد العمليات العسكرية فيها، هم من سلموها لداعش قبل ثلاث سنوات، وهربوا بـ“الدشاديش” البيضاء منها. ووفق هذا المنطق المعوج، يطالب حزب الدعوة والميليشيات بأن تكون قيادة الموصل في المرحلة المقبلة بيد الشيعة، بمعاونة بعض “سنة المالكي” يتم تجميل وجوههم وإجراء المقابلات التلفزيونية المتكررة معهم، أمثال النواب عبدالرحمن اللويزي وأحمد كيارة الجبوري وعبدالرحيم الشمري، إضافة إلى ممثلين متعاونين عن الأقليات الكردية والتركمانية والمسيحية والشبكية واليزيدية. وتبرز بهذا الصدد أسماء القيادي في المجلس الأعلى محمد تقي مولى عن التركمان الشيعة، والنائب الشبكي حنين القدو وريان الكلداني، المسيحي المتشيع، ومطروح اسم كردي عراقي، يقاتل مع قوات حزب العمال الكردي التركي في سنجار، يدعى كاكا عاصم، وآخر يزيدي يتم التكتم على اسمه وهويته لأسباب أمنية. وقبل أيام هاجمت وحدات من ميليشيا سيد الشهداء، قوات حرس نينوى المكلفة بحماية منطقة “المجموعة الثقافية” في أيسر الموصل، لغرض إخراجها من المنطقة واحتلال مقراتها، وحدثت اشتباكات بين الجانبين، واضطر قائد عمليات الموصل الفريق نجم الجبوري إلى الإعلان بأن الاشتبـاكات نتجت عن سـوء فهم وتم احتواء الموقف، دون أن يتمكن من تبرير وجود هذه القوة الحشدية الممنوعة رسميا من الوصول والانتشار في المنطقة، بينما يواصل نائب الأمين العام لتلك الميليشيا المدعو أحمد موسوي تهديداته ويفتي بذبح ضباط وجنود الحـرس الذين قدموا العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى في معركة تحرير الموصل وأكثر من نصفهم متطوعون بلا راتب، وهو ما أثار مقدم برامج في فضائية “العهد” العصائبية إلى الإعلان بأن “بسطال” (حذاء) الشيعي يشرّف الموصل، دون أن يواجه بتأنيب طرف سياسي أو استنكار جهة حكومية، مما يدل على أن رئيس الحكـومة حيدر العبادي يساير هذا المنهج العدائي وينسجم مع الخطاب الطـائفي ضد المدينة، خصوصا وأن هذا المقدم سبق وأن طعن بالسيدة عائشة والخليفة الراشدي عثمان بن عفان، ومازال مستمرا في شتائمه الطائفية، دون أن تتم مساءلته قانونيا بحجة حرية التعبير. وعندما يبلغ نوري المالكي وكالة أنباء روسية (سبوتنك) بأن أهل الموصل الســنة هم من سلموا مدينتهم إلى تنظيم داعش، رغم أنه يعترف بأن نصف القطعات العسكرية المسؤولة عن حماية الموصل انسحبت قبل يوم واحد من اجتياح مسلحي التنظيم للمدينة، دون أن يوضح لماذا انسحبت ومن أصدر لها أمر الانسحاب، فإنه يدين نفسه وهو كان رئيسا للحكومة وقائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا لوزارتي الدفاع والداخلية، ويضحك على نفسه أيضا، لأنه أوحى بهذا التصريح بأنه كان مجرد لاعب يتقافز على حبال متهرئة. والغريب أن حيدر العبادي وهو الذي عاش وعمل سنوات في الغرب وبريطانيا تحديدا، يستنكر تقارير موثقة لمنظمات إنسانية وبيانات رصينة لهيئات دولية عن وجود جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان وارتكاب عمليات قتل ممنهجة لأبناء الموصل الذين صمدوا وصابروا في مدينتهم، وهو بهذا الموقف، يشترك مع المالكي في النفاق، ويتفق معه في معاداة أهل الموصل الذين دفعوا 40 ألفا من أبنائهم العزل شهداء خلال تسعة أشهر من العمليات العسكرية، يضاف إليهم 27 ألف مدني استشهدوا تحت حكم داعش، كما ذكرت النائبة الموصلية نورا البجاري في إحصائية أولية. إن الوقائع المروعة التي شهدتها الموصل خلال الأشهر التسعة الماضية، تؤكد أن عملية تحريرها من احتلال داعش قامت وفق خطة رسمتها حكومة العبادي برعاية التحالف الدولي ودعم الطيران الأميركي، ومشاركة المستشارين الإيرانيين، استهدفت تدمير المدينة وقتل المزيد من سكانها، فلم نشاهد دواعش مقتولين غير أفراد قلائل، ولم نلحظ أسرى من مقاتلي التنظيم سوى ثلاثين أو أربعين مسلحا نصفهم نساء مجندات أو مجبرات، بينما قتل الآلاف من المدنيين وتم احتجاز الآلاف من الرجال والشباب في معسكرات اعتقال لأغراض التدقيق الأمني، تمنع وسائل الإعلام من الوصول إليهم ويحظر على المراقبين الدوليين الاطلاع على أوضاعهم. والمعلومات المتسربة من داخل المدينة تشير إلى أن قوات الشرطة الاتحادية تحتجز وحدها أكثر من 4000 مدني، وهذه القوات المشكلة على غرار الميليشيات، مثبتة عليها جرائم بالجملة، ولا بد من تقديم قائدها الفريق رائد جودت وكبار ضباطه إلى التحقيق والمحاكمة، علما أن هذا القائد وهو من أتباع المالكي الذي رفعه من رتبة رائد إلى لواء ثم فريق خلال ست سنوات، متهم بتبديد 303 مليار دينار، حسب تصريحات رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية حاكم الزاملي الذي طالب وزارة الداخلية المسؤولة عن الشـرطة الاتحادية ببيان أوجه صرف هذه الأموال الطائلة التي سلمت إليه ولم يقدم وصولات ومستندات عن مصيرها. إن سماح العبادي للأحزاب والميليشيات الشيعية بافتتاح مقرات لها في الموصل، ترفع راياتها وصور قادتها ومراجعها على جدران الأبنية الحكومية والمدارس المعطلة، وخصوصا في أيسر المدينة مع صخب مكبرات الصوت، وهي تردد أهازيج طائفية وعبارات استفزازية، وتعتقل من تشاء وتسجن من تريد على الشبهات، يعني أن العبادي يقلد المالكي في نهجه وتصرفاته ضد الموصل وسكانها السنة العرب، ولا يختلف مع صاحب “ما ينطيها” إلا نسبيا، المـالكي صارخ في طائفيته، والعبادي مستتر. كاتب عراقي
مشاركة :