عدوى «حريم السلطان» تصيب دراما «سرايا عابدين»

  • 7/7/2014
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

لم يشفع للعمل الفني "سرايا عابدين" الكم الكبير من النجوم المصريين والعرب وعلى رأسهم يسرا ونيلي كريم وغادة عادل والسوري قصي خولي، أن يحقق ما أراد له مخرجه عمرو عرفة أو المؤلفة الكويتية هبة مشاري حمادة، حيث جاء بعد طول انتظار "نسخة مشوهة" من المسلسل التركي "حريم السلطان". فهل يعقل أن يكون قصر عابدين أو سرايا عابدين هذا المبنى التاريخي الذي يحمل في طياته الكثير، مجرد جدران بداخلها مجموعة من الخدم والحشم لا يهمهم سوى البحث عن مخرج من الكبت الذي يعيشون فيه ولا يجدون سواء الرجال أو النساء منهم إلا أن يؤنسوا بعضهم بعضا. ناهيك عن رئيسة الخدم وما تحمله من عصبية مستمرة ليأتي دور الطباخ والجنايني والحراس وما يتظاهرون به من غضب وسخط دائم ونقمة على الحياة التي يعيشونها. المسلسل الذي من الفترض أنه يتناول حقبة تاريخية مهمة في التاريخ المصري كما أنه من أكثر الأعمال انتظارا وتشويقا عند المشاهدين، فالعمل الفني الذي تم الانتهاء منه منذ أكثر من عام تقريبا كان من المقرر عرضه بداية العام الحالي ضمن دورة جديدة تهدف لعرض الأعمال الدرامية بعيدا عن الشهر الكريم، متوقعا تحقيق نسبة مشاهدة عالية عند عرضه على الشاشة في رمضان؛ لكن مع الحلقة التاسعة نجد الأحداث لا تزال متواضعة، والحوارات ليست سوى دسائس ومكائد وثرثرة نسائية. إحدى مشاهد المسلسل. فزوجات الخديوي تبحث كل واحدة منهن عن توريث الحكم الذي يعد المحرك الأساسي لمجريات حياتهن فلا يهمهن سوى تأهيل الأمراء الصغار لاقتناص الحكم عن طريق الدسائس والمكائد التي لا تنتهي. أما الوالدة باشا الحاكمة الصارمة ذات الأصول المتعصبة تجدها هي الأخرى طوال الوقت في حالة من الشد والجذب مع نفسها وكل من يحيط بها، والأدهى من ذلك الخديوي نفسه أو الوالي كما كانوا يطلقون عليه وهي من المغالطات التاريخية التي كتبت ونوه بها الكثير من المؤرخين، همه وشغله الشاغل هو النساء وهداياهن وعطاياهن ونيل رضاهن. وإذا كان التاريخ يقول إن الخديوي إسماعيل كان أكثر حكام الأسرة العلوية ولعاً بالنساء؛ لكن الحديث هنا عن السرايا وما يدور بداخلها من أنظمة تؤسس لدولة قوية فيها الكثير من الإصلاحات والإنجازات، ليست حياة رفاهية دائمة ولا حياة عسر ولا هي نوادر وثرثرات نسائية بل هي أحداث لابد ان تُظهر الوجه الجميل والقبيح وتعرض المساوئ والمظالم وتتطرق إلي حياة الرفاهية، لكن فيما يبدو أن العمل الدرامي هذا يريد فقط أن يشغل النساء العربيات المتابعات له بجمال الخديوي وطلته البهية وعشق النساء له طول الوقت والزينة الحاضرة دائما في لباس النساء ليلا ونهارا، والأبهة الغالبة على كثير من مشاهد العمل أسوة بالمسلسل التركي "حريم السلطان". قصر عابدين الذي شهد القصة التاريخية الحقيقة التي يحاول المسلسل معالجة جزء من أحداثها. إنه أقل ما يقال عنه نسخة مشوهة من المسلسل المليء بالبذخ الدرامي ولكن هذا البذخ في الحقيقة مجرد حلي وإكسسوارات غير حقيقية لم تكلف الإنتاج شيئا، فقط ما يظهر على الشاشة يعطي انطباعا بقسوة الحكم في القصر حينها على العامة التي ظهرت في كثير من المشاهد، وهي تشكو قلة الحيلة والفقر والعوز على الرغم من ثراء قصر الحكم. فلماذا يريد صناع العمل أن يجعلونا نصدق ثم نتعاطف لنستمر في المتابعة وسط قصة درامية مغلوطة فيها الكثير من النقص؟ وما الهدف من النبش في الماضي وما الهدف من عرض مسلسل كهذا؟ وإن كان الهدف هو التعريف بالتاريخ فأين التاريخ؟ هل ما نشاهده يوميا هو التاريخ الذي قرأنا عنه؟ إنهم يقولون إن القصة مستوحاة لكن كلها مغالطات فهي مجرد عرض حلي ومجوهرات وأزياء الهوانم والأميرات، فأين واقع القصر من هذه الأمور الثانوية؟ المشاهد يريد من صناع الدراما أن يتناولوا القصص التاريخية ببعض المعالجة الدرامية الواقعية. نحن نجزم أن التفرقة الطبقية موجودة في تلك العصور بكثرة ولكن الإصلاحات أيضا موجودة بأكثر فلابد من عرض هذا وذاك. وفي الوقت الذي يصر فيه منفذو العمل على جودته يصر بعض المتابعين أنهم لم يروا جودة تُذكر وبالتحديد جودة الممثل الذي يقوم بدور الخديوي إسماعيل وهو الفنان السوري قصي خولي، الذي تقاضي عن هذا الدور نحو مليوني دولار يحاول تقمص دور السلطان الحاكم وليس الوالي. وعلى ما يبدو أنه أصيب بعدوى من المسلسل التركي حريم السلطان أيضا مثله مثل الكثير من العاملين في هذا المسلسل فالملكة الأم تنشغل قبل نومها بحياكة الملابس كنوع من التسلية، والأميرات مشغولات بعمل المانيكير والباديكير، والخادمات المقهورات يجهزن الحمام لمن يرغب، والمشاهد جلس ليتابع مجريات الأحداث وتداخل الحوارات بشيء من الذهول. هناك خلل ما في المعالجة الدرامية ونقص حواري لم يتداركه القائمون على العمل ومغالطات تاريخية واضحة وضوح الشمس من زوجة خائنة لم يذكرها التاريخ لزوجة أخرى تحاول أن تنسب ابن شقيقتها بزوجها الخديوي لأنها لا تنجب، وزوجة ثالثة تتحرك بناء على أوامر وطلبات الباب العالي، وأم قوية بشخصيتها يذكرها التاريخ بالكثير من الإنجازات؛ لكن أين هي تلك الإنجازات التي لم يحاول صانع العمل إبرازها وتعريف المشاهد بها؟ وقد كتب في هذا السياق المؤرخ المصري ماجد فرج على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" متعجبا: "مسلسل سرايا عابدين فيه حالة شبق جنسي تحدث داخل السراي بدءا من الخديوي وصولا إلى الخدم". وأضاف أن إسماعيل باشا لا يمكن أن يخطئ في زوجته صافيناز، لأنه لم تكن لديه زوجة تدعى صافيناز من الأساس". وعن طريقة تقديم العشاء قال فرج إن جناب الخديوي كان يتناول العشاء مع البرنسيسات على الطراز الأوروبي وكان "العشى باشا" أي الطاهي بلغة ذلك الوقت يرسل الأطعمة المخصصة للخديوي ملفوفة بالقماش ومختوم عليها بالشمع الأحمر إلى غرفة متصلة بالحرم فيتسلمها السفرجى الخاص بالخديوي ثم يخرج من هذه الغرفة فيتسلمها أربع سفرجيات من الجواري تفك أختام الأطعمة وتقدمها إلى المائدة. وهناك خطأ آخر وهو إطلاق لقب الخديوي على إسماعيل رغم أنه لم يكن قد حصل على هذا اللقب بعد فكان وقتها واليا وحصل على لقب الخديوي في عام 1867. وفي سياق آخر هاجم ماجد فرج صناع "سرايا عابدين" كما رفض قيام الجهات الرقابية بالموافقة على عرض ذلك المسلسل الذي يتناول الحياة الخاصة لإحدى الأسر الحاكمة في مصر، حيث يرى فرج أن العمل يهدف إلى تدمير الهوية المصرية، داعيا مؤلفة العمل الكويتية هبة مشاري حمادة ومخرجه عمرو عرفة إلى مناظرة على الهواء مباشرة على أي فضائية يختارانها.

مشاركة :