قصة الرسائل المتبادلة بين التابعي وأم كلثوم: «هل تفكرين فيَّ كما أفكر فيك؟»

  • 7/28/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

كان أمير الصحافة، محمد التابعي، يرتدي أفخر أنواعه الثياب، ينتقي أفخر أنواع الطعام والشراب، وعندما كان يسافر خارج مصر، لم يكن ينزل إلا في أغلى الفنادق العالمية، متحملاً نفقات أجنحة الملوك والأمراء، أما في القاهرة فكان يعيش في شقته بحي الزمالك، متقمصًا شخصية «دنجوان» عصره، لما عرف عنه من المغامرات العاطفية. سجل «التابعي» مغامراته العاطفية، مع حسناوات وأجنبيات في رحلاته للخارج، كما كتب حكايته مع أسمهان وأخريات، كما ترك بعد وفاته خطابات خاصة تكشف قصص الغرام المجهولة في حياته، ومن بين تلك الخطابات، أربع خطابات كانوا بينه وبين كوكب الشرق، أم كلثوم، والتى عثرت عليها زوجته، هدى التابعي، بعد فترة من رحيله، وفقًا لكتاب «في بلاط صاحبة الجلالة»، للكاتب، محمود صلاح. في أحد الأيام، وفيما كانت تقلب في متعلقاته وجدت السيدة، هدى التابعي، مظروفا صغيرا بداخله منديل صغير، وقصاصة من الشعر وعدد مختلف من صور أم كلثوم لم تنشر قط، وقد كتب عليها كلمة واحدة فقط، «أم كلثوم»، وذلك بجانب ظهور خط أم كلثوم على غلاف أحد الجوابات، المعنون بـ«عزيزي.. محمد التابعي». جاء في الخطاب الأول، التالي: «صباح الثلاثاء، 9 يونيو، سنة 1936، ميلانو.. لست أطمع في أن يبعث مرأى هذا الخطاب الدم إلى خديك، أو يزيد من سرعة دقات قلبك، أو أن يعقد لسانك لحظة أو لحظتين، أو أن تقرأيه وراء أبواب مغلقة وأنت غارقة في بحر الذكريات». وأضاف: «لكنى أطمع فقط، وليس هذا بالشئ الكثير، أطمع في أن تصدقي كل حرف سوف أخطه، وإن كنت لا أدرى ماذا أقول، ففي نفسي ورأسي ألف معنى ومعنى، كلها تزحم وكلها تطلب النور، ولكنى أخشى أن يصيبها ما يصيب الجمهور، حين يزدحم أمام باب الدخول، أى أنها تدوس بعضها بعضًا، ويمزق بعضها بعضًا، ثم ترتد خائبة منهكة عن باب الدخول». وأكمل: «اليوم الثلاثاء، هل تذكرين ما قلت لك في يوم الثلاثاء الماضي، وأين كنا وكيف كنا؟، كان البحر هائجًا مضطربًا طول الطريق، كنت أفكر أين أنت الآن وترى ماذا تفعلين، وهل أنت تفكرين فيَ كما أفكر فيك؟». مضيفًا «وليلة الخميس والناس معى سكارى دائخين من غير خمر، اعتليت مقعدًا عاليًا في بار السفينة، وشربت نخبك كأسًا صامتًا، وكانت الساعة العاشرة، فلما أفرغتها وكان هياج البحر على أشده، أسرعت إلى غرفتي وأويت أفكر فيك وأنا مغلق العينين». كانت تلكَ الرسالة الأولى التى وجدتها زوجة «التابعي»، والتى أعقبها رسالة أخرى، بعد مرور أسبوع تقريبًا، في صباح الخميس 18 يونيو 1936، تقول: «في ذمتي لك كلمة يوجب أداءها عهدى لك بأن أكون دائمًا صريحًا معك، لقد اكتمل اليوم أسبوعان منذ سمعت صوتك آخر مرة، أسبوعان كنت دائمًا فيهما في خاطري». لم تنتهِ رسائل «التابعي» عند تلك المرحلة، بل أكمل رسائله التى يعبر فيها بأسلوب أدبي، عن حبه وامتنانه لأم كلثوم «أنا لم أتورط معك، وأننى كل كلمة قلتهالك، كانت من كل قلبي وكل عاطفة أو خلجة كانت صادقة خالصة لا أثر فيها لإحراج أو تورسط.. أرجو منك أن تؤمنى معى بأننى لا أريد ولا أقصد». أما الخطابات التى جاءت من أم كلثوم، كانت تقول: «أشكرك على برقيتك، ثم أشكرك أكثر على رسالتك، وإنى سعيدة بأن أسمع أنك بأحسن حال، ومقالتك الأسبوعية الممتعة في أخبار اليوم وآخر ساعة، تحمل لى كل أسبوع خير الأنباء عنك، تقبل خالص تحياتى وشكرى.. أم كلثوم». ظلت أم كلثوم بعدها لسنوات نجمة المدعوين في السهرات التى كان يدعو إليها نخبة الناس في بيته في الزمالك، ومع الوقت تحولت العلاقة إلى صداقة عائلية، بعد زواجه من السيدة هدى التابعي، وبعد زواجه بشهرين، أقام وليمة عشاء لأم كلثوم التى حضرت مع زوجها، الدكتور حسن الحفناوى، وفيما بعد، أصبحت هدى التابعي من صديقات أم كلثوم المقربات. وتقول السيدة هدى التابعي إنه عند وفاة أم كلثوم، كان «التابعي» في حالة مرض شديدة، فكانت تبعد عنه الجرائد التى تحمل الخبر الحزين، ولكنها اضطرت في النهاية، وبعد تكرار سؤاله أن تحمل له جريدة «أخبار اليوم»، وعندما قرأ الخبر، سقطت الجريدة من يده وانخرط في البكاء، وكانت تلك المرة الأولى والأخيرة التى تشاهد فيها زوجها يبكي.

مشاركة :