قال الرئيس الصيني الراحل (ماوتسي تونغ) للرئيس الفرنسي الراحل كذلك (جورج بومبيدو): «لقد ظن» سلفك (ديغول) أن «الصين متكبرة»، وهذا غير صحيح، فنحن لسنا متكبرين، إذ لا نود فرض آرائنا على أحد، ولا نحاول تصدير ثورتنا، إننا متواضعون جدا. وبعد أن عاد (بومبيدو) إلى باريس، وفي أول اجتماع لمجلس الوزراء، ذكر لهم ذلك، وأعقبها قائلا: ربما كان ذلك صحيحا، ولكن (800) مليون شخص متواضعين لا شك أنهم يشكلون كبرياء خارقة ــ انتهى. أجل وش يقول بومبيدو لو أنه ما زال عائشا إلى الآن، وقد أصبح عدد سكان الصين في حدود (1300) مليون شخص، ويشاهد قفزتها العلمية والإنشائية والحضارية المذهلة، إلى درجة أن اقتصادها أصبح من أفضل ثلاثة اقتصادات في العالم، وهو في طريقه إلى أن يكون الأول؟! العالم (يا بوحميد) يسير كالقافلة، وما زالت بعض الدول (تنبح)، إنما العالم العربي (اسم الله عليه)، فهو (لا ينبح ولا يرمح ولا ينطح ولا يقول: امبّع). *** حصل لي موقف لا يمكن أن أنساه، عندما كنت قبل سنوات في ضيافة أحدهم في مزرعته بالقصيم، وكان الوقت عصرا والحصادة تحصد، والرجل (الشايب) في قمة حماسته للإشراف على ذلك، وإذا بأحدهم يصيح به قائلا: يا (ابو فلان) أنت واللي معاك الحقوا الصلاة بالمسجد، اتبعوني، ففوجئت بصاحب المزرعة يرفض الاستجابة لدعوته، قائلا له بدون مجاملة: إنه أفضل لي أن أصلي هنا وأنا أفكر بالمسجد، من أن أصلي في المسجد وأنا أفكر بالحصاد، توكل على الله. توقف الرجل برهة، ثم استدار ذاهبا، وسمعته يردد قائلا: تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش. فكان لكلام الرجل وقع في نفسي، وما إن نهضت لكي أتبعه، حتى جذبني (الشايب) من كمي، قائلا لي: اجلس (ارجهن)، خلينا نصلي جماعة هنا، فامتثلت لأمره، وأمنا هو بالصلاة، أنا وعامل الحصادة وابنه الصغير من خلفه. *** من ذكرياتي التي أشك أنها سوف تنتهي إلا على مشارف القبر، أنني كنت يوما في حضرة شخص بخيل أعطاه الله من سعة الرزق ما أعطاه، وعندما دخلت عليه في مكتبه وجدت أنه يقلب بين يديه بدلا من الأوراق مجموعة من الحلي النسائية، وهي عبارة عن عقود من اللآلئ، وعرفت منه أنه سوف يهديها إلى زوجته بمناسبة (اليوبيل الفضي) لزواجهما ــ حسب تعبيره، وبما أعرفه عن زوجته المثابرة طوال تلك السنوات العجاف، وجدت أنها تستحق فعلا أكثر من ذلك، فتطوعت قائلا له: لماذا لا تهدي (لأم فلان) سيارة جديدة أحسن، وقد فتح الله عليك، بدلا من سيارتها القديمة (المدردعة)؟! وتفاجأت به يبتسم بوجهي ابتسامة ثعالبية وهو يقول لي بكل ثقة: هل سمعت يوما في حياتك يا غبي أن هناك سيارة زائفة؟!.
مشاركة :