ترسيخ المفهوم الصحيح للجهاد وحادثة الخبر في ذاكرة الجيل

  • 3/26/2013
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

في صباح يوم عمل عادي من شهر مايو 2004 هاجمت عصابة مسلحة موظفي الشركات النفطية التي تساهم في التنمية الاقتصادية التي يتمتع بها كل مواطن ومقيم بهذه البلاد، إضافة لقتل وجرح أبرياء في أحد المجمعات السكنية بالخبر، ونجحت قوات الأمن في إنهاء عملية الحصار، وطاردت العناصر الهاربة من الموقع باستخدام الطائرات المروحية واستخدام كافة التقنيات التي ساهمت في الوصول وقتل كافة عناصر العصابة المسلحة المشاركة في هذه الجريمة وجرائم أخرى في إحدى الاستراحات بالرياض، لتنهي الأجهزة الأمنية بذلك ملف إحدى العصابات المسلحة التي شكلت خطرا على أرواح الأبرياء ومقدرات الدولة، وينتهي الكابوس سريعا باستيقاظ مدينة الخبر الحالمة ذات الرمزية الخاصة في الذاكرة السعودية، لتعود الحياة إلى طبيعتها ولتكون هذه الأصوات إعلانا على انتصار صناع الحياة. برنامج (همومنا) استعرض في حلقته الرابعة حادثة الخبر هذه، وآثارها الاجتماعية والنفسية مع ضيوف الحلقة الدكتور إبراهيم محمد الزبن أستاذ علم اجتماع الجريمة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والدكتور خالد الشايع الأمين العام المساعد للهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته، ومحمد جعفر آل مطر والطفل أسامة (8 أعوام) كشاهدي عيان. • مقدم البرنامج فهد الفهيد: كيف ترى الآثار النفسية والاجتماعية لمن تعرضوا للضرر في مثل هذه الحوادث؟ ــ الدكتور إبراهيم محمد الزبن: عندما نأخذ هذه الحادثة على المستوى المجتمعي ومهما كان لدى المجتمع قدرة على الحفظ (حفظ المواقف والأحداث المؤثرة الكبيرة) كما نسميها نحن في علم الجريمة، تصبح جزءا من تركيبة المجتمع، حتى أنه عندما يؤرخ لهذه الأحداث تكون بالنسبة له ذكرى مؤلمة، ويتحدث عنها بصورة نسميها «تراجديا» أو حزينة: كيف أصبحت هذه المواقف وكيف صارت لكن المشكلة أن الجيل الجديد لا يدرك هذه الأحداث. ـــ الدكتور خالد الشايع: هذه الحادثة وغيرها كثير ممن ينبغي استعراضه، وأحسب هذه السلسلة تكميل لعدة برامج موجودة في المجتمع، وأحسب أن الطرح الإعلامي يريد من خلال هذه الحلقات أن يشرك المجتمع في تصور أبعاد هذا الاتجاه لأن الإرهاب لم ينته بحال، ولا بد من السعي لتجفيف منابعه قدر المستطاع، وتبقى القضية في مفهوم هؤلاء جهادا، ولكن هل هو جهاد حسب ما دعا إليه القرآن والسنة أم أنه خلاف ذلك؟ ووفقا للكتاب والسنة محال أن يتفق هذا العمل مع هدي محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال في شأن المستأمنين: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة». * مقدم البرنامج: من هم المستأمنون؟ ـــ الدكتور خالد الشايع: المستأمن من هو دخل إلى بلاد الإسلام بعهد وأمان وذمة، وتكفل الدولة الإسلامية حمايته وأمنه ورعايته، وهذه الأمور مرتبطة بولي أمر المسلمين وليس بالأفراد، وعليه يكون جهاد هؤلاء جهادا بين الحرمين، جهاد بلا راية، جهاد بلا إذن من إمام الأمة، كل هذا يوضح أن خارطة الطريق وخطة العمل والفكر الذي انطلق منه هؤلاء مصادم لكتاب الله تعالى ولسنة نبيه عليه الصلاة والسلام. • مقدم البرنامج: دائما ما نسمع «اخرجوا المشركين من جزيرة العرب» .. كيف نستطيع أن نفسرها؟ ــ الدكتور خالد الشايع: الإشكالية في هذا أن بعض الناس قد يسمع النص من القرآن الكريم أو السنة النبوية ولا يفقه دلالاته، العرب وما يزال علماء الإسلام يوضحون ويشرحون هذا النص بلا مداهنة لأحد ولا تنازل أو تلاعب بالمصطلحات الشرعية فالذي قال «اخرجوا المشركين من جزيرة العرب» هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخذ وأعطى مع المشركين وصار هناك تعامل معهم، ثم إن لهذا الإخراج دلالته، فالمقصود منه: هل هو قضية الإقامة الدائمة التي يسمح بها لغير المسلم أم أنه إنسان قد جاء بعقد وذمة وما إلى ذلك ما تحتاجه بلاد المسلمين، فأيا كان الأمر يمكن أن نرجع هذه القضية إلى أن هناك فهما خاطئا وفكرا منحرفا أدى إلى هذه النتائج للأسف الشديد. • مقدم البرنامج: كيف استطاع هؤلاء تبني الفكر الضال؟ ** الدكتور إبراهيم محمد الزبن: الفرص يمتلكها الفرد داخل محيط أسرة، داخل محيط حي، داخل محيط مدرسة، داخل محيط جامعة، هذه المؤسسات سواء كانت مؤسسات أولية نسميها الأسرة وتجمعها القرابة، أو المؤسسات الثانوية كالجامعة والحي والمسجد، أين كانت عندما بني هذا الفكر؟ • مقدم البرنامج: جيد، ما هو تعليقك دكتور خالد؟ ــ الدكتور خالد الشايع: ربما نحتاج أن نوجه الحديث في بعض النقاط كقضية مساهمة الأسرة والمدرسة في تنمية هذا الفكر، ربما الغفلة من البعض نوع من المساهمة لكن المؤكد من خلال ما شاهدناه أن الأسر ومؤسسات المجتمع قد عانوا معاناة تامة سواء كانت تعليمية أو إعلامية أو أمنية من هذا الاتجاه الذي فيه تشويه لمفهوم الجهاد وحصره في اتجاه خاطئ، ومما لا شك فيه أن الشريعة تقرر كما في نصوص العلماء المستنبطة من الكتاب والسنة، أن الجهاد ماض إلى يوم القيامة، ويقرر العلماء أن الجهاد -كما في العقيدة الصحيحة التي كتبها علماؤنا سواء متقدمين أو متأخرين- ماض إلى يوم القيامة مع كل إمام برا كان أم فاجرا، وهذا يوضح أن ثمة ضوابط ذكرها العلماء في الاتجاه إلى الجهاد، هذه الضوابط تتواءم مع التحولات المجتمعية للناس، ولذلك ربما أنه كان على حين غفلة أن هؤلاء الذين أخذوا هذه المفاهيم الخاطئة أرادوا أن يطبقوها بين ظهرانينا، والإشكالية هي في الذين يحملون هذا التوجه وهذا الفكر في المملكة التي تحتضن الحرمين الشريفين ويشرف قادتها وأهلها بخدمة الحرمين الشريفين، وينص النظام الأساسي في دستورها على أنها دولة عربية إسلامية دستورها القرآن والسنة، وهي الدولة التي ينص دستورها أن على أي نظام وأي تشريع يخالف الكتاب والسنة هو مردود، ولعل المملكة العربية السعودية الدولة الوحيدة التي نشاهد تعليم القرآن الكريم في جميع مراحل التعليم شيء أساسي، نحن ندرس عقيدة أهل السنة والجماعة، والإشكالية أن هناك من يريد أن يتجاوز هذه القضية ويتهم العلماء، وهناك من يحرص على هدم القيم والمراجع الإسلامية الصحيحة من أجل أن يقفزوا إلى أفكارهم التي يريدون، على سبيل المثال كبار العلماء في المملكة العربية السعودية واضح ما يقررونه من العقيدة الصحيحة في هذا الباب، ولم يستطع هؤلاء تجاوزهم إلا بالطعن فيهم.

مشاركة :