ثمن المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب مشروع القانون المتعلق باستقلالية وتنظيم النيابة العامة، وذلك في رأي أصدره بخصوص هذا القانون، بناء على طلب من رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان).واعتبر المجلس أن «مشروع هذا القانون من متطلبات خيار استقلالية النيابة العامة عن السلطة الحكومية المكلفة العدل، ويعزز استقلال القضاء ككل، انسجاماً مع روح دستور أول يوليو (تموز) ومتنه»، مشيراً إلى كون مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة جاء متلائماً بشكل عام مع المعايير الأوروبية في هذا المجال، غير أنه أبدى بعض التوصيات والملاحظات حول بعض المقتضيات، التي تضمنها مشروع القانون الذي قدمته الحكومة وتجري مناقشته حالياً بالبرلمان.ومن أبرز ملاحظات المجلس على مشروع القانون كونه مقتضباً وغير مبوب، الشيء الذي اعتبر المجلس أنه «يدعو إلى التساؤل عن مدى تغطية هذا المشروع لجميع الجوانب المتعلقة باستقلال النيابة العامة عن وزارة العدل، ونقل الاختصاصات من الثانية إلى الأولى، وتنظيم النيابة العامة بما يستجيب لمستلزمات هذه الاستقلالية، دون إخلال بشروط الفاعلية والموضوعية والحكامة الجيدة وقواعد الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة».وأوصى المجلس بتحديد طبيعة استقلال النيابة العامة ونطاقه ومداه، وبتضمين بعض القواعد العامة المرتبطة بدور النيابة العامة من قبيل مبادئ الموضوعية والإنصاف والشفافية المرتبطة بدور النيابة العامة، والتزام السهر على توفير الحماية التي يضمنها الدستور والقوانين ذات الصلة للمشتبه فيهم والشهود والضحايا، وإخضاع كل توجيه ذي طابع عام صادر عن رئاسة النيابة العامة لشرط الكتابية وللنشر وفق إجراءات محددة، وربط الأمر بإجراء المتابعة في قضية خاصة بضمانات الشفافية والإنصاف.وبخصوص البنود المتعلقة بالاختصاصات الإدارية والمالية لرئيس النيابة العامة، أشار المجلس إلى ضرورة «توضيح آليات المراقبة القانونية لعمل الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بوصفه رئيساً للنيابة العامة، متمتعاً بصلاحية الأمر بصرف الاعتمادات». كما دعا المجلس إلى تدقيق المجالات والاختصاصات، التي يحل فيها الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بوصفه رئيساً للنيابة العامة طبقاً لمشروع القانون محل وزير العدل.وفيما يتعلق بتنصيص المشروع على نقل ملكية الأرشيف والوثائق المتعلقة باختصاصات النيابة العامة، الموجودة لدى السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، إلى رئاسة النيابة العامة، أشار المجلس إلى أن «النص لا يتحدث عن نقل الأرشيف، بل عن نقل ملكية الأرشيف، مما يقتضي من وجهة نظر المجلس تدقيق النقطتين المتعلقتين بالنقل الفيزيائي للأرشيف من جهة، ونقل ملكيته إلى رئاسة النيابة العامة من جهة ثانية».ولاحظ المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن مشروع القانون متلائم على العموم مع الآراء الصادرة في هذا المجال عن المجلس الاستشاري لقضاة النيابة العامة الأوروبيين، التابع لمجلس أوروبا، وعلى الخصوص منها الرأي الصادر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 تحت عنوان «جودة وفاعلية قضاة النيابة العامة بما في ذلك مجال محاربة الإرهاب والجريمة الخطيرة والمنظمة»، الذي أكد في إحدى فقراته «أهمية توفير إطار تنظيمي وتقني وموارد مالية وبشرية كافية لضمان جودة وفاعلية عمل النيابة العامة»، وأوصى الدول الأعضاء بمجلس أوروبا بالوصول إلى مستوى فاعلية متقدم لعمل النيابة العامة، وذلك بتخويلها نوعاً من الاستقلالية على مستوى الميزانية، وكذا على مستوى المجالات المتعلقة بالتدبير. إضافة إلى الرأي الصادر في ديسمبر (كانون الأول) 2014 تحت عنوان «المعايير والمبادئ الأوروبية المتعلقة بقضاة النيابة العامة»، الذي نص على أنه يتعين تخويل النيابة القدرة على تقييم حاجاتها، والتفاوض حول ميزانيتها، والتقرير في استعمال الموارد المخولة لها بطريقة شفافة لتحقيق الأهداف التي حددتها في إطار من الجودة.
مشاركة :