جهاز أمن الدولة .. أمن للوطن والمواطن

  • 7/30/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تظل الدولة الفتية في أمس الحاجة إلى اتخاذ خطوات مستمرة لتقوية أعمدة نظام الحكم حتى تسد كل الثغرات وتقف شامخة أمام كل التحديات المحلية والخارجية. وفي الأسبوع الماضي صدرت مجموعة من الأوامر الملكية المهمة التي تستهدف الاستمرار في إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، وهو المشروع الذي بدأه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز منذ أن تسلم زمام حكم المملكة العربية السعودية بعد رحيل شقيقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الرفيق الأعلى. ورغم أهمية كل الأوامر الملكية التي صدرت في الأسبوع الماضي إلا أن الأمر الملكي الذي صدر بإنشاء جهاز أمن الدولة يحتل أهمية بالغة، لأن هدف هذا الجهاز هو تكريس أمن الوطن والمواطن من خلال تطوير القطاعات الأمنية في الدولة الذي أصبح ذا أهمية بالغة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة في هذه الأيام. ولقد نص الأمر الملكي رقم أ/293 وتاريخ 26 شوال 1438هـ على تعديل الهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية وفصل كل من المديرية العامة للمباحث، وقوات الأمن الخاصة، وقوات الطوارئ الخاصة، وطيران الأمن، والإدارة العامة للشؤون الفنية، ومركز المعلومات الوطني، ومكافحة الإرهاب لتضم هذه الإدارات الرقمية المهمة إلى رئاسة أمن الدولة، بما يحقق فصل قطاع الشؤون الأمنية الخاص بأمن الدولة ليكون جهازا مستقلا يتصل مباشرة برئيس مجلس الوزراء. كذلك نص الأمر الملكي المشار إليه أعلاه على أن الهدف من استقلال جهاز أمن الدولة هو الاستمرار في تطوير منظومة القطاعات الأمنية في المملكة وفق أحدث التنظيمات الإدارية والفنية لتكون على أعلى درجات الجاهزية والاستعداد لمواكبة التطورات وتحقيق أمن الوطن والمواطن. بمعنى أن الهدف من إنشاء جهاز أمن الدولة مستقلا عن وزارة الداخلية هو توحيد جهود الدولة لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه ووسائل تمويله، ودعم قنوات الاستخبارات لتعلية قدراتها على التحرك السريع لمواجهة الحالات الطارئة، خصوصا أن مفهوم جهاز أمن الدولة في الدول المتقدمة يتشكل من هذه المؤسسات ويقدم أعلى مستوى في الجاهزية والأداء ويوفر للدولة وللمجتمع مستوى أمني ينعم به المجتمع وتنعم به الدولة. وفي ضوء ذلك فإن تشكيل رئاسة أمن الدولة يأتي استكمالا للمنظومة الأمنية التي بدأ تشكيلها مع تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سدة السلطة في البلاد، التي بدأت بتشكيل مجلس الشؤون السياسية والأمنية برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ونلاحظ أن المتمعن في المنظومة الأمنية لحكومة ملك الحزم والعزم سيجد أن رئاسة أمن الدولة تضم قطاعات تحارب الأعمال الإرهابية على الأرض، وكذلك تعمل على تجفيف منابع تمويل المؤسسات الإرهابية، وأخرى تقدم معلومات جوهرية وتقدم الدعم اللوجستي لمحاربة الإرهاب بكل وسائله وطرقه الملتوية، أي أن رئاسة أمن الدولة تتمتع بـ"هارموني" من القاعدة حتى القمة، وأن الإدارات الفرعية يكمل بعضها بعضا حتى تصبح جهازا يتفاعل ويتكامل في منظومة تضمن أمن البلاد والعباد. وأهم ما تتميز به رئاسة أمن الدولة هو أنها تستهدف دمج أهم قطاعين إلكترونيين وهما مركز المعلومات الوطني والإدارة العامة للشؤون الفنية، وستكون هاتان الإدارتان هما الذراع الإلكترونية الطولى لخدمة المنظومة الأمنية لحكومة المملكة. ولعل أهم ما تستهدفه هذه الذراع الإلكترونية الجبارة هو دعم وسائل محاربة الإرهاب، وعلى سبيل المثال فإن مركز المعلومات الوطني سيركز كل طاقاته وخبرته لدعم المباحث وقوات الطوارىء بخاصة وقوات الأمن الخاصة التي ستقوم بمهمة إجهاض منابع ومصادر الإرهاب بكل أشكاله وألوانه. وفي ضوء هذه التطورات الإلكترونية المهمة فإن المملكة تتجه كي تكون مرجعا دوليا في محاربة الإرهاب، ولاسيما أن المملكة نجحت في التنصت على قوات داعش الإلكترونية وأعطت للولايات المتحدة والعراق كما هائلا من المعلومات التي مكنت القوات العسكرية العراقية من الفوز بالحرب ضد داعش في مدة زمنية أقل مما كان متوقعا. ولاشك أن جهاز أمن الدولة سيكون على درجة عالية من الحساسية، كما أنه سيكون محل احترام وتقدير المجتمع السعودي الذي يتمنى أن يتمتع جهاز أمن الدولة بالكفاءة والقدرة على رد المخاطر التي بدأت تتزايد في السنوات القليلة الماضية وأصبحت تتهدد أمن وسلامة البلاد والعباد. وإذا استعرضنا حدودنا الجنوبية المتاخمة لليمن نلاحظ حجم المخاطر التي تتهدد ربعنا وأهلنا في الجنوب، كذلك فإن المد الإيراني الغاشم يشكل تهديدا خطيرا لكل حدودنا مع سورية والعراق ... هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن تفريغ وزارة الداخلية من مجموعة من المؤسسات المعقدة التي تمثل جهاز أمن الدولة سيخفف الحمل عن وزارة الداخلية ويجعلها تتفرغ للوظائف التي تضطلع بها وأهمها تقديم أفضل الخدمات للمعتمرين وحجاج بيت الله الحرام، والارتقاء بكثير من الخدمات التي تقوم بها لمواطني المملكة والمقيمين مثل التسهيلات المتعلقة بالجوازات، والتأشيرات، والأحوال المدنية، والمرور، والأمن الاجتماعي، والأمن الصناعي، والأمن العام، وحرس الحدود. إن منظومة الأمن في مملكة الحزم والعزم تبدو ــ مع تشكيل جهاز أمن الدولة ــ كأنها قد اكتملت، وستنطلق كي تقوم بواجبيها المحلي والدولي ــ بإذن الله ــ على أكمل وجه.author: د. أمين ساعاتي

مشاركة :