في صبيحة يومٍ هادئ أخذت الفنانة «نجاة» تتصفح الجرائد، لتعرف الأخبار كإحدى عاداتها لمتابعة ما ينشر عنها أيضاً، وكان من ضمن ما تتصفحه جريدة «أخبار اليوم» وإذ بها تجد مقالا للكاتب الصحفي الكبير مصطفى أمين بعنوان «من قتل كامل الشناوى» وبحكم صداقتها للشناوى، وغنائها له أحد أفضل قصائدها «لا تكذبي» اهتمت كثيراً بقراءة المقال لكنها لم تكن تعرف أنها ستصدم بسبب ما جاء فيه. على الفور اتصلت نجاة بمحاميها الخاص فتحي رجب، تخبره بعصبية شديدة استيائها وتطالبه برفع دعوى قضائية ضد مصطفى أمين، وأخذت تقرأ له ما كتبه عنها بغضب وضيق، مؤكدةً أنها لن تتراجع حتى تعاقبه بالحبس وغرامة كبيرة على ما كتبه في حقها وتشوية صورتها والربط بينها وبين موت كامل الشناوي. وينقل «المصري لايت» ما جاء في مقال الكاتب الصحفي مصطفى أمين: «برغم بدانته إلا انه كان سريع التنقل، وخصوصا في حبه وهواه، قلبه مثل برامج السينما التي تتغير كل أسبوع أو كل رواية تعرض علي شاشة قلبه هي (تحفة الموسم) وهي (آخر صيحة) وهي (أقوي ما عرض حتي الآن) فإذا انتهى عرض الفيلم ارتدى نفس الثوب وتحلي بنفس الأوسمة والنياشين». ويتابع: «في الفترة التي يحب فيها كامل الشناوي يصف المحبوبة بكل الأوصاف الحلوة والنعوت الجديدة، وهكذا ترى أن قلب كامل الشناوي مثل جمهوريات أمريكا الجنوبية، مليئة بالانقلابات والثورات والتغييرات والتبديلات.. كان ذوقه في الحب غريبًا، لا يختار إلا ملكات الجمال، كان ضخم الجثة ويصر أن تكون محبوبته دقيقة صغيرة تكون معه رقم (50) فيكون هو الخمسة المستديرة وتكون هي الصفر الذي علي اليمين». ويضيف أمين: « كان مخلصًا أمينًا في حبه ولا يقع إلا في هوي الغانيات المتقلبات الحائرات الغادرات الخائنات، كانت الفتاة التي تقف وحدها لا تستهويه ولا تلفت نظره وإنما الذي يجذبه هو الزحام، فهو يحب المرأة التي حولها زحام شديد، فيحاول أن يشق طريقه إليها، ويدفعه من أمامه، ويوقفه من بجواره، ويلطمه من خلفه، إلي أن يصل المرأة التي اختارها منهوك القوي.. عشت معه الحب الذي أضناه وقتله في آخر الأمر، فقد أعطى لهذه المرأة كل شئ ولم تعطه شيئاً، وقد كتب قصيدة (لا تكذبي) في غرفة مكتبي بشقتي في الزمالك وهي قصيدة حقيقية ليس فيها مبالغة أو خيال حتى أن الموسيقار عبد الوهاب سماها (إني ضبطتكما معاً)، وكان كامل الشناوي ينظمها وهو يبكي، وبعد أن نظمها قال إنه يريد أن يقرأ القصيدة على المطربة بالتلييفون». يواصل مصطفي أمين شهادته: «كان تليفوني بسماعتين، أمسك هو سماعة وأمسكت أنا وأحمد رجب سماعة في غرفة أخرى، وتصورنا أن المطربة ما تكاد تسمع القصيدة حتى تشهق وتبكي وتنتحب ويغمي عليها وتستغفر وتعلن توبتها.. وبدأ كامل يلقي القصيدة بصوت منتحب خافت، تتخلله العبرات والتنهدات والآهات وكانت المطربة صامتة، وبعد أن انتهى كامل من إلقاء القصيدة قالت المطربة: كويسة قوي تنفع أغنيها.. لازم أغنيها، وانتهت المحادثة ورأينا كامل الشناوي أمامنا كأنه جثة بلا حراك». ويكمل مصطفي أمين سرد شهادته: «كانت تجد متعة في العبث به، يوما تبتسم ويوما تعبس، ساعة تقبل عليه وساعة تهرب منه، تطلبه في التليفون في الصباح ثم تنكر نفسها في المساء، واستمرت لعنة الحب الفاشل تطارده وتعذبه، ومات الشناوي ومضت السنون وقابلت المطربة التي كان يعشقها وقلت لها: إنني كرهتها طول حياتي منذ قصيدة (لا تكذبي)». كلمات نجاة التي قالتها للمحامي كانت صادمة حتى بالنسبة له فعلى الفور قرر اتخاذ الإجراءات الرسمية برفع دعوى قضائية ضد مصطفى أمين، يطالب فيها تطبيق قانون العقوبات ويتهمه بسب وقذف «نجاة» بما يستحق عقابه بالحبس 3 سنوات وغرامة تصل إلى نصف مليون جنيه. مع مرور الوقت وتدخل البعض، دفعه ذلك نجاة للموافقة على التنازل شرط أن يعتذر لها مصطفى أمين، والذي أصر بدوره على عدم الاعتذار وأنه لم يفعل شئ ومتمسك بكل ما قيل في المقال بل وفشلت تدخل الكاتب الصحفي أحمد رجب ومأمون السناوي والموسيقار محمد عبدالوهاب في الصلح بين الطرفين واقناع نجاة بالتصالح وفقاً لما يسرده الكاتب «هاني أبو الخير في كتابه مشاهير وظرفاء القرن العشرين». محاولات الصلح فشلت والقضية استمرت حيث شهدت أروقة محكمة جنح آداب قصر النيل تفاصيل القضية لكن بعد فترة انتهى الجدل بحكم محكمة «رفض الدعوى وإلزام نجاة بالمصاريف وبراءة مصطفي أمين» ولم تنل نجاة من هذه القضية وعنادها غير التشوية وإتهام البعض لها بتقل كامل الشناوي.
مشاركة :