«مؤتمر الشباب الرابع» يمنح المصريين بصيص أمل في النفق المظلم

  • 7/31/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

طالما هدأت خيوط العنكبوت وسكنت جدران صفحات التواصل الاجتماعي، فاعلم أن لقاء الرئيس بالشباب كان ناجحاً. ولو لم يكن ناجحاً بمعايير من اعتادوا الشتم والسب، أو حاد عن توصيل الرسالة المبتغاة من الرئاسة إلى القاعدة العريضة من الشباب لكان الحال العنكبوتي والوضع الاجتماعي في تجمعات الشباب المصري على غير ما هي عليه منذ انتهى المؤتمر الوطني الرابع للشباب قبل أيام. يومان من اللقاءات والحوارات والسجالات والنقاشات بين الرئيس المصري وعدد من الوزراء حاملي الحقائب الحيوية من جهة وبين مجموعة كبيرة من الشباب المصري القادمين من شتى محافظات مصر والمنتمين لفئات وطبقات مختلفة ومناح حياتية متفاوتة. تفاوت الحضور بين أطباء ومهندسين ومحاسبين ومبتكرين ومبدعين وفنانين وطلاب ورياضيين وأصحاب مبادرات ورواد أعمال. كما تفاوت أيضاً بين من ولدوا في عائلات ميسورة وأخرى متوسطة الحال وثالثة محدودة الدخل ويكاد بعضها أن يكون معدوم الدخل. على يمين الرئيس جلست مريم فتح الباب (18 سنة) الأولى على الجمهورية في امتحانات الثانوية العامة والحاصلة على مجموع 99 في المئة، وفي حفل التكريم نزل الرئيس من على خشبة المسرح ليكرم آية طه مسعود إحدى أوائل الثانوية العامة أيضاً ولكن على مستوى مدارس الدمج لذوي الحاجات الخاصة، فيما حازت لقطات الرئيس مع ياسين الزغبي وقفشات الزغبي والتقرير المصور عنه ملايين المشاهدات والإشادات والتعليقات التي لم تعط مجالاً لأية سلبيات أو سخرية. السخرية الوحيدة التي نالت من فعاليات المؤتمر تنبع من صفحات ومواقع وحسابات شباب ما زالوا يرون في الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي رئيساً شرعياً لمصر. أما ما عدا ذلك، بدءاً بالشباب من أصحاب الميول الثورية وغيرهم من المعارضين للنظام الحالي، ومروراً بأولئك من غير المهتمين بما يدور في المؤتمرات واللقاءات الرئاسية مع مجموعات من الشباب المصري، وانتهاء بالشباب غير المهتمين بالشأن العام أصلاً، فقد وجدوا في فعاليات المؤتمر الكثير من مصادر البهجة. «بهجة متابعة ياسين الزغبي ليس بعدها بهجة» «لا أعرف ياسين الزغبي ولا أعرف حكاية المؤتمر الذي التقــي فيـــه بالسيسي لكن ما أعرفه أنني أحببـت ياسين الزغبي» تغريدات وتدوينات وتعليقات كتبها وقالها شباب وشابات تابعوا قصـة إبن الـ18 سنة الذي فقـــد ساقه في حادث ارتطام بمركب بحري أثناء السبــاحة في شرم الشيخ قبل ستة أعوام، ليستعين بساق اصطناعية، ويمارس رياضة ركوب الدراجــات الهوائية في تحد صارخ لإعاقته ثم يقرر أن يشارك في سباقات طويلة، ويجول محافظات مصر جامعاً شكاوى المصريين ليقدمها للرئيس المصري في افتتاح المؤتمر بعدما دخل القاعة على دراجته. دراجة الزغبي وكرسي آية المصابة بضمور العضلات ومقعد مريم ابنة الحارس ومضرب نور الشــربيني بطلة مصر في السكواش ومشروع المتحف الذكي للطالب بيتر إبراهيم الذي نال عليه الجائـزة الأولى في مسابقة شــركة «إنتل العالمية للعلوم والهندسة» وغيرها من المشاهد الحقيقية بالغة الإيجابية ضمنت قبولاً شعبياً هائلاً للمؤتمر في الشارع المضغوط اقتصادياً والمنهك نفسياً. «نفسيني تحسنت بعض الشيء بعد مشاهدة مشاهد من المؤتمر في التلفزيون. صحيح هذا التحسن لن يرفع من مستوى المعيشة أو يحسن من دخلي أو يضمن لي وظيفة تناسب مؤهلي، لكنها نسمة هواء في العتمة التي نعيشها». نسمة الهواء التي رفعت الحالة النفسية لسائق الأجرة الشاب خريج كلية التجارة حسن عبد المنعم (25 سنة) لن تدوم طويلاً أو تغير من حياته كثيراً، لكنها على حد قوله «ضوء يعطي بعضاً من أمل مفقود في أن يكون هناك من يستمع للشباب بجد حتى إن كان يوجه انتقادات أو يشكو من أوضاع سلبية». سلبية محاولة سيطرة الدولة على الإعلام بدعوى الحفاظ على تماسك الدولة إحدى السلبيات التي استمع إليها الرئيس والوزراء والمسؤولون في المؤتمر. الإعلامية المصرية الشابة نهى النحاس كانت أبرز المتحدثين في جلسة أثارت الجدل بدءاً بالعنوان «صناعة الدولة الفاشلة وآليات المواجهة» مروراً بملامح بعض المسؤولين التي تحجرت وعبست وانتهاء بما قالته النحاس. فقد رأت أن محاولات الدولة السيطرة على الإعلام بحجة حماية التماسك المجتمعي لن تؤدي إلا إلى نتائج عكسية تماماً. وقالت أن ذلك من شأنه أن يُفقد ثقة المجتمع في المنظومة الإعلامية الرسمية، ويجعلها مستباحة أمام الأذرع الإعلامية المغرضة سواء تلك القادمة من الخارج أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي لا يمكن أن تخضع للسيطرة. وأشارت النحاس إلى أن «الدولة الفاشلة» تسبقها في التسلسل الزمني «الدولة الهشة»، وهي تلك التي تعقب الصراعات مثلما حدث في مصر بعد ثورة يناير، مشيرة إلى أن دعم الدولة للإعلام الحر يجهض حدوث الدولة الفاشلة ويقيها شر الإرهاب. شرا الإرهاب والزيادة السكانية وقفا على قدم المســـاواة في أحاديث المؤتمر ونقاشاته. فكلاهما قادر على عرقلة أية تنمــــية. قاـــل الرئيس للشباب إن كليهــــما يقلل فــــرص مصر في التقدم إلى الأمام داعياً كل أب إلى التروي والتفكر قبل اتخاذ قرار كثرة الإنجاب متسائلاً: «يا ترى قدراتك المالية تتيح لك إنك تنفق عليهم إنفاقاً مناسباً أم لا»؟ أما الإرهاب فيستنزف قدرات مصر المالية والبشرية ومواجهته– كما جاء في مداخلات عدة في فعاليات المؤتمر- عسكرية وكذلك ثقافية وتعليمية واجتماعية. وعلى رغم أن كثيرين سألوا وعلقوا على مسألة الإرهاب الذي تتعرض له مصر، إلا أن ما طرحته الشابة أسماء ناصر بركات من محافظة البحيرة قوبل بتصفيق حاد وإشادة من الرئيس مع وعد بالتنفيذ. بركات التي صعدت على المنصة للتحدث عن رؤيتها لسبل مكافحة الإرهاب شعرت برهبة شديدة فعاودت النزول، ثم صعدت مجدداً لتقول أنه يجب تطوير منظومة التعليم لتعريف الطفل بمعنى الوطن وقيمته، مؤكدة أن الجيش يحمي الحدود والشعب يحمي الداخل عبر رفض ثقافة الخوف والإحباط والتمسك بقيمة الأمل والعمل. كما طالبت الأزهر الشريف بمزيد من العمل لمواجهة الأفكار المغلوطة التي تسيء للإسلام وهو ما من شأنه أن يحد من عمليات الإرهاب التي ترتكب باسم الدين. ومن الدين والأفكار المغلوطة، إلى الطاقة والاقتصاد والاستثمار، ومنها إلى مواصفات الدولة الفاشلة، ودور الثقافة في مواجهة الإرهاب وحماية الشباب، ومشكلات المواطنين من شتى أنحاء مصر، خرج المؤتمر حاملاً حفنة من الإيجابيات. فالمعلومات والمكاشفات المطروحة من قبل المسؤولين ألقت الضوء على زوايا كانت مبهمة للمواطنين، والأسئلة والانتقادات التي وجهها الشباب ساهمت في تعريف أولي الأمر بحجم المشكلات وأولوياتها، والنماذج الشبابية المضيئة التي تم تكريمها وعرض قصصها في المؤتمر كانت مصادر بهجة وأمل وتفاؤل لجموع المصريين. أما التوصيات فقد تراوحت بين دعم الدولة لـ «منتدى شباب العالم» الذي دعا إليه شباب مصر ودعوة ملوك ورؤساء الدول الصديقة، والاستعانة بالشباب لوضع استراتيجيات 2030، وزيادة الحيز العمراني لمدينة الإسكندرية بمساحة 13 ألف فدان وتطوير محاورها وطرقها بحد أقصى نهاية العام الحالي، واستكمال بناء الوحدات السكنية في مشروع «بشاير الخير» لتطوير منطقة «غيط العنب» العشوائية في الإسكندرية، وتطوير مدينة رشيد، والانتهاء من مشروعات المناطق الصناعية في البحيرة، وبدء دراءات تنمية غرب مصر، وتكليف المسؤولين بالاستجابة الفورية لشكاوى سكان غرب الدلتا والتي جمعها الشاب ياسين الزغبي، وإنشاء كيان ثقافي شامل في العاصمة الإدارية وآخر في صعيد مصر، والانتهاء من التقسيم الإداري الجديد لمحافظات مصر.

مشاركة :