المرأة والطبيعة والثقافة بقلم: مفيد نجم

  • 8/1/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

على الرغم من تقدم الحضارة المذهل، والمكاسب التي حققتها المرأة في الغرب لم يزل أجر المرأة أقل من أجر الرجل في العمل.العرب مفيد نجم [نُشر في 2017/08/01، العدد: 10709، ص(15)] العلاقة بين المرأة والطبيعة في الشعر العربي القديم والحديث يمكن استجلاؤها من خلال صفات الجمال، التي كان الشعر يتغنى بها. قارئ اليوم يمكن أن يجد غرابة في تلك الصور من الجمال عند الشاعر القديم. تحولات معاني الجمال لجسد الأنثى كانت تتكون في سياقات تاريخية وثقافية مختلفة. عندما كانت علاقات الإنسان مع الطبيعة أكثر قربا وحميمية كانت رمزية الإخصاب وطقوسه في الأساطير وفي الشعر والحياة توحد بينهما. كلاهما كانا رمزين للحياة وتجددها الدائم. تجلت هذه الرمزية في أبعادها الجمالية والأسطوية والدينية في فنون عصر النهضة الأوروبي. هذه العلاقة انعكست على علاقة الرجل بها. الخوف من الطبيعة انتقل إلى الخوف من المرأة. شخصية المرأة الساحرة في الأسطورة والحكايات القديمة هي تمثيل واضح لهذه العلاقة من الخوف. قبل هذا كانت المرأة في حكاية الخلق التوراتية مسؤولة عن مصير البشر البائس بعد طردهم من الفردوس. في هذا السياق تقول الباحثة كاميلي باليا في كتابها “أقنعة جنسية” إن الديانات السماوية مع نقلها لمركز العبادة من الأرض إلى السماء جعلت الأنوثة تتراجع بينما كانت السلطة الذكورية تعزز قيم هيمنتها. على الرغم من ذلك لم تستطع هذه الديانات أن تلغي هذا الحضور الرمزي للمرأة عندما حاولت أن تتكيف مع الثقافة الشعبية السائدة. كثرة عدد القديسات في الديانة المسيحية مثال جلي يدل على عمق حضور هذا البعد الرمزي للمرأة على المستوى الوجودي والروحي للمجتمع. محاولات السيطرة على الطبيعة رافقتها محاولات السيطرة على المرأة وإخضاعها لسلطة الرجل. على الرغم من تقدم الحضارة المذهل، والمكاسب التي حققتها المرأة في الغرب لم يزل أجر المرأة أقل من أجر الرجل في العمل. إنه جزء من استمرار محاولة السيطرة على المرأة وإخضاعها. الشعر المتفلت من سطوة المنطق والمتمرد على الواقع بوصفه ولادة جديدة للغة والصورة والجمال كان الأكثر تمثلا للمعاني الرمزية للمرأة. القاسم المشترك بينهما على هذا المستوى ساهم في ديمومة هذه العلاقة من الإثراء المتبادل. كانت المرأة وما زالت فيه ترمز للأرض والطبيعة والجمال. في قصائد وأناشيد الحب العظيمة عند نيرودا وأراغون وبعض شعراء الحداثة العربية كانت المرأة والطبيعة صنوين. ما من جمال ودهشة وسحر خارج إطار هذه العلاقة في الشعر والحب معا. ربما كان أدونيس هو الاستثناء الوحيد بين هؤلاء الشعراء. ابتذال رمزية جسد المرأة في عصر الاستهلاك دليل آخر على امتهان قيمتها وتسخيره لأغراض مادية بحتة. لقد ترافق ذلك مع تدمير الطبيعة وتراجع وظيفة الإخصاب عند المرأة، وبالتالي غياب الترابط في رمزية العلاقة مع الأرض. كاتب سوريمفيد نجم

مشاركة :