مؤسسات الثقافة المدنية بقلم: مفيد نجم

  • 10/17/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الشيء الخطير في سياسة ثقافية أنها تستلزم وجود مناخ من الحريات العامة، يسمح لمؤسسات المجتمع المدني بالنهوض بدور ثقافي حقيقي.العرب مفيد نجم [نُشر في 2017/10/17، العدد: 10784، ص(15)] هيمنة الدولة على المجال العام السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي أدى إلى تغييب دور مؤسسات المجتمع الديني في هذه المجالات كافة، وفي أحسن الأحوال ألحقه بها وجعل منها واجهة للدعاية والترويج. في المجال الثقافي ثمة جوائز أو أنشطة ثقافية تحدث، ولكنها تتعلق بأسماء أشخاص من أصحاب رأس المال، الذين يختلفون في دوافعهم لرعاية هذه الأنشطة الثقافية. المقارنة بين الأعمال الثقافية التي تقوم بها مؤسسات الثقافة المدنية في الغرب، وغيابها على الضفة الأخرى من عالمنا العربي، تكشف عن أمرين هامين، أولهما خوف النظام الرسمي العربي من الثقافة، وبالتالي حاجته إلى مراقبتها وتوجيهها بما يخدم سياساته، وثانيهما الخوف أيضا من مشاركة المجتمع المدني في إدارة شؤون الثقافة أو غيرها من مجالات الحياة العامة الأخرى. إن تحرير الثقافة من هيمنة السلطة، هو تحرير للعمل الثقافي من التأطير والأدلجة وهيمنة السياسي على الثقافي. كذلك يفسح المجال أمام التعددية الثقافية بصورة تغنى الحياة الثقافية وتفتح أمامها أفاقا رحبة للتجدد والحوار. الشيء الخطير في سياسة ثقافية كهذه، أنها تستلزم وجود مناخ من الحريات العامة، يسمح لمؤسسات المجتمع المدني بالنهوض بدور ثقافي حقيقي، يحرر الثقافة من أحادية التوجه، وإفراغها من وظيفتها في تنمية الحياة الثقافية، وخلق فضاء واسع لثقافة الإبداع. لكن السلطة العربية عملت لأجل منع تحقق مثل هذا الدور إلى إثارة جملة من القضايا التي تبرر من خلالها هذه السياسية، حيث أوكلت لمؤسساتها الثقافية ورموزها في الحياة الثقافية إلى إثارة قضايا خطيرة مثل الغزو الثقافي، الذي اعتبرت أن مثل هذه المؤسسات الثقافية يمكن أن تشكّل حصان طروادة له، طالما أنها تعمل خارج حدود رقابتها. مثل هذا السلوك يقوم على تخوين المجتمع، مقابل تعظيم الدولة بوصفها الحارس على أمن المجتمع الثقافي، كما هو الحال في ميادين الحياة الأخرى. لكن لو أخذنا مثالا بسيطا من الماضي القريب لوجدنا حالة البؤس التي تعيشها الثقافة في واقعنا الراهن. في سبعينات القرن الماضي كانت تصدر في دمشق صحيفة ثقافية مستقلة واحدة تحمل اسم الثقافة، مقابل غياب تام للصحف الثقافية الرسمية. حاول صاحب الجريدة بكل الوسائل الممكنة أن تحافظ على صدورها، لكنه لم يفلح ما اضطره في النهاية إلى أن يقوم بإغلاقها، لتنتهي بذلك آخر تجربة للثقافة الخاصة في سوريا. مشكلة الثقافة لم تتوقف عند هذا الحد، فقد قامت الصحف الرسمية الثلاث بتقليص صفحاتها الثقافية، وفي بعض الأحيان الاستغناء عنها، بذريعة أنها تعتمد على الاسكتتاب الذي يثقل كاهل الجريدة ماديا، وأن صفحة الثقافة تتوجه لجمهور محدود من المجتمع. كاتب سوريمفيد نجم

مشاركة :