ما جدوى إنشاء شركة للمتاجرة بالمشتقات النفطية؟

  • 8/2/2017
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

أنشأت مؤسسة البترول الكويتية قطاع التسويق العالمي عام 1981 لتسويق النفط الخام والمشتقات البترولية، بهدف تحقيق افضل عائد وقيمة مضافة من عملياتها المختلفة. ولقطاع التسويق مكاتب منتشرة حول العالم ويتمتع بمرونة تمكنه من العمل على اسس تجارية للمنافسة في الاسواق النفطية. واستطاع اقتناص حصصاً سوقية كبيرة شرقا وغربا رغم المنافسة الشديدة والشرسة مع شركات نفطية عملاقة، كما تمكن من الوصول الى اسواق صعبة في عمق القارة الافريقية لتزويد زامبيا وزيمبابوي وكذلك اصغر الجزر في المحيط الهندي مثل جزر القمر وسيشل وموريشيوس، وفي آسيا وسط جبال التبت مثل مملكة نيبال وبوتان. واستطاعت KPC في سنوات قليلة فرض نفسها كمزود معتمد للنفط وللمشتقات البترولية في السوق العالمي، وبالكاد ان تسمع عن اي مناقصة دولية تُطرح لطلب النفط لا تكون KPC مشاركة فيها. اصبح جهاز التسويق العالمي الكويتي نموذجا ناجحا يشار اليه بالبنان، وتتطلع الشركات النفطية الوطنية الخليجية للاقتداء به وتطبيق منهجيته. فقامت السعودية بانشاء شركة سمارك عام 1989 لتتولى تسويق النفط والمشتقات البترولية، بما يمكنها من منافسة شركات نفطية عالمية، ولكنها لم تستمر في عملها وتم تصفيتها عام 1993 لأسباب غير معروفة. وفي عام 2012، اعلنت السعودية تأسيس شركة ارامكو التجارية ATC ودخلت في عمليات Hedging في بورصة لندن عام 2013، ونظرا لغياب المعلومات الكافية حول هذه العمليات، فإنه يصعب تقييم نجاحها او فشلها. ولذلك فإن اي نشاط لا يمكن قياسه ولا يمكن التنبؤ بربحيته يتوجب عدم الدخول فيه، لانه يكون اقرب للمغامرة اكثر منه من تحصين عمليات الربح والمتاجرة. وأشارت أخبار صحافية إلى ان KPC تدرس اقامة شركة تجارية او شراكة Joint Venture مع احدى الشركات التجارية او مع شركات نفطية عالمية. وهذا يقودنا الى الاشارة الى تجربة شركة النفط العمانية التي تشاركت مع شركة فيتول التجارية عام 2006 الا ان هذه التجربة لم تستمر طويلا. وفي عام 2015 آلت حصة شركة فيتول البالغة %30 الى الحكومة العمانية، لأسباب غير معروفة ايضا!.. مثال آخر على شراكة شركة وطنية مع شركة عملاقة، الشراكة القائمة بين لوك اويل الروسية وشركة سومو العراقية وهي شركة Lima. سوق النفط تحدث سابقا عن شركات تجارية كبيرة، تعمل بتجارة النفط والمشتقات البترولية، اتهمت من قبل الأمم المتحدة في قضايا تهريب النفط العراقي ضمن برنامج «النفط مقابل الغذاء» عام 2004، وأخرى قامت بتزويد إيران بالمشتقات النفطية خلال فترة العقوبات عليها، وتم تغريم الشركات عشرات الملايين من الدولارات بسبب تلك المخالفات القانونية. كما اتهمت شركات أخرى بدفن مخلفات سامة في ساحل العاج عام 2006، مما جعل بعض الشركات الوطنية تحظر التعامل معها. كان لدى KPC في مطلع الثمانينات قسم صغير، يسمى التزويد التجاري، ومن مهام القسم بيع وشراء المنتجات النفطية وإبرام اتفاقيات تكرير النفط في مصافي خارج الكويت في سنغافورة، وكذلك إبرام عقود المقايضة، بمعنى بيع منتج مقابل شراء منتج آخر. وأتذكر قصة طريفة، إذ حدث تحدٍّ بين إدارة التزويد وإدارة مبيعات النفط الخام أيها يحقق عائداً أفضل، فكانت إدارة مبيعات النفط باعت عدة شحنات تسليم ميناء الأحمدي، وفي الفترة الزمنية نفسها قامت إدارة التزويد بتكرير النفط الخام الكويتي في إحدى مصافي سنغافورة، وبعد بيع المشتقات البترولية الناتجة، وخصم تكلفة النقل من الكويت إلى سنغافورة، وخصم تكلفة الخزانات، وخصم تكلفة التكرير، تبيّن الفارق بحدود 15 سنتا للبرميل أعلى من مبيع النفط خاما من الكويت، مما شجع الإدارة العليا على زيادة كمية النفط الخام المخصصة للتكرير في الخارج على حساب الكميات المقدرة لإدارة مبيعات النفط الخام. القصد من ذكر هذه المعلومة أن نشاط المتاجرة ليس بجديد على أعمال قطاع التسويق العالمي، وتتطلب المتاجرة توفر خزانات في مراكز تكرير النفط العالمية أو استخدام سفن كبيرة كخزانات عائمة، بهدف الشراء بأرخص الأسعار، ومن ثم بيعها عند ارتفاع الأسعار، مع الأخذ بالاعتبار تكاليف التخزين والتأمين، وغيرها من المصروفات التشغيلية، من حيث قابلية تعديل بعض المواصفات وفق متطلبات المشتري أو العميل التجاري. وحقيقة، امتازت بكل حرفية شركتا فيتول وجلينكور في هذا المجال عن غيرهما من الشركات التجارية الأخرى. شركة إكسون موبيل، أكبر شركة نفط في العالم، أمضت ما يقارب السنة وهي تدرس إنشاء إدارة للنشاط التجاري.. إدارة وليس تأسيس شركة كما تنوي KPC في غضون 6 أشهر! ولم تتخذ قرارا بعد، فلماذا الاستعجال في اتخاذ القرار؟ لماذا لا تبدأ KPC بإنشاء إدارة للتزويد التجاري مثلا؟ ولماذا تريد المؤسسة الاستعانة بشركات أجنبية، بينما لدينا شركة تجارية كويتية معروفة أسسها بعض القياديين السابقين عام 1975، هي المجموعة البترولية المستقلة IP؟ هذه الشركة تعمل بتجارة النفط والمشتقات البترولية في مختلف أنحاء العالم، وما زالت تحقق النجاحات في أسواق سنغافورة وأفريقيا، برأسمال لا يتعدى 55 مليون دولار؟ فلماذا لا تستفيد المؤسسة من تجارب هذه الشركة أو تدخل معها في شراكة تجارية بنسبة معينة؟ فلطالما أبدى قياديو المؤسسة اهتمامهم بالقطاع الخاص وتشجيع الفرص الواعدة. أي من هذه النماذج التي ذكرناها أقرب وأفضل للمؤسسة؟ ما الأمر الذي يتطلبه لشركة تجارية كي تنجح؟ إننا نرى نفس الأهداف ونفس المهام، لكن تحقيق النجاح يرتبط بحسن الإدارة وأخلاقيات العمل، ومدى الخبرة العملية في ذات المجال؟ إن فكرة إحياء النشاط التجاري هي فكرة جيدة، كما أن التعامل التجاري يتطلب التخلي عن تقديم الدعم لشركات تابعة. ونسأل: هل لدينا إدارة ناجحة لها إنجازات حقيقية؟ عبدالحميد العوضي (خبير متخصص في تكرير وتسويق النفط)

مشاركة :