العوضي لـ «الراي»: قطبة مخفية وراء قرار إنشاء شركة للمتاجرة بالمشتقات النفطية - اقتصاد

  • 9/5/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في العام 1981 قامت «مؤسسة البترول» بإنشاء قطاع التسويق العالمي بغية تسويق النفط الخام والمشتقات البترولية في الأسواق العالمية، وذلك بهدف تحقيق أفضل العوائد من عملياتها كافة. ومن المعروف أن قطاع التسويق العالمي يمتلك مكاتب منتشرة في العديد من دول العالم، ولكن اللافت أن المجلس الأعلى للبترول أقرّ قبل أسابيع قليلة إنشاء شركة خارج الكويت لتداول المنتجات البترولية، وذلك رغم النجاحات الهائلة التي حققها قطاع التسويق العالمي في «مؤسسة البترول». وقد أثار القرار المذكور استغراب واستهجان العديد من الخبراء والمحللين النفطيين، الذي اعتبروا أن ثمة «قطبة» مخفية وراء إنشاء مثل هذه الشركة، التي لم تتضح الكثير من معطيات الخاصة بها، وبماهية وطريقة عملها. وفي هذا الإطار، رأى الخبير النفطي عبدالصمد العوضي، أن الشروع بإنشاء شركة لتداول المنتجات البترولية خارج الكويت، خطوة غريبة جداً، لا بل هي غير مفهومة على الإطلاق. وفي تصريح لـ «الراي» أكد العوضي أن القرار «المريب» بتأسيس مثل هذا الكيان ليس منطقياً، لاسيما وأن «مؤسسة البترول» بغنى عن الدخول في مضاربات نفطية ضارة قد تكون لها انعاكسات سلبية على قطاع النفط المحلي. ورأى العوضي أن «هذه الخطوة ستجلب مشاكل تسويقية، إذ إن (مؤسسة البترول) تقول إنها ستستخدم الآليات الموجودة التي تستعملها الشركات العالمية التجارية، وهي (التحوّط والمضاربات) ونحن في الكويت في غنى عنها، وليست من صلب عمل (المؤسسة)، وإذا كانت (المؤسسة) لا تنوي ولا تعتزم القيام بذلك فلماذا تسعى لإنشاء شركة لتداول المنتجات؟». وفي حين تساءل العوضي مراراً وتكراراً عن الغاية والسبب الحقيقي لإنشاء مثل هذه الشركة، توقف مطولاً عن مسألة وجودها خارج البلاد، محذراً من أن تداعيات سلبية وغير محسوبة قد تنجم عن مثل هذا التوجه، داعياً المسؤولين في الكويت من وزراء ونواب إلى متابعة حقيقة إنشاء شركة خارج الكويت لتداول المنتجات النفطية، مجدداً التساؤل عن المستفيد من إنشاء مثل هذه الشركة والدخول في مغامرة غير محسوبة، وقد تكون لها انعكاسات سلبية على القطاع النفطي برمته. وأشار العوضي إلى أن العديد من الشركات التجارية الكبيرة التي تعمل بتجارة النفط والمشتقات البترولية، اتهمت من قبل المنظمات والمؤسسات الدولية وفي مقدمها الأمم المتحدة في قضايا تهريب النفط العراقي ضمن برنامج «النفط مقابل الغذاء» عام 2004، وأخرى قامت بتزويد إيران بالمشتقات النفطية خلال فترة العقوبات المفروضة عليها من الغرب، فضلاً عن تغريم عشرات الكيانات المماثلة والمشابهة عشرات ملايين الدولارات نتيجة ارتكابها مخالفات قانونية. وأوضح أن حدوث هذا الأمر ليس مستبعداً، خصوصاً وأن الشركة ستكون بعيدة عن الرقابة الداخلية لـ «مؤسسة البترول»، وبالتالي فإن استغلالها في أنشطة «غير مشروعة» قد يكون مرجحاً ووارداً جداً. ودعا العوضي كل من وزير النفط، والمجلس الأعلى للبترول، ومؤسسة البترول إلى مراجعة هذا القرار والعودة عنه، متسائلاً «هل تم أخذ رأي جهات اقتصادية استشارية وقانونية قبل الشروع في مثل هذه الفكرة؟». وإذ أكد العوضي أن عشرات الشركات العالمية أفلست بفعل دخوله مجال المضاربات غير المحسوبة، ذكر أن أمام «مؤسسة البترول» العديد من السيناريوات «الرصينة» لتسوق إنتاجها بما لا يضر بسمعتها ومكانتها العالمية. كما أوضح أن الكويت لا تعاني أساساً من أي مشاكل في تسويق نفطها أو منتجاتها، لاسيما وأن إنتاجها لا يزيد على 3 ملايين برميل يومياً، ووبالتالي فهو ليس كبيراً وضخماً على غرار دول مثل المملكة العربية السعودية أو روسيا التي يتخطى إنتاجها عتبة الـ 10 ملايين برميل يومياً. وأردف العوضي «ثمة خلل بالقرار من أساسه، إذ لا يجوز ولا يعقل لـ (مؤسسة البترول) أن تنشئ شركة تنافس الشركة الأم، وهذا عمل غير منطقي، كما أن الكويت وبعد الانتهاء من بناء مصفاة الزور ومصفاة الدقم، إضافة إلى مصفاتي الأحمدي، وميناء عبدالله القائمتين سيكون إجمالي حجم المنتجات فيها 900 ألف برميل يومياً، فهل عجزت «مؤسسة البترول» اليوم عن تسويق هذه الكميات؟ علماً أنه في نهاية الثمانينات كانت الكويت تصدّر مليون برميل يومياً، فهل اكتشفت القيادة النفطية الحالية عجز التسويق العالمي عن تسويق 100 ألف برميل يومياً من مصفاة الدقم؟». وبينما جزم بأن «مؤسسة البترول» ومن خلال تأسيس شركة في الخارج لتداول المنتجات البترولية، مقبلة على تغيير جوهري في عمليات وسياسة التسويق العالمي، أكد العوضي أنه ينبغي إشراك العاملين في قطاع التسويق ومعرفة رأيهم في هذه الخطوة، لأن حجة «المؤسسة» يجب أن تكون قوية ومقنعة حول غايات وأهداف إنشاء الشركة. وقال العوضي «ينبغي أن تعرف الجهات المعنية، ولا شك أنها تعرف أن طبيعة العمل في الشركات التجارية تختلف تماماً عن طبيعة عمل الشركات الوطنية، لذا فإن الأمر المستغرب والمريب في الوقت نفسه كيف تم اتخاذ قرار بالموافقة على إنشاء شركة لتداول المنتجات خارج الدولة بين ليلة وضحاها!». وحذّر العوضي من أن قيام مثل هذه الشركة ستكون له نتائج مخيبة للعاملين، على اعتبار أن «مؤسسة البترول» أوصلت رسالة مباشرة أو غير مباشرة إلى القياديين والموظفين الموجودين في قطاع التسويق العالمي بأن أداءهم ليس جيداً، وهو ما يجافي الوقائع على الأرض، وبالتالي فإن ضرر هذه الشركة أكثر من نفعه (إن وُجد). وأضاف «لقد استطاع قطاع التسويق العالمي اقتناص حصص سوقية كبيرة شرقاً وغرباً رغم المنافسة الشديدة والشرسة مع شركات نفطية عملاقة، كما تمكّن من الوصول إلى أسواق صعبة في عمق القارة الأفريقية لتزويد زامبيا وزيمبابوي، وكذلك جزر القمر، وسيشل، وموريشيوس، وفي آسيا وسط جبال التبت مثل مملكة نيبال وبوتان. واستطاعت (مؤسسة البترول) عبر هذه الذراع المهمة والفاعلة (قطاع التسويق) فرض نفسها كمزود معتمد للنفط وللمشتقات البترولية في السوق العالمي». فرق كبير بين التسويق والتداول لفت العوضي إلى أن هناك فارقاً كبيراً بين التسويق والتداول، مبيناً أن التسويق المتبع لدى الشركات الوطنية هو استعمال الآليات التي تنشر يومياً في السوق النفطي، والتي توضح أسعار النفوط والمنتجات البترولية، أما تداول المنتجات والمتاجرة بها، فيعتمد على الشراء بسعر منخفض والبيع بسعر مرتفع بغية تحقيق الربح، لكن هذه العملية ليست مضمونة، خصوصاً في ظل تذبذب أسعار النفط والتوجه إلى التحوط غير المنطقي، فتارة يكون إيجابياً، وتارة أخرى يكون سلبياً، وهو عمل أشبه بـ «المقامرة».

مشاركة :