العين:هديل عادل تتميز شجرة النخيل بارتباطها بهوية ومفردات البيئة الإماراتية المحلية، وبكرمها وعطائها الوافر الذي يكمن في ثمارها ومخلفاتها، وفي الإمارات حيث تكثر مزارع النخيل، تبذل الدولة جهوداً كبيرة لتشجيع المواطن على الإكثار من زراعتها، لزيادة الدخل المادي للفرد بجنيه للتمور وبيعها، ولكن تبقى مخلفات النخيل إذا لم تستثمر عبئاً على أصحاب المزارع والدولة وأيضاً البيئة، نظراً إلى تكاليفها العالية سواء بحرقها أو طمرها، وما يرافق ذلك من مشاكل، وتؤكد الدراسات العلمية والميدانية أن هذه الشجرة الكريمة ستكون أكثر كرماً بما ستعطيه من مخلفاتها، إذا استثمرت في مشاريع صناعية، وهذا ما أكدته تجربة مشروع تدوير مخلفات أشجار النخيل في واحات العين، الذي قام به قسم مكافحة الآفات الزراعية في البلدية، والتي نرصدها كأحد المشاريع الرائدة في دعم استراتيجية الاستدامة التي أقرتها حكومة أبوظبي ضمن خطة 2030. يتحدث المهندس أحمد علي، رئيس قسم مكافحة الآفات الزراعية ببلدية مدينة العين، عن مشروع تدوير مخلفات أشجار النخيل، قائلاً: «تقوم الفكرة على الاستفادة المثلى من كميات المخلفات الزراعية لأشجار نخيل التمر، نظراً إلى وفرتها وقيمتها النفعية، حيث يصل إجمالي عددها بواحات مدينة العين إلى قرابة 170 ألف نخلة، يتوقع أن تصل كمية مخلفاتها إلى نحو 9 أطنان سنوياً، ومن هذا المنطلق عملت البلدية على تحفيز استخدام أفضل الممارسات البيئية في هذا المجال لتحقيق مخرجات يمكن الاستفادة منها، حيث أن استثمار تلك المخلفات يدعم استراتيجية الاستدامة، التي أقرتها وتعمل بها حكومة أبو ظبي حتى 2030، والتي تعنى بالمحافظة على البيئة بعدم حرق المخلفات أو طمرها، لما يسببه ذلك من مشاكل تتعارض و اللوائح والقوانين التي يُعمل بها على نطاق عالمي، وتلتزم بها دولة الإمارات». ويضيف: «تساهم عملية إعادة استخدام وتصنيع المخلفات الزراعية لأشجار النخيل في تقليل تأثيرها وتراكمها على البيئة، وتتم هذه العملية عن طريق تصنيف وفصل تلك المخلفات على أساس المواد الخام الموجودة بها، وتضم السعف والجذوع والكرب بخلاف معاملات زراعية مثل الحشائش والشجيرات، ومن ثم إعادة تصنيع كل مادة على حدة لتتحول إلى منتجات قابلة للاستخدام، والهدف الأساسي لهذه العملية هو تقليل حجم النفايات، والمحافظة على البيئة بعدم اللجوء إلى الحرق، وتقليل الانبعاثات الحرارية الناتجة عن عمليات حرق إن تمت، و يعتبر التدوير من أهم عوامل نجاح المكافحة المتكاملة للآفات التي تصيب أشجار النخيل، مما يعزز من قيمتها الجمالية والسياحية مع الحفاظ على الطابع التراثي للواحات، ومن جانب آخر يعمل هذا المشروع على الاستثمار في الصناعات التراثية و تشجيعها، والحفاظ على الهوية الوطنية لارتباط شجرة النخيل ومنتجاتها بهوية ومفردات البيئة المحلية».ويوضح المهندس أحمد، مصادر المخلفات في المشروع والمستفيدين منه، قائلاً: «اعتمدنا في الحصول عليها من نواتج عمليات التكريب والخلابة والجذوع الناتجة عن الجفاف والتساقط، ومن الجهات المستفيدة من هذا المشروع بلدية مدينة العين، حيث يدعم دورها في تقليل تأثير هذه المخلفات وتراكمها على البيئة، بالإضافة إلى الاستفادة من تدويرها في تجميل المرافق التابعة لها، ويشجع أيضاً هذا المشروع المزارعين على زيادة أعداد أشجار النخيل في مزارعهم، طالما أن المردود المادي من هذه الشجرة لن يقتصر على تمورها، وسيشمل مخلفاتها التي ستكون مصدراً آخر مضافاً لدخلهم، وهذا ما تسعى له حكومة الإمارات ضمن رؤيتها في زيادة المساحات المزروعة بالنخيل، ويعتبر مركز أبوظبي للنفايات شريكاً استراتيجياً لهذا المشروع، بالإضافة إلى بعض الشركات الخاصة والتي تعمل في مجالات التصنيع المختلفة».وعن المنتجات التي يمكن الحصول عليها من مخلفات النخيل، يقول: «تنقسم إلى استثمارات صناعية وأخرى تراثية، ويتمثل الأول في إعادة تدوير مخلفات أشجار النخيل لتوفير المادة الخام لصناعة السماد العضوي، نظراً لكمية المخلفات الكبيرة المتوقع إعادة تدويرها بالطحن والفرم، وتوفير المادة الخام للصناعات المختلفة الأخرى مثل الورق والألواح الخشبية والوقود الصلب والكراسي والطاولات.أما الاستثمار الثاني فيشمل الصناعات التقليدية وتضم السلال و«المكبة» و«المهفة» و«المخرافة» و«السرود» من الخوص، و الميزان وهو على شكل الميزان العادي لوزن التمور، والاستفادة من هذه المنتجات في ربط الماضي بالحاضر وإحياء التراث الإماراتي».
مشاركة :