لا جدال على أن مشاريع النقل العام الجديدة في المملكة تتطلب تضافر الجهود لانجازها في الموعد المحدد لها خلال 5 سنوات وذلك لمواجهة واحدة من أكثر الاشكاليات التى تعصف بمدن العالم المختلفة وهي الازمة المرورية الخانقة. ولا شك ان رصد الدولة ما يقارب من 200 مليار ريال لانجاز مشاريع المترو والنقل العام بين المدن الرئيسية يعكس ضخامة المشروع من جهة وجدية الدولة من جهة اخرى لاعتبارات عديدة من أبرزها أن المشروع لا تقتصر أهميته فقط على حل ازمة المرور، وانما يمتد الى تعزيز الاستثمارات في المناطق الصناعية والسكنية وبروز مدن وضواح جديدة سيتم الوصول اليها خلال زمن قياسي. ولعل من الاهم من كل ذلك هو أن نجاح هذا المشروع وانجازه في الوقت المحدد يسهم سريعا في تقليص استهلاك الوقود يوميا، ويحد من واردات السيارات من الخارج. ان الدراسات العالمية تشير الى ان الانفاق على مشاريع النقل العام يحقق عوائد عالية، كما ان لذلك التوجه اثارا ايجابية مهمة على الحد من التلوث والزحام مما يسهم في تحسين الحالة المزاجية للمواطن وبالتالي رفع مستوى الانتاجية بشكل عام. أما الاثر الاقتصادي المباشر فهو أن كل ريال واحد مستثمر في هذه المشاريع يؤدى الى عائد يصل الى 4 ريالات في الحد الادنى. ومن ناحية اخرى فان نجاح هذا المشروع قد يغرى الكثيرين للتخلص من سياراتهم الخاصة والاستعانة بهذه الوسائل السريعة في التنقل خاصة في المسافات البعيدة، وبالتالى يمكن أن نقلص من فاتورة عالية للغاية نتيجة استيراد أكثر من 700 ألف سيارة جديدة ومستهلكة سنويا. وبنجاح هذه المشاريع أيضا لن نكون بحاجة ملحة الى الشروع في تنفيذ عشرات المشاريع للجسور والكبارى في المدن المختلفة بتكاليف عالية للغاية، وللاسف الشديد قد تنتفى الحاجة لها خلال فترة زمنية قصيرة نتيجة التأخر المعتاد في الانجاز، وفي كل الاحوال يجب الاشارة الى بعض المخاوف في نهاية هذه القراءة، وفي أولوياتها، ضرورة أن يظل هذا المشروع في صدارة الاهتمامات، حيث اننا عرفنا بالحماس في البداية للمشاريع، ثم يتراجع الاهتمام بها وتزداد في المقابل تكاليف هذه المشروعات، وبذلك نخسر من جوانب مختلفة، وثمة أمر اخر حتى تنطلق قاطرة الانجاز بدون معوقات هو تسليم ارض المشروع كاملة للجهات المعنية بالتنفيذ دون معوقات بعد دراسة خطوط الخدمات بها بصورة شاملة وجذرية، أما العامل الثالث والاهم ايضا، فهو ضرورة توفير كوادر جيدة ومتخصصة للاشراف والمتابعة، وعدم الاعتراف بالمبررات الوهمية التى يطلقها المقاولون عن اسباب التأخير، فضلا عن اعداد كراسة شروط دقيقة للشركات المشاركة في التنفيذ بعد أن اصبحت شركات مقاولات الباطن معوقا رئيسيا في الانجاز لضعف الانجاز والخبرات العملية. ولنكن صرحاء؛ المشروع عملاق ويحتاج عقول واعية، والوطن مليء بها لو صدقت النوايا في البحث عنهم لقيادة هذه السفينة. * نائب رئيس لجنة النقل الوطنية في مجلس الغرف السعودية.
مشاركة :