زيارة مقتدى الصدر تثير تكهنات وتسلط الأضواء على صراع المحاور

  • 8/3/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

زيارة مقتدى الصدر تثير تكهنات وتسلط الأضواء على صراع المحاور سلام الشماع عمان – أثارت زيارة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى السعودية تكهنات عدة، وسلطت الضوء ليس على التقارب العراقي – السعودي، وإنما على استثمار دول الجوار الإقليمي لصراع المحاور الذي يحتدم في العراق، قبيل كل انتخابات عامة. ويرى سياسيون ومختصون بالشأن العراقي، تحدثوا لـ(العرب) أن الحراك الإقليمي الأخير بخصوص العراق، يأتي بدافع الحفاظ على الأمن القومي، وفي اطار صراع النفوذ بين إيران والسعودية، إذ يسعى كل منهما إلى إعادة التموضع في الحالة العراقية وفقا لمتغيرات الأحداث. لكن أبو صادق الحريشاوي، وهو أحد أعضاء التيار الصدري، يقول لـ(العرب) “إن الصدر من رجال الدين الشيعة القلائل في العراق الذين يطالبون بضرورة إقامة علاقات متوازنة مع كل دول الجوار، وأن الاتجاه العام للصدر يتمحور حول السعي إلى إزالة الفكرة المأخوذة عن العراق بأنه بلد يدور في فلك إيران”. أما بشأن الوضع الداخلي العراقي، فيتابع الحريشاوي، أن “إيران تسعى إلى تقوية شوكة الحشد الشعبي على حساب القوات التابعة للحكومة، لكن الصدر يرفض هذا التوجه وطالب مراراً بحل الحشد ودمجه بالقوات الرسمية عند انتهاء الحرب ضد داعش”. لكن مصادر سياسية في بغداد تقول: “إن السعودية تسعى من زيارة الصدر هذه إلى دور إيجابي له في ملف الاحتجاجات المتصاعدة بمحافظة القطيف وبلدة العوامية، إذ يحظى الصدر هناك بشعبية جيدة، مؤكدة أن دعوات مماثلة وجهتها السعودية إلى “شخصيات شيعية، سياسية ودينية، مثل عمار الحكيم وجواد الخالصي وهمام حمودي، لكن من غير المعلوم ما إذا كانت ستلبي هذه الشخصيات الدعوة أم لا”. يرى أستاذ العلاقات الدولية قيس النوري أن من الخطأ تحليل أبعاد أي حراك سياسي أو نشاط دبلوماسي من دون الرجوع إلى الأهداف العامة المتوخاة من الدول المنغمرة تجاه دولة أو منطقة من مناطق العالم، منوهاً إلى أن فهم الحراك الإقليمي الأخير بخصوص العراق يستوجب تأشير توجهات اللاعبين الأساسيين (الولايات المتحدة ــ السعودية ــ إيران). ويقول إن “الولايات المتحدة أكملت الصفحة الأولى من أهدافها بالاحتلال المباشر وتدمير البنى الارتكازية ونزع عناصر قوة العراق العسكرية والاقتصادية وشرذمة القوة المجتمعية، لتشرع الان في البدء بالصفحة الثانية، وهي الأهم بالنسبة لها، متمثلة بالاستثمار وشروطه بتوفير الاستقرار، وتحركها، الآن، محاولة لإيجاد بيئة عراقية وإقليمية تسمح بالبدء بالاستثمار”. ومن وجهة نظر سعودية، يتابع النوري، “أصبح العراق يشكل تهديداً مباشراً لأمنها الوطني في حال استمرار الفوضى وتصاعدها وتحكم الميليشيات الطائفية وتطلعها للعب دور إقليمي، خصوصاً نحو دول الخليج، وفي المقدمة منها السعودية لأسباب معروفة، وهنا توافقت الرؤية السعودية مع الأمريكان”. أما إيران فقد تحققت أولى أهدافها بنزع كامل عناصر القوة العراقية (نقطة توافق أميركي إيراني سعودي)، وهي تريد للعراق أن يكون منصة وثوب لتصدير مفاهيمها الطائفية، في الوقت نفسه، فإنها على استعداد للتوافق مع الأمريكان والسعوديين فيما يخص توفير بيئة استقرار استثماري شريطة منحها حرية الحركة على صعيد المجتمع، وهو الأكثر أهمية بالنسبة لها. ويلفت النوري إلى أن إيران تمتلك ورقة قوية في العراق، ليس فقط بالميليشيات المسلحة، التي أطرتها بالحشد الشعبي على غرار الحرس الثوري الإيراني، وإنما بعنصر فاعل وأكثر أهمية متمثلاً بالارتباط المذهبي الملزم بمراجع إيرانية، على سبيل المثال، مقتدى الصدر (لاحظ مغزى تحركه الأخير نحو السعودية) المرتبط إلزاما وشرعا بمرجعية الحائري في أي تحرك سياسي أو مذهبي، علماً أن الحائري عنصر أساسي في نظام ولاية الفقيه، مشيراً إلى أن تحرك الصدر بزيارته للسعودية لم يكن بمعزل مرجعه ورضاه، بل يفهم أن إيران تريد هي أيضا أنضاج نوع من التفاهم مع الأمريكان عبر السعوديين، وهو ما يصب في مصلحتها خصوصاً مع تزايد الضغط الأميركي عليها في موضوعات مثل تطوير الصواريخ البالستية وتدخلها في لبنان وسوريا واليمن ومن ثم زعزعتها للاستقرار في المنطقة بما يعيق البدء بالمشروع الاستثماري الأميركي الإسرائيلي الكبير في منطقة المشرق العربي، فإيران اليوم بأمس الحاجة لترميم علاقاتها مع دول الجوار المؤثرة ومنها السعودية بوابة الدخول للتفاهم مع الأمريكان . يقول دبلوماسي عراقي سابق، طلب عدم ذكر اسمه “إن توقيت زيارة الصدر للسعودية غايته تحويل اتجاهات الرأي العام عن فوضى الصراعات الداخلية بين أجنحة حزب الدعوة والانشقاقات في صفوف أحزاب ولاية الفقيه ومليشياتها في داخل العملية السياسية، والخشية من تأثير الصراعات على الانتخابات المقبلة وأن التداعيات الاخرى يمكن تفسيرها انطلاقا من هذه الاشكالية”، واصفاً ما يجري بأنه لعبة مصالح وقتية القصد منها محاولة احتواء ومقايضة. ويتابع: “في السياسات السياحية او الطقسية وفي محطات المصالح الرخيصة لا أحد يلتفت إلى البروتوكول العيون شاخصة صوب بيت المال، وأن مايجري شبيه بالمباريات الساذجة، التي ضاعت فيها الأهداف وتناءت عنها الرؤى باستثناء الظفر بالطريدة”. من جانبه، يرى الناشط السياسي فهران الصديد في تزامن كشف وزارة الداخلية العراقية عن مخطط لاغتيال السيد السيستاني وتفجير المراقد المقدسة مع زيارة مقتدى الصدر إلى السعودية بأنه وسيلة للاصطفاف الطائفي، لافتاً إلى أن ذلك تكرر مع كل انتخابات عامة جرت في العراق. ويستبعد ما أشيع عن وقوف إيران أو قطر أو كلاهما وراء زيارة الصدر إلى السعودية، ويقول إن هذه الشائعات أحد أساليب ايران برمي طعم للخليج عندما تشتد الأزمة عليها، منوهاً إلى أن الصدر سبق له أن زار السعودية في الانتخابات، عندما أحست الاحزاب الإيرانية بسقوطها، كسباً للشارع السني وللتغطية على التحالفات مع سنة المالكي وايران وكان اللاعب الرئيسي اياد علاوي الذي دائما ما ياخذ من جرف الاحزاب الوطنية تحت كذبة الوطنية، التي دائما ما تنتهي لصالح ايران بعد الانتخابات. ويقول الصديد، رداً على من اعتبر استقبال الوزير الحالي والسفير السعودي السابق في العراق ثامر السبهان لمقتدى الصدر بأنه إهانة للصدر: إن الصدر ليس لديه منصب رسمي واستقباله من السبهان طبيعي، خصوصاً وأن السبهان يمسك بملف العراق. يقول أستاذ العلوم السياسية العراقي المحاضر في إحدى الجامعات البريطانية سعد ناجي جواد إن علاقة السيد مقتدى بالسعودية قديمة، وان اختلافه مع الحكومة والأحزاب المشاركة فيها والمدعومة من إيران يجعل تياره اقرب الى السعودية، التي بدأت بسياسة جديدة تروم من ورائها استقطاب الاحزاب والشخصيات التي تمثل المذهب ذا الأغلبية في العراق، بعد ان صرفت الكثير من المال والدعم على المكون الاخر ولم تخرج بنتيجة. ويلفت إلى أن استقبال الوزير ثامر السبهان للصدر يدلل على العلاقة الطيبة بين الرجلين، والتي يبدو ان السبهان قد أقامها مع الصدر عندما كان سفيراً لبلاده في العراق، أو ربما يكون السبهان هو من رتب للزيارة والتي ستتلوها، بالتأكيد، زيارات أخرى لقيادات من المكون نفسه. ويعتبر جواد المخطط الذي أعلنته الداخلية العراقية، حول تفجير المراقد المقدسة ومسكن السيد السيستاني، خبرا للكسب الإعلامي والانتخابي، اذ لا يوجد ما يدلل عليه، مما لا يعني ان تنظيم داعش الاجرامي لا يفكر او لا يفعل ذلك، ولكن ان تكتشف المخابرات واجهزة الامن العراقية هذه المخططات ومن كان سينفذها وهي وهم مازالوا في سوريا اعتقد انها (واسعة شوية) كما يقول اخواننا المصريون. ويشير إلى أن السعودية وقطر حاولا ويحاولان كسب الحكومة العراقية إلى جانبهما، كل على حدة، مستبعداً “أن تتورط الحكومة العراقية في موقف كهذا، وذلك لتجاذب الاطراف صاحبة النفوذ في العراق، الولايات المتحدة، ايران، بعض دول الخليج، واعتقد ان السيد العبادي مع ضعفه كان موفقا في هذا المجال”. خبير أمني عراقي كان مديراً لأحد الدوائر المهمة في الأجهزة الأمنية العراقية السابقة يستبعد تماماً أن يكون هناك مخططاً لتفجير المراقد المقدسة أو اغتيال السيد السيستاني، كما أعلنت وزارة الداخلية غشية زيارة الصدر إلى السعودية، ويقول: “إن مثل هذا الخبر هدفه كسب عطف الشارع الشيعي، وفي الوقت نفسه، تصعيد في التوجهات الطائفية ورسالة غير مباشرة لتأكيد ضرورة بقاء الحشد الشعبي لحماية المراجع الشيعية والمراقد المقدسة”، معتبراً أن ذلك ليس غريباً على أجهزة وزارة الداخلية، التي بمقدورها “أن تظهر من يعترف بذلك، كما كانت تفعل في كل مرة، وما اكثر الجرائم التي قدمت من اعترف بارتكابها وبعضهم نفذ بحقهم حكم الاعدام وتبين لاحقا عدم صحتها”. ويرى الخبير الأمني أن الرسالة التي أرادت أن تبعث بها السعودية إلى إيران من استقبالها للصدر هي: “إن العرب سيقفون مع العرب ضد أطماع الفرس وان المرجعية ستبقى عربية، وأننا ندعم الصدر العربي ضد كل مليشياتكم وهذا يعني دعم التحالف الإسلامي كله والغربي أيضاً”، منوهاً إلى أن الصدر يريد أن يقول لمن يعتبرهم خطراً على وحده العراق وعلى المذهب الشيعي، والذين وصفهم بالمليشيات القذرة والوقحة، ملمحاً إلى كل أتباع الولي الفقيه: (إني أدعم العبادي في تقاربه مع العرب)، كما تأتي الزيارة رداً على تبني إيران ودعمها لقيس الخزعلي المنشق وصفعة إلى المهندس والعامري. تفسير ذلك ان كان مقتدى طلب الزيارة فلا يستبعد انه مكلف من احداهما لنقل رسالة او ليكون وسيط في تقارب وجهات النظر . أما اذا كانت الزيارة بطلب من السعودية فان ذلك يأتي ضمن تحركها وتفكيرها بمواجهة ايران من خلال تغيير مواقف مؤيديها . حيث جرى استقبال العبادي والأعرجي وزير الداخلية واللقاء مع رئيس الاركان ومن ثم مقتدى . وان كانت تفكر بذلك فهي وأهمة لان هؤلاء اذا تخلوا عن ايران لا يبقى وجود لهم او تاثير في الشارع . او حتى ربما تستهدفهم ايران ان خرجوا على توجهها . 3- محور الصدر العبادي علاوي . ولكل واحد اسبابه . علاوي صديقهم القديم قبل الاحتلال وهو لديه موقف من ايران وموضوع تقسيم العراق ويدعو لعودته للمجتمع العربي. و العبادي رئيس وزراء ولديه موقف من نوري المالكي المعادي للسعودية والداعي للطائفية وتصعيد العلاقة مع ايران والتلويح بالحشد الذي يؤكد انه مؤسسه. والصدر تعتقد السعودية ان تياره تيار عروبي فضلا عن عداءه للمالكي . ولا يستبعد الخبير الأمني أن تكون السعودية أرادت من الزيارة أن تكون رسالة مسبقة إلى الصدر بإرسال السبهان المعروف بموقفه من ايران، والحشد خصوصاً، اذا كانت الدعوة من السعودية وليس بطلب من الصدر، ولكن إذا كانت الزيارة بطلب من الصدر فمن المحتمل ان يكون السبهان قد وعد الصدر بهذه الزيارة عندما كان سفيراً في العراق لذلك من المناسب ان يكون هو في استقباله. ويؤكد أن السعودية ترمي من خلال تطوير علاقتها مع بعض الاطراف إلى إضعاف دور إيران، لافتاً إلى تصريحات الروس، التي تحدث بها وزير الخارجية الروسي عن وجود 10 قواعد أميركية على الحدود السورية، ووصفها بأنها صفعة ورسالة واضحه لاتباع إيران مفادها: “سيتم غلق الحدود.. انتهت اللعبة وتقاسمنا الأمر مع الامريكان وان دوركم انتهى” وهي، كما يقول رسالة لم يفهمها الاغبياء جيدا عندما أرسلوا المعتمد الإيراني الاول في العراق نوري المالكي إلى روسيا حتى لا يتم إحراج الايرانيين واستيضاح الأمر من الروس، الذين تعمدوا إهانة المالكي وتركه لأكثر من ساعه ينتظر وزير خارجية روسيا وليس الرئيس أو نائبه.

مشاركة :