«يقول أرسطو: صديق كل أحد ليس صديقا لأحد!» مقولة أرسطو هذه يحتاجها الكثير منا في هذا الوقت الذي اختلت فيه بعض الموازين وأصبحت بحاجة إلى إعادة ضبط عاجل: فمن وضع نفسه تحت ضغوط البحث عن رضا الناس، بمحاولة مسك العصا من النصف في كل موقف، والسعي لأن يكون صديقا لكل أحد، حتى ولو كان على حساب قيمه وأهدافه ومشاريعه يحتاج هذه المقولة! والمسؤول الذي يريد أن يرضي الجميع حتى ولو على حساب العدل والمبادئ ومصلحة الوطن الكبرى يحتاجها أيضا! كما أنه يحتاجها هو والوزارة ومجلس الإدارة عندما يجعلان أساس تقييم أداء الموظف إرضاء المستفيدين بنسبة مائة بالمائة، حتى ولو كان المستفيد متعديا ولن يرضيه الأولون والآخرون ولو اجتمعوا! ويحتاجها من لا يستطيع أن يفرق بين الخليل والأخ والصديق والزميل، فيقدم جميع أسراره لكل من يقابله أول مرة، بل وقد يعقد شراكات من اللقاء الأول، فتكون البداية: ارتحت له، والنهاية: صدمت فيه! ويظهر هذا الأمر في الجانب النسائي بصورة أكبر! ويحتاجها من يحكم على الآخرين من خلال كلام شخص واحد غير راض عنه، فقد يكون سبب عدم الرضا عيبا في المتكلم وليس المُتكلم عنه! عموما ما أكثر من يحتاجون لمقولة أرسطو، فالانغماس في السعي لحب الناس خطير ليس على الأشخاص فقط، بل حتى على المجتمعات، وقد يكون سببا في هلاكها، فمجاملة المخطئ والسكوت عن ظلمه حتى لا نخسره، ونكون محبوبين من الجميع، سيؤدي إلى دمارنا ودمار مجتمعاتنا! كما يجب أن ندرك أن هدف «كان محبوبا من الجميع» لم يتحقق سوى لخير البشر صلوات الله عليه وآله وسلم الذي جاء بالهداية والخير للبشرية، سواء في حياته أو بعد رحيله، فكيف سيتحقق لغيره؟! لذلك يجب أن نتوقف عن السعي لذلك، ويجب أن نتوقف عن كتابة «كان محبوبا من الجميع» عند رحيل الكبار من هذه الحياة، فهذه كذبة يجب أن نربأ بمن نثني عليه عنها، أو على الأقل تحديدها «كان محبوبا من الأخيار»! أما الأشرار فلن يحبوا إلا من هو مثلهم! كان أحد الكبار يقول: لا تمدحوا الرجل بأنه لا يضر ولا ينفع! فالرجل لا بد أن يضر وينفع!
مشاركة :